ما الذي تبدّل في علاقة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بلقاء "قرنة شهوان" بين 7 آب اغسطس من العام الماضي و7 آب الجاري؟ وهل صحيح انه انقلب على حلفاء الأمس بعدما خاض وإياهم معركة الدفاع عن الحريات في اعقاب التوقيفات التي حصلت امام قصر العدل غداة الزيارة التي قام بها البطريرك الماروني نصر الله صفير الى الجبل؟ في الإجابة عن السؤال في ضوء اتهام لقاء "قرنة شهوان" لجنبلاط بالتخلي عنه بعدما استقوى به لتحسين موقعه في المعادلة السياسية ونال ما أراد، نقل نواب في اللقاء الديموقراطي النيابي الذي يتزعمه جنبلاط عنه تأكيده عدم تواطئه ضد "قرنة شهوان" خصوصاً انه صارح اركانه بمواقفه التي اتخذها بعد احداث الحادي عشر من ايلول سبتمبر الماضي. وأكد النواب في اللقاء الديموقراطي ان جنبلاط لم يترك حلفاءه في منتصف الطريق ليقيم تحالفات مع خصومهم من جهة وليتقارب مع رئيس الجمهورية اميل لحود من جهة ثانية، وإنما سارع في مأدبة الغداء التي اقامها عضو لقاء "قرنة شهوان" النائب بطرس حرب في تنورين بعد ايام من حوادث 11 ايلول الى مصارحة الحضور داعياً إياهم الى مراجعة المواقف آخذين في الاعتبار التداعيات الأمنية والسياسية للحوادث. ونقل النواب عن جنبلاط قوله ان المصارحة التي تكرست في الجبل من خلال الزيارة التي قام بها البطريرك صفير، وإن كانت ضرورية، فإنها محصورة بالدروز والموارنة، وبات توسيعها ضرورياً لتشمل كل اللبنانيين، لأن وليد جنبلاط لا يمثل جميع المسلمين وهناك اتجاهات سياسية مختلفة بين المسلمين لا بد من التعاطي معها والاعتراف بدورها وبنفوذها وهذا يستدعي الانفتاح عليها بفتح حوار يتناول كل القضايا المطروحة. ولفت جنبلاط - بحسب النواب - الى انه طلب صرف النظر عن البيان الذي كان اعده النائب حرب ليوزعه على الصحافيين بحجة انه لم يتوقف امام تداعيات حوادث 11 ايلول، وصيغ بطريقة تتجاهلها ومفاعيلها وكذلك اي علاقة للبنان بما يدور من حوله من متغيرات فرضتها هذه الحوادث. وأكد جنبلاط امام الحضور انه لا يتفق مع لقاء "قرنة شهوان" في امرين: الدعوة الى نشر الجيش في الجنوب وطلب انسحاب الجيش السوري من لبنان، لافتاً الى انه لم يطلب ولا مرة خروجه من لبنان. وأشار جنبلاط ايضاً الى انه دعا في حينه الى التروي وعدم استعداء سورية، في وقت كانت علاقته بدمشق غير ثابتة وتمر في مد وجزر، مؤكداً ان المنطقة بدأت تعيش تحت وطأة الزلزال الأمني والسياسي الذي ولدته حوادث 11 ايلول وأنه لا يجوز في ظل هذه الأجواء الانخراط في حملة الضغوط التي تستهدف سورية، او الموافقة على السير في حرب عدائية ضدها، وأن البعض في لبنان يخطئ اذا اعتقد ان الرياح الغربية ستهب على البلد وبالتالي لا بد من مواكبتها للنيل من سورية. وتابع جنبلاط: "لقد راهن البعض في الماضي على الرياح الغربية التي هبت على المنطقة مع بدء الحوادث الدامية في لبنان، وتبين له ان الولاياتالمتحدة الأميركية تستخدم هذا البعض لحماية مصالحها لكنها سرعان ما تتخلى عنه فور بلوغها ما تتطلع إليه، من هنا علينا اخذ العبر من الماضي، "وإذا كان لدى البعض تباين في تحديد طبيعة العلاقات اللبنانية - السورية، فأنا أنصح بالحوار وعدم إشعار دمشق بأنها مستضعفة وبأن الفرصة اصبحت سانحة للوصول الى ما نريد". وأكد جنبلاط - استناداً الى اقوال النواب - انه ليس في وارد العودة الى الماضي والسعي للتأسيس لحرب جديدة، وأن مخاوفه على هذا الصعيد، تدفعه باستمرار الى تغليب لغة الحوار على لغة العنف وإلى وجود امكان للقاء مع "قرنة شهوان" في منتصف الطريق، لكن هناك من ضغط على اللقاء للسير في طريق آخر في اشارة الى مواقف العماد ميشال عون. وأوضح جنبلاط انه لم يكن رافضاً للحوار وأنه كان ولا يزال يراهن على تيار الاعتدال في اللقاء الذي يمثله بشكل رئيس حزب الكتلة الوطنية وعدد من النواب وعلى رأسهم نسيب لحود لكن البعض اخطأ اثناء الانتخابات الفرعية في المتن الشمالي وبدلاً من ان يجر عون الى موقعه، "فوجئنا بأنه استسلم له بالمعنى السياسي للكلمة". ورداً على سؤال قال جنبلاط - ودائماً بحسب النواب - انه كان ولا يزال يدعو الى قيام حوار مفتوح بين اللقاء ودمشق وبين الأول والأطراف اللبنانية الأخرى وأن يكون رئيس الجمهورية اول من يرعى هذا الحوار. "لكن البعض اعتقد، وهو على خطأ، بأنه سينجح في استحضاري الى صفه ليستقوي بي في الحوار مع سورية، وبكلام آخر لابتزاز القيادة السورية التي اعطت اشارات ايجابية لمسؤولين سوريين للتواصل مع واحد من ابرز رموز اللقاء". ورأى أن اللقاء اخطأ عندما وافق على حضور بعض اركانه المؤتمر الماروني العالمي في لوس انجليس، "ولو غاب عنه لكنا في غنى عن الإرباك الذي ساد الساحة اللبنانية بسبب المقررات التي اصدرها". وكشف جنبلاط النقاب عن انه شجع على عقد اجتماع بين الحزب التقدمي وأحد رموز اللقاء لصوغ مسودة مشروع سياسي تحاول التوفيق بين مطلب السيادة وبين المصالح السورية في لبنان، لكنه لم يعقد وعزا السبب الى ان تمادي البعض في العداء لسورية لا يشجع على اطلاق هذه المبادرة لتأخذ طريقها الى حيز التنفيذ. وختاماً ابدى جنبلاط معارضته لإحالة بعض وسائل الإعلام المرئية على القضاء وقال ان مهرجان انطلياس الذي اقامه انصار عون اظهر للعيان ان اللقاء لا يعمل على موجة واحدة وأن هناك بعثرة في صفوفه، وبدلاً من التقاط الفرصة للتواصل مع تيار الاعتدال، فجاءت الإحالة لتعيد توحيد الصفوف. الى ذلك، يلتقي بعد غد الاربعاء جنبلاط، بدعوة من الوزير فؤاد السعد، وزير الصحة سليمان فرنجية في حضور وزراء ونواب اللقاء الديموقراطي. وعلمت "الحياة" ان اللقاء سيخصص للبحث في عناوين الوثيقة السياسية التي سيناقشها اللقاء النيابي التشاوري في اجتماعه المقبل في 27 آب.