بعد الإنجاز الملحمي المدهش والتاريخي باستعادة الرياض في عام 1319ه، وتأسيس الحلم السعودي الكبير بتكوين الدولة، والذي أضاف لصفحات التاريخ درساً جوهرياً مستفاداً بكيفية تحقيق الأحلام الكبرى، وبرمزية تدل على أن لا مستحيل أمام عزيمة وشجاعة وطموح البطل المؤسس الملك عبدالعزيز -رحمه الله- الذي تواصلت جهوده العظيمة مع أبناء شعبه المخلصين والتي تخللها تضحيات كبيرة وصبر وكفاح بطولي لأكثر من ثلاثة عقود من الزمن، توّجت هذه الجهود الجبارة بتوحيد المملكة العربية السعودية بعام 1351ه. وعندما نحتفل باليوم الوطني السعودي ال94 فهو تخليد لذكرى توحيد المملكة وتأسيسها على يد الراحل العظيم الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله-. ويأتي الاحتفال بهذه المناسبة إظهاراً للقيّم الوطنية والاحتفال بهذا الإنجاز من خلال مجموعة متنوعة من الأحداث والمشاركات والفعاليات في جميع أنحاء البلاد، حيث إنها مناسبة مهمة ومتميزة لتنشيط الروح الوطنيّة وتعزيز قيم التضامن والأخوة بين أفراد المجتمع، وهي مناسبة مهمة لتعزيز الانتماء لهذا الوطن السعودي العظيم الذي منحنا كل شيء، وتعزيز الولاء والعرفان والامتنان لقادتنا العظام الذين بذلوا كل الجهود لرفعة هذا الوطن ومواطنيه. والوطن هو البيت والهوية، والانتماء هو الشعور بكل ما ننتمي إليه وينتمي إلينا، هو الفخر والعز، لذلك يبقى الوطن هو الكل، والفرد هو الجزء، وتكون الهوية الوطنيّة هي الأصل والانتماء. ومثل هذه المناسبات الوطنية مهمة ومبهجة، نفرح لها جميعاً ونعتز بها، ونستشعر كل المشاعر التي تقوي الروح المعنوية والتي تجعل المجتمع السعودي يشعر بالاعتزاز والفخر، ولبذل المزيد من العطاء والعمل والإنجازات. وعندما نستشعر مواطن القوة لدينا، نجد أن تاريخنا وموروثنا وإنجازاتنا عظيمة، وحاضرنا زاهر ومبهج ومستقبلنا تلوح فيه بشائر الخير والإشراق بحول الله. كل هذا يدعونا أن نفخر أشد الفخر ويجعلنا نتقدم إلى الأمام بكل ثقة وقوة لنأخذ المكانة اللائقة بين الأمم. فنحن نملك كل التميز، السعودية هي العمق العربي والإسلامي وهي قوة استثمارية واقتصادية رائدة، ودولة محورية تربط القارات الثلاث، ولقد أنعم الله على بلادنا بمقومات جغرافية وحضارية واجتماعية وديموغرافية واقتصادية عديدة، تمكنها من تبوء مكانة رفيعة بين الدول القيادية على مستوى العالم. وطننا عظيم ومنجزاتنا عظيمة وقيادتنا أصبحت محط أنظار العالم لتميزها الكبير على كافة المستويات بالإنجاز والريادة والزعامة، وهذا -والحمدلله- يفرح كل سعودي منتمٍ لهذه البلاد المباركة. يتزايد فخرنا بمسيرة الوطن الطموحة وإنجازاتها، ففي نهاية العام الماضي 2023 تقف رؤية 2030 السعودية كرمز للتقدم والطموح، لقد شكلت الخطوات التي تم اتخاذها في تنويع الاقتصاد، واحتضان التكنولوجيا، وإجراء الإصلاحات الاجتماعية، والدفاع عن المبادرات البيئية مستقبلاً جديداً للمملكة. وبينما لا يزال هناك طريق يجب قطعه، فإن إنجازات رؤية 2030 حتى الآن تقدم نظرة واعدة على مستقبل المملكة العربية السعودية كلاعب عالمي في عالم يتغير بسرعة. نحتفل باليوم الوطني 94 ونحن -ولله الحمد- أكثر قوة وتماسكاً وتلاحماً وإدراكاً لأهمية الوطن والحفاظ على مكتسباته، ونشعر بقناعة كبيرة بأن تضحياتنا وأعمالنا بكل المستويات تجعل الوطن ينمو ويزدهر ويعتز ويرتفع شأنه. وطننا السعودي العظيم منحنا كل شيء وأهمها الأمن والأمان والاستقرار والازدهار والعيش بكرامة مرفوعي الرؤوس مما يغيض الحاسدين والحاقدين. وندرك بوعي وقناعة أن تلاحمنا مع بعضنا ومع قيادتنا ودفاعنا المستميت عن مكتسباتنا الوطنيّة، تمنحنا القوة الضاربة بوجه الأعداء وتجعلنا قوة لا تُقهر لكل من يحاول النيل من بلادنا الغالية. حق الوطن علينا كبير وكبير جداً، وعزيز جد أنت يا وطني، أعجبني هذا القول: "جميل أن يموت الإنسان من أجل وطنه، ولكن الأجمل أن يحيا من أجل الوطن". نسأل الله العلي القدير أن يحفظ ويوفق خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، وأن يحفظ بلادنا من شر المعتدين وكيد الكائدين. ودمت شامخاً يا وطن. اللواء الركن م. خالد المرعيد