سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
اسرائيل اسقطت شروطها وتمسكت بوقف الهجمات في اراضيها ورهنت الانسحاب من المدن الاخرى بالهدوء الفصائل الفلسطينية ترفض "غزة - بيت لحم اولاً" والسلطة تشكك في دوافع التحرك الاسرائيلي
تنتظر السلطة الفلسطينية تنفيذ ما اتفق عليه خلال اجتماع أمني مع مسؤولين إسرائيليين ليل الاحد - الاثنين من انسحاب تدريجي لقوات الاحتلال يبدأ ب"غزة وبيت لحم أولاً" مقابل التزام السلطة خفض "مستوى العنف ووقف الإرهاب"، وذلك وسط تشكيك فلسطيني بالنيات الاسرائيلية ورفض الاتفاق من جانب "كتائب شهداء الأقصى" وحركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" والجبهتين "الشعبية" و"الديموقراطية" التي وصفته بأنه "وقف للانتفاضة مقابل لا شيء"، وتعهدت مواصلة المقاومة المسلحة. توقع نبيل أبو ردينة مستشار الرئيس ياسر عرفات، أن يتم الانسحاب الإسرائيلي من بيت لحم وغزة "خلال الساعات ال 48 المقبلة"، موضحاً ان قوات الأمن الفلسطينية ستنتشر في "المناطق التي ستنسحب منها القوات الإسرائيلية، وهذه الخطوة ستعقبها خطوات أخرى في الأيام المقبلة تنسحب إسرائيل بموجبها من المدن الفلسطينية كافة". وقالت مصادر إسرائيلية إنه سيسمح لأفراد قوات الأمن الفلسطينية بحمل السلاح والتنقل بموجب الاتفاق. وينتظر أن تعقد اجتماعات على مستوى القادة الميدانيين مساء الاثنين لاستكمال الخطوات المطلوبة لانسحاب الجيش، يسبقها اجتماع وزير الدفاع الإسرائيلي بنيامين بن اليعيزر مع قادة الجيش في مدينة بيت لحم، وفقاً لما أكدته مصادر إسرائيلية. وتوقعت هذه المصادر أن يتم الانسحاب من مدينة بيت لحم التي لا تشهد وجوداً عسكرياً إسرائيلياً مكثفاً ليل الاثنين - الثلثاء. وقال مواطنون في بيت لحم إن الدبابات موجودة أصلاً على مشارف المدينة، وأن أي انسحاب محتمل لن يكون ملموساً. وعلمت "الحياة" ان انسحاب الجيش من قطاع غزة سيتم "على خمس مراحل"، وسيشمل ازالة الحواجز العسكرية وإعادة انتشار الجيش إلى المواقع التي كان يحتلها قبل 28 أيلول سبتمبر عام 2000، بما فيها "المناطق العازلة" التي أقامها الجيش في القطاع بعد عمليات "حلاقة" للمزارع والبساتين الفلسطينية. وتعهد وزير الداخلية الفلسطيني اللواء عبدالرزاق اليحيى اتخاذ "الاجراءات كافة لتحقيق الأمن الداخلي والعام في المناطق" التي ستنسحب منها إسرائيل. وأوضح ان الانسحاب من بيت لحم "سيتم في الساعات المقبلة مرة واحدة"، أما في قطاع غزة، فسيتم "على مراحل". وقال إن الإسرائيليين "أبلغونا أنه إذا استتب الهدوء والأمن في أي منطقة في الضفة الغربية لفترة من الوقت، فإن الجيش سينسحب منها"، مضيفاً أن مصر والأردن ارسلا "خبراء" إلى أريحا لتدريب قوات الأمن الفلسطينية. وأشارت وزارة الدفاع الإسرائيلية في بيان لها الى أن الانسحاب "مرتبط بالنشاطات الفلسطينية لوقف العنف والإرهاب"، وان الإسرائيليين تركوا للفلسطينيين "العمل وفقاً لمعرفتهم لتحقيق ذلك". وفي هذا الصدد، قالت مصادر مطلعة ل"الحياة" إن الجانب الإسرائيلي، خلافاً للقاء سابق، اسقط شروطه في ما يتعلق باملاء الخطوات المطلوب من الفلسطينيين تنفيذها بعد انسحاب قوات الاحتلال. وفي المقابل، يستشف من تصريحات الناطق باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية مارك سوفر ان الاتفاق الفلسطيني - الإسرائيلي تناول فقط وقف العمليات التفجيرية داخل الدولة العبرية. وقال سوفر إن الاتفاق "مرتبط بوقف قوات الأمن الفلسطينية الهجمات على الإسرائيليين ... من الأهمية بمكان أن لا نرى انتحاريا أو سيارة مفخخة