استعاد مكتب التنسيق الجامعي في القنصلية الأميركية في جدة نشاطه قبل أيام من الاعتداء على "مجمع المحيا" في الرياض، وبعد إغلاق دام قرابة الثمانية أشهر، وعزاه المسؤولون الاميركيون في حينه إلى عدم توافر موظف مناسب بعد انتهاء عقد الموظف السابق. إلا أن إعادة فتح المكتب لم تسهّل تسجيل الطلاب السعوديين في الجامعات الأميركية. فالطلاب يواجهون الكثير من المضايقات، والقنصلية لا تمنح التأشيرات بسهولة، إذ تصل مدة اصدار تأشيرة طالب لما يزيد عن الثمانية أسابيع. وفي بعض الأحيان تواجه التأشيرات بالرفض. لم يستطع الطالب عبدالعزيز العيد اكمال السنتين المتبقيتين من دراسته إدارة الأعمال بسبب عدم تجديد تأشيرة الدخول الى الولاياتالمتحدة، ما دفعه الى البحث عن جامعات أخرى في الدول الأوروبية تحتسب له المواد التي اتم دراستها. واستطاع التسجيل في احدى الجامعات السويسرية. يقول العيد: "تعرضنا للكثير من المضايقات أثناء وجودنا هناك من بعض الطلبة الاميركيين، إضافة إلى منعنا من مواصلة سنواتنا التعليمية لدى عودتنا إلى السعودية في العطلات الفصلية". ويشير إلى أن ذلك دفع بالكثير من الشباب الى البحث عن جامعات بديلة". وعن امكان عودته الى جامعته السابقة، يقول: "لا أعتقد أنني سأرجع، فقد رتبت كل الأمور للسفر إلى سويسرا لاستكمال الدراسة هناك بعيداً من المضايقات التي تمارس ضد الطلبة العرب عموماً، والسعوديين والخليجيين على وجه الخصوص". ولم يكن الوضع أفضل بالنسبة الى ندى الناصر التي تعد رسالة الماجستير في الاقتصاد. فقد صرفت النظر عن معاودة الاتصال بالقنصلية الأميركية لطلب التأشيرة التي لاقت الرفض أكثر من مرة. وتوضح أنها قررت اكمال الدراسات العليا في الخارج، "ولعل أميركا كانت قبل أحداث 11 أيلول سبتمبر ملاذ معظم الطلاب السعوديين، إلا أن الحال تغيرت في الوقت الراهن". وتشير إلى أن "التأشيرة التي كانت لا تستغرق أكثر من يومين في السابق، أصبحت الآن تأخذ شهوراً عدة ليكون مصيرها النهائي الرفض". هذا الوضع جعلها تبحث عن البدائل التي تناسب طموحاتها العلمية، وتتخلى عن الحلم بمواصلة الدراسة في أميركا: "اعتقد أن الحصول على درجة الماجستير ممكن من بلدان كثيرة اخرى". وتذكر الناصر، كما غيرها من الطلاب، في هذا السياق كندا وبريطانيا ولبنان ومصر والأردن. وفي موازاة البحث عن جامعات بديلة، تزايد عدد الطلاب الراغبين في اكمال دراستهم "عن بعد"، باعتبارها طريقة توفر في الوقت والجهد من جهة، وتقلص الكلفة من جهة أخرى. شيرين محمد اختارت الانتساب الى جامعة تدرِّس عن بعد، مستخدمة الانترنت وشرائط الفيديو. وتشير محمد الى ان الشهادة التي ستحصل عليها موثقة من القنصلية البريطانية او الاميركية من دون عناء السفر. محمد السعيد اختار المعاهد السعودية التي تعمل بنظام التعليم عن بعد: "بعد الانتهاء من الثانوية العامة كان الاتفاق مع والدي على السفر إلى الخارج لإكمال دراستي الجامعية، إلا أن الظروف والمتغيرات الدولية حالت بيني وبين تحقيق هذه الرغبة". ووجد محمد أن الانتساب إلى المعاهد المنتشرة داخل السعودية والتي تمنح شهادات من الجامعات الأجنبية، ليست سيئة، "بل على العكس فهي تمنحك الخيارات المتعددة وفي الأقسام التي تناسب ميولك العلمية". ويضيف: "استكملت دراستي الجامعية بهذه الطريقة خصوصاً أن الشهادة موثقة ومعترف بها". ويبقى لدى بعض الشباب طموح مواصلة الدراسة في الجامعات الغربية، إلا أن الجامعات الأميركية لم يعد لها النصيب الأكبر منه لمصلحة الجامعات الأوروبية. ويوضح خبير البرامج التطويرية في "معهد الخبراء" الدكتور شريف البلتاجي، أن "هناك خفضاً يصل إلى 50 في المئة في الطلب على الدراسة في الجامعات الأميركية أو حتى الانتساب اليها"، مضيفاً أن الجامعات البريطانية تجد اقبالاً من الطلبة العرب والسعوديين على حد سواء. وعن امتحان الجدارة اللغوية. ويضيف البلتاجي: "كان هناك "التوفل" الأميركي إلا أنه حتى هذه الدراسة ستستبدل خلال سنتين بنظام I.E.L.T.S وهو معترف به في كل الجامعات العربية والأجنبية". إلى ذلك تؤكد الملحق التعليمي في القنصلية الأميركية في جدة هناء حبال أن أسباب توقف المكتب عن مزاولة مهماته في الفترة الماضية كانت متعلقة بأسباب توظيفية بحتة، إذ انتهت مهمات الموظفة السابقة في السعودية وعادت إلى موطنها الأصلي، وحلت هي مكانها وباشرت استقبال الطلبات والاستفسارات الخاصة بالتعليم في الجامعات والمعاهد الأميركية. وتقول إنه منذ معاودة النشاط تتلقى السفارة ما بين 7 إلى 11 طلباً للحصول على "تأشيرة طالب"، عدا الاتصالات التي يتم الرد عليها في شكل مباشر، خصوصاً المتعلقة بدراسة "التوفل". أما بالنسبة الى الرفض الذي يواجه به الكثير من التأشيرات المقدمة، فتوضح: "لم تعد المسألة بالسهولة السابقة. فقد كانت التأشيرة تستغرق قبل أحداث 11 أيلول يومين فقط، إلا أنها تصل الآن إلى الثمانية أسابيع، ولعل هذا التأخير يرجع إلى المكتب الرئيس في واشنطن، فالقنصلية هنا دورها ينتهي عند الرد على الأسئلة المتعلقة بالدراسة هناك، والأنظمة التي تتعلق بالدراسة، وأسماء الجامعات وتخصصاتها ليقوم الطالب في النهاية بتقديم الطلب في حال الرغبة بالالتحاق بإحدى الجامعات الأميركية للحصول على التأشيرة".