يحرص رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط على التعاطي مع القضايا المطروحة على الساحة اللبنانية من منطلق عدم الاختلاف مع دمشق مهما كلف الأمر، ويرفض في الوقت نفسه تصوير الأمور وكأن هناك عقدة امام ايجاد مناخ سياسي يؤمن حصانة محلية في التصدي للتحديات المترتبة على الضغوط الأميركية على سورية ولبنان اسمها البطريرك الماروني نصر الله صفير، أو مشكلة تتمثل في اداء "حزب الله"، وخياراته السياسية. وينقل نواب ووزراء في اللقاء النيابي الديموقراطي عن رئيسه جنبلاط قوله ان كل شيء قابل للحوار مع دمشق، لكن تحت سقف موقف استراتيجي بعدم الدخول في خلاف معها. ويؤكد هؤلاء ان جنبلاط في حديثه عن العلاقة السورية - اللبنانية ينطلق من موقع الحليف الحريص على إزالة الشوائب التي تحول دون تعزيزها وتطويرها من خلال اعطاء الأولوية لدور المؤسسات في البلدين لتدعيمها، وهذا ما يفسر تحاشيه تسليط الأضواء منذ الآن على الاستحقاق الرئاسي لأنه يعتبره ورقة اقليمية تتجاوز البعد المحلي وترتبط بكل التطورات المحيطة بالمنطقة. ويعتبر جنبلاط - بحسب النواب والوزراء - ان من السابق لأوانه الدخول في بازار انتخابات الرئاسة الأولى او الخوض فيها، طالما انها ترتبط بمعطيات اقليمية ودولية وبالتالي لا يجوز استدراج دمشق الى متاهات اللعبة اللبنانية الضيقة وصولاً الى حرق المراحل الخاصة بالاستحقاق. ويؤكد هؤلاء ان جنبلاط لا يمنع النواب اعضاء اللقاء من ابداء آرائهم حتى لو كانت من موقع المعارض او المعترض ايماناً منه بأن اللقاء يتميز بتعدد الآراء في موازاة وجهة نظره بأن مفتاح الاستحقاق في يد سورية. لكن رئيس التقدمي الذي يرسم لنفسه مسافة من الجميع يأخذ على معظم رموز الطبقة السياسية في الموالاة والمعارضة بأنها لم تنجح حتى الساعة في ان تتقدم من اللبنانيين بخطاب سياسي - اصلاحي لمكافحة الفساد. ويشترط جنبلاط على حد قول اعضاء كتلته المصارحة المتناهية في مخاطبة اللبنانيين ليكونوا في صورة الصعوبات التي يواجهونها "بدلاً من ان نسترضيهم ثم يكتشفون اننا لم نصارحهم بكل التوقعات". ويؤكد هؤلاء أن جنبلاط الذي تربطه علاقة جيدة بأركان الدولة يرفض ان يغرق في المجاملات في لقاءاته معهم، بل يصارحهم بانتقاداته، مشيرين الى انه لا يزال يعتقد بأن الاستحقاق الرئاسي مفتوح على كل الخيارات وأن التغيير الحكومي غير مطروح في المدى المنظور وأن اي تبديل على هذا الصعيد لن يحقق الهدف المرسوم منه، إذا بقي محصوراً باستبدال شخص وإذا لم يقترن ببرنامج على رأسه استيعاب فريق اساسي من المعارضة. ويركز جنبلاط على المعارضة التي تتحرك ضمن الدائرة التي ترعاها بكركي مقدراً للبطريرك صفير مواقفه الاحتوائية لمنع اي فريق محسوب عليه من التورط في رهانات على الخارج منذ بدء الترويج لمشروع قانون محاسبة سورية، ويشدد جنبلاط على ان البطريرك الماروني اطلق إشارات ايجابية من سورية في جولته على عدد من العواصم الأوروبية يفترض الانفتاح عليها كشرط للتأسيس لمرحلة جديدة من التعاطي معه. وفي المقابل يتصرف جنبلاط في علاقته مع "حزب الله" على اساس الدفاع عنه خصوصاً عندما تشتد الضغوط على سورية ولبنان ومن خلالهما على المقاومة، لرفضه استفراده او النظر إليه وكأنه جالية غريبة عن نسيج الحياة السياسية اللبنانية. ويرى البعض أن مواقف جنبلاط الأخيرة تحضيرية للإعلان عن برنامج عمل سياسي اكثر شمولية يأخذ في الاعتبار البعد الإقليمي للمسألة اللبنانية بما فيه تصحيح العلاقة بين لبنان وسورية باعتبارها علاقة استراتيجية.