تمر من منطقة أو حاجز عسكري بعد خمس دقائق من اخلائه". ومن ناحيتها، تعهدت إسرائيل بتحسين الوضع "الإنساني والاقتصادي" في المناطق الفلسطينية. واعتبر وزير الدفاع الإسرائيلي أن أهمية الاتفاق تكمن في أنه يفتح الطريق "لإعادة الثقة" بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، كما يفتح الباب أمام خطوات أمنية وسياسية مستقبلة. ووصف نائب وزير الدفاع الإسرائيلي وايزمان شيري الاتفاق بأنه "الفرصة الأخيرة للذين يفترض انهم يقودون الشعب الفلسطيني سواء محمد دحلان أو اليحيى". وقلل وزير الاتصالات الاسرائيلي روفن ريفلين من جهته من اهمية الاتفاق، مشيرا الى ان الجيش "لن ينسحب من الاراضي الفلسطينية وسيظل يكافح الارهاب". واضاف الوزير من تكتل ليكود اليميني ان "على السلطة الفلسطينية ان تثبت انها تكافح الارهاب، وليس وارداً ان تستمر اراقة الدم اليهودي". تشكيك فلسطيني بنيات اسرائيل وشككت مصادر مطلعة ل"الحياة" بنيات التحركات الإسرائيلية الأخيرة، وقالت ان بن اليعيزر يسعى إلى تحقيق مكاسب انتخابية، في إشارة إلى أنه سمح للمرة الاولى لوسائل الإعلام بالتقاط صور للمشاركين في الاجتماع. وطلبت المصادر "التريث" وانتظار التنفيذ الإسرائيلي على الأرض قبل اطلاق الأحكام في شأن أهمية نتائج هذا الاجتماع، خصوصاً "اننا نعلم أن الحكومة الإسرائيلية تحاول امتصاص الموقف الدولي وتهيئة الأوضاع لضرب العراق وإعاقة مساعٍ سياسية أخرى تجري في غير موقع". واعتبر ابو ردينة ان تنفيذ اسرائيل الاتفاق يشكل "الامتحان الحقيقي لمدى جدية اسرائيل"، مضيفا ان "الاتفاق خطوة يجب ان تتبعها خطوات اخرى تؤدي الى الانسحاب من بقية المدن والمناطق في الضفة الغربية وقطاع غزة لتوفير المناخ المطلوب للاستمرار في عملية السلام". معارضة فلسطينية واستقبلت التنظيمات الفلسطينية الأنباء في شأن التوصل إلى الاتفاق بغضب شديد. وحذرت "كتائب شهداء الاقصى" التي ينتمي عناصرها الى حركة "فتح" من الاتفاق، معتبرة انه "لن يجلب سوى المجازر والذل" لكل الذين "يراهنون على العدو الصهيوني". وقالت في بيان تسملت وكالة "فرانس برس" نسخة منه ان الاتفاق يشكل "محاولة للالتفاف على عجز وانهاك الجيش الصهيوني وفشل عدوانه رغم الحصار والتجويع والاحتلال والجرائم التي ارتكبها وكل المحاولات التي قام بها المجرم شارون وارتكب خلالها ابشع المجازر بحق الشعب الفلسطيني". ودان البيان "موافقة بعض المفاوضين الخارجين على الاجماع الفلسطيني على غزة - بيت لحم اولاً... رغم تحذيراتنا من هذه المؤامرات ورفضنا القاطع لكل اللقاءات مع هذا العدو". واضاف ان "القاء طوق النجاة" لرئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل "شارون وحكومته الارهابية التي تعيش في مأزق يهدد هذه الحكومة الارهابية وليتسنى لرأس الارهاب اميركا ضرب العراق". واعتبر ان "الطريق الوحيد لردع هذا الاحتلال واجباره على دفع ثمن جرائمه الوحشية هو الخيار الوحيد الذي يسلكه الشعب الفلسطيني، خيار المقاومة والجهاد والاستشهاد حتى تحرير الارض وعودة اللاجئين". ودعا الى وحدة الفصائل الميدانية "لافشال كل المؤامرات"، مؤكداً انها "ستواصل المقاومة بكل اشكالها وبكل الوسائل المتاحة في كل زمان ومكان وفي اي مكان". وفي السياق نفسه، قال عبدالعزيز الرنتيسي، أحد قادة حركة "حماس" ل"الحياة" إن الاتفاق نص على "وقف المقاومة مقابل لا شيء"، واصفاً اياه بأنه "اتفاق تقزيم، بل تصفية القضية الفلسطينية". واستغرب "توقيته"، مشيراً إلى أنه عقد فيما يعاني الاحتلال من المقاومة، اذ دمر اقتصاده وحطمت معنويات جنوده وبