دعت ندوة "إدارة الاقتصاد الخليجي في ظل الأزمات الدولية، التي عقدت اخيراً في إمارة عجمان الى التعامل مع التحديات التي تعوق اندماج اقتصادات دول مجلس التعاون في الاقتصاد الدولي. وأوصى المشاركون في الندوة بتحرير اكبر لاقتصادات المنطقة واعطاء دور أكبر للقطاع الخاص وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر للدخل والاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية. كما دعا المشاركون الى ضرورة وضع استراتيجية لحماية اقتصادات الخليج من الأزمات الاقليمية والدولية. قال محمد عبدالله الملا الأمين العام لاتحاد غرف دول مجلس التعاون ان الاتحاد شكل أخيراً لجنة من أمناء ومديري الغرف والاتحادات الأعضاء للتعاطي مع هذه الأزمات، وباشرت اللجنة أولى مهماتها المتمثلة في إعداد استراتيجية للتعامل وتبنيها مع آثار الأزمات العالمية والاقليمية على دول المجلس ومحاولة التصدي لتداعياتها والتعامل معها بالسرعة والموضوعية المطلوبتين. ولفت الى ان الاستراتيجية الجديدة تستند على دعامتين أساسيتين الأولى هيكلية بعيدة المدى، تتعلق بضرورة العمل على تطوير أداء الغرف الخليجية في خدمة مؤسسات وشركات القطاع الخاص وزيادة كفاءة هذا الدور واعطائه المرونة الكافية للاستجابة لاحتياجات القطاع الخاص الخليجي. فيما تتعلق الثانية بكيفية قيام الغرف بأداء عملها أثناء الأزمات الاقتصادية وغيرها لتقليل انعكاساتها السلبية على الأداء الكلي للاقتصاد بصورة عامة وعلى أداء شركات ومؤسسات القطاع الخاص الخليجي بصفة خاصة. واشار الى ان حال عدم توازن النظام الاقتصادي القائم، يجعلنا ندعو إلى نهج ايجابي لترجيح المكاسب والحد من السلبيات، وذلك من خلال الايمان أن التغيير بصورة عامة والأزمات بصورة خاصة، لا يمكن الهروب منها بل يجب توقعها ومجابهتها والتكيف معها والاستفادة من دروسها ليكون التغيير مستمراً وإلى الأفضل. ودعا الملا الى مواصلة الجهود المبذولة خصوصاً في مجالات الاصلاح الاقتصادي، لأن قوة الاقتصاد ومتانته هما خط الدفاع الأول في مواجهة الأزمات العالمية والاقليمية. ويتطلب الاصلاح الاقتصادي مشاركة كل الفعاليات الاقتصادية العامة والخاصة على السواء، ليس فقط في تنفيذ سياساته بل أيضاً في وضع توجهاته وأطره وسياساته. كما يتطلب أيضاً تغليب المصلحة الوطنية والمصلحة الوحدوية الخليجية على المصالح الخاصة الضيقة. وكان الملا يتحدث امام ندوة "إدارة الاقتصاد الخليجي في ظل الأزمات الدولية" التي عقدت في عجمان والتي افتتحها حاكمها الشيخ حميد بن راشد النعيمي، مؤكدا إن هناك تحديات كثيرة تواجه الاقتصادات الخليجية تتعلق بمدى قدرتها على الاندماج في المحيط الاقتصادي العالمي والمنافسة بقوة على الساحة الدولية في ظل تسارع مسيرة العولمة وما يصاحبها من تحرير للتجارة العالمية وتعاظم دور الشركات الدولية متعددة الجنسية. وأكد الشيخ حميد النعيمي في كلمته ان دولة الإمارات تبذل جهوداً كبيرة لمواجهة تلك التحديات. وذلك بانتهاج سياسة الاقتصاد الحر وتهيئة المناخ السياسي والاقتصادي المستقر وتشجيع جميع المستثمرين وتأمين كل التسهيلات، لافتاً الى ان الامارات تعمل في الوقت نفسه على حماية الحقوق واعتماد اجراءات ادارية مرنة، وخلق مناخ مناسب للاستثمار على رغم تقلبات الأوضاع الاقتصادية والمالية العالمية. ودعت ورقة شركة "الملاحة العربية المتحدة" حول الأزمات الاقليمية وانعكاسها على النقل البحري الخليجي التي قدمها عسكر سعود الرشيدي مدير بحوث العمليات في الشركة إلى الاهتمام بالصناعات الوطنية وتقليل الاعتماد على الاستيراد من الخارج لتلافي ارتفاع الاسعار في الأزمات. كما دعت الى الاهتمام بالشركات الملاحية الوطنية ودعمها لتحقيق المنافسة لتؤدي دورها في الأزمات. وأوحت بوضع خطط على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي لتطوير النقل المتعدد الوسائط. وشددت على ضرورة دراسة فكرة إنشاء شركة أو صندوق لإعادة التأمين على الاساطيل البحرية الوطنية على غرار الصندوق العربي لتأمين اخطار الحرب. وذلك لمواجهة الزيادات الكبيرة في التأمين التي تفرضها الشركات العالمية. ودعت الى تهيئة المعدات والأرصفة بالموانئ العراقية والموانئ المحيطة والقريبة من العراق للمساهمة في إعادة إعمار العراق. وقال الرشيدي يجب ان تكون للشركات الملاحية الوطنية حصة في نقل معدات مشاريع إعادة إعمار العراق. وقال خليفة محمد المويجعي رئيس غرفة تجارة وصناعة عجمان: "الاقتصاد الخليجي، كغيره من اقتصادات التكتلات العالمية والاقليمية، يواجه التحديات الناجمة عن الأزمات العالمية، ولا بد من التفاكر والحوار حولها من قبل أهل الاختصاص للمساهمة الفاعلة في وضع الاستراتيجيات المستقبلية والتخطيط الواعي لمواصلة السير الحثيث باقتصادنا نحو التقدم والازدهار". وذكرت ورقة عمل الأمانة العامة لاتحاد غرف مجلس التعاون الخليجي التي تناولت آثار الأزمات في أسواق النفط العالمية في اقتصادات دول المجلس وقدمها عبداللطيف المقرن المستشار الاقتصادي في الأمانة العامة، ان مسألة النفط والاعتماد عليه في دول المجلس ذات اثر عميق ومتشعب يمس كل مناحي الحياة الاقتصادية بصورة مباشرة أو غير مباشرة. وتأتي المشكلات المصاحبة للاعتماد على النفط في دول المجلس في ناحيتين، الأولى، عدم الاستقرار في أسواق النفط العالمية وتذبذب اسعاره بصورة حادة احياناً صعوداً وهبوطاً، أما الناحية الثانية فتنبع من خاصية النفط كمورد آيل للنضوب غير متجدد الأمر الذي يستدعي الاستخدام الأمثل والفعّال لايراداته وتقليل الاعتماد عليه في المدى الطويل. وأكد عبدالعزيز بن عثمان بن صقر رئيس مجلس ادارة مركز الخليج للأبحاث في ورقة عمل حول الصراعات الاقليمية وانعكاسها على اقتصادات دول مجلس التعاون، ان الصراعات الاقليمية تركت آثاراً سلبية بدرجات متفاوتة على اقتصادات دول المجلس، لكن لا يمكن القول ان هذه الصراعات هي المسؤولة بمفردها عن تعثر دول المجلس في انجاز تنمية حقيقية انطلاقاً من الطفرة النفطية، وقال ان هناك عوامل داخلية قادت إلى ذلك في مقدمتها ضعف كفاءة سياسات تخصيص الموارد، وتعدد أشكال الهدر وأوجه القصور التي شابت نمط إدارة الاقتصادات الوطنية في دول المجلس.