شدد وزير الطاقة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان على عكوف المملكة العربية السعودية على الاستفادة من الطاقة النووية وتطبيقاتها الإشعاعية للأغراض السلمية وتواصل تنفيذ مشروعها الوطني للطاقة النووية في جميع مكوناتها، ومن ذلك بناء أول محطة للطاقة النووية في المملكة للإسهام في تشكيل مزيج الطاقة الوطني وتحقيق التنمية الوطنية المستدامة وفقاً للمتطلبات الوطنية والالتزامات الدولية. وأضاف وزير الطاقة، خلال إلقائه كلمة المملكة في الدورة ال68 للمؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا أمس الاثنين، "ولتحقيق ذلك استكملت المملكة مقومات الاستعداد الإداري الأساسية المتعلقة بالعمل الرقابي النووي ومتطلبات تحقيق الالتزامات في اتفاق الضمانات الشاملة المقدمة للوكالة في 20 يوليو 2024 بطلب إيقاف بروتكول الكميات الصغيرة والتحول إلى التطبيق الكامل لاتفاق الضمانات ونعمل حالياً مع الوكالة على الانتهاء من الإجراءات الفرعية في نهاية شهر ديسمبر 2024". وأكد وزير الطاقة التزام المملكة بالمتطلبات الدولية الملزمة قانونا ذات العلاقة بمشروعها الوطني للطاقة النووية كما أن أنظمة المملكة الوطنية وبنيتها المؤسساتية تحقق متطلبات الرقابة على المواد النووية والتقنية ومراقبة الصادرات بما يتوافق مع التزاماتها بدورها الهام في المنظومة الدولية لمنع الانتشار. وأوضح أن المملكة أودعت في 7 أغسطس من هذا العام صك انضمامها لاتفاقيات امتيازات وحصانات الوكالة، حيث تلتزم المملكة بعدد من الوثائق الدولية ذات العلاقة بالمجالات النووية بما في ذلك المتعلقة بالأمن والأمان والضمانات النووية كما تتعاون المملكة مع الوكالة لاستضافة ورشة عمل للتعريف بالاتفاقية المشتركة بشأن أمان التصرف في الوقود المستهلك وإدارة النفايات المشعة. وأشار إلى أن المملكة استفادت من بعثة الوكالة للمراجعة الرقابية المتكاملة التي أتمت مهمتها في أكتوبر 2023 وأسهمت بشكل فاعل في تقييم جهود الرقابة النووية الوطنية وتقييم تكامل العمل الرقابي النووي الوطني بصورة شاملة، حيث أشادت البعثة بتقيد المملكة بمعايير الأمن الإشعاعي ونوهت بتطور إطارها الرقابي النووي والإشعاعي والتزامها بمواصلة تطوير الممارسات وفقا لأفضل المعايير الدولية. ونبه الأمير عبدالعزيز بن سلمان لشفافية المملكة مع هذا التحدي بأن تكون دولة نموذجا منتجة ومصدرة للطاقة بكل أنواعها، كما أكد حرص المملكة على أن برامجها في مجال الطاقة لا يهدف إلا لما أُسس من أجله. وأعرب وزير الطاقة عن سعادته للمشاركة في هذا الحفل الدولي الهام الذي يسجد أهمية دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتسخير الطاقة الذرية من اجل التنمية والسلام العالمي متمنياً لها النجاح، منوهاً بثقته التامة بأن تعاون الجميع سيحقق ما يرجى من نتائج لهذا المؤتمر. وان المملكة تؤمن بالمساهمة الإيجابية للطاقة النووية في أمن الطاقة وفوائدها الاجتماعية والاقتصادية، مع التزام المملكة بسياستها الوطنية للطاقة النووية التي تضمن أعلى معايير الشفافية والموثوقية وتطبيق أعلى مستويات الأمان، وأن المملكة تؤكد تضافر الجهود الدولية لتنفيذ معاهدة عدم الانتشار النووي. الاستخدامات السلمية للطاقة وأبان سموه بأن المملكة، وانطلاقاً من هذا التوجّه، تعمل على تطوير الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، في مختلف المجالات، بالتعاون الوثيق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وفقاً لأفضل الممارسات والتجارب الدولية بهذا الخصوص، وبالاستفادة من الخبرات والخدمات الاستشارية التي تقدمها الوكالة في مجال تطوير البنية التحتية والقدرات البشرية، وكانت المملكة أعلنت عن دعم مبادرة "أشعة الأمل" التي أطلقتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية بمبلغ 2.5 مليون دولار من أجل المساعدة في انقاذ الأرواح والتصدي لأعباء أمراض السرطان باستخدام التقنية النووية الذي يأتي امتدادا لدعم المملكة المستمر لجهود الوكالة ومبادراتها المتميزة لخدمة البشرية. وتضم مبادرة أشعة الأمل مشاريع قائمة على مراعاة الاستدامة تهدف إلى تعزيز التشريعات والبنى الأساسية اللازمة للأمان الإشعاعي، وتوفر أنشطة مراقبة الجودة. وتأتي هذه التبرعات امتدادًا لدعم المملكة المستمر لجهود الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومبادراتها الهادفة إلى تطوير قدراتها بما يعزز دورها الحيوي في تسخير الذرة من أجل السلام، كما تؤكّد التبرعات مواقف المملكة الإيجابية تجاه قضايا الاستفادة من الطاقة والتقنية النووية، وتنميتها بصورة سلمية وآمنة. وتؤكد المملكة أهمية تضافر الجهود الدولية لتنفيذ أحكام معاهدة عدم الانتشار بما يؤدي إلى تحقيق عالميتها، كما تؤكد أهمية مواجهة الانتشار النووي في الشرق الأوسط، الأمر الذي يستدعي التنفيذ الكامل للقرار رقم (1995)، بإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط". وعبر سموه عن إشادة المملكة بحرص الوكالة على الحفاظ على حيادها، وبجهودها المتميزة في التعامل مع قضايا عدم الانتشار، وذلك بالحفاظ على مسؤولياتها في أنشطة الضمانات والتحقق، وما تبذله من جهود لتأكيد أن هذه الأنشطة هي مبادئ مهمة تُسهم بفاعلية في تنمية الاستخدامات السلمية للطاقة النووية. مؤكّداً حق الدول الأصيل في الاستفادة من التقنية النووية السلمية، بما فيها دورة الوقود النووي، واستغلال ثرواتها الطبيعية من خامات اليورانيوم تجارياً، بما يتوافق مع المعاهدات والاتفاقيات الدولية ذات الصلة. وجدد سمو وزير الطاقة دعم المملكة للوكالة من أجل تسخير التقنية النووية لخدمة البشرية، ودعوتها المجتمع الدولي إلى التعاون الإيجابي في تطويرها، والتصدي بحزم لجميع محاولات الاستخدام غير السلمي وغير الآمن للتقنيات النووية. وهنأ سموه الوكالة والدول الأعضاء ببدء تشغيل مركز تدريب الأمن النووي، في سايبرسدورف، الذي بادرت المملكة بطرح فكرة تأسيسه ودعمه ماليًا، بتعاونٍ من دولٍ أخرى، موضحاً أن المملكة تتطلع إلى أن يكون المركز رافدًا أساسًا يمكّن الوكالة من تعزيز قدرات جميع الدول الأعضاء في العديد من مجالات الأمن النووي، ويكون مركزًا مرجعيًا للأمن النووي. في وقت تمضي مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة، قدما بخطى مضاعفة لتحقيق الريادة العالمية في الطاقة المتكاملة، لنقلة جذرية تتنظر صناعة الطاقة الذرية والمتجددة والتي بدورها سوف تسهم في تحقيق رؤية ومستهدفات المملكة 2030، حيث ارتكزت الخطط على أن تكون المدينة مركزاً علمياً وبحثياً متميزاً مساهماً في التنمية في المملكة من خلال البحث والتطوير في المجالات ذات الصلة بالاستخدامات السلمية للطاقة الذرية وتطبيقات الطاقة المتجددة. وتأتي هذه الوثبة الواثقة التي لا تعترف بالمستحيل من عظم مهام المدينة والتي تعمل على تنفيذ عدد من مكونات المشروع الوطني للطاقة الذرية في المملكة بالإضافة إلى تنفيذ أعمال مبادرة توطين تقنيات الطاقة المتجددة اللازمة للمملكة لدعم قطاعات الطاقة وتحلية المياه ومبادرة تأهيل رأس المال البشري اللازم لقطاعي الطاقة الذرية والمتجددة ضمن برنامج تطوير الصناعات الوطنية والخدمات اللوجستية، أحد برامج رؤية السعودية 2030، وكشفت المملكة عن مدى التصاقها بالطاقة الذرية على وجه الخصوص، حينما انتزعت موافقة قادة قمة العشرين 2020 بالرياض، حيث أقر بيان القمة على اتفاق أعضاء مجموعة العشرين على مبادرات المملكة الحيوية التي من شأنها إرساء الأسس للتعافي العالمي، والتي يؤمل استمرار أثرها لعقود قادمة، وضمن الأهداف أيضاً زيادة المحتوى المحلى في سلاسل القيمة الصناعية والخدمية وتوطين الدراية الفنية في تقنيات قطاعي الطاقة الذرية والمتجددة واستثمارها تجاريا. وفي غمرة الثورة العالمية في التحول لصناعة الطاقة المتجددة تتخذ المملكة مكانتها الاستراتيجية المؤثرة في خارطة العالم كبوصلة لحلول اكتشافات واستخدامات مصادر الطاقة المتجددة المختلفة التقليدية والحديثة، ومصادر الطاقة الأخرى الخضراء وأبرزها الهيدروجين الأخضر الذي تقرر استخدامه وقودا في مدينة نيوم التي تشهد حالياً بناء أكبر مصنع في العالم لإنتاج الهيدروجين الذي شد أنظار العالم قبل تدشينه بفكرته المبتكرة، كوقود حيوي أخضر مكون من مصادر الطاقة الطبيعية الأحفورية من الغاز، ومن مصادر الطاقة المتجددة الأخرى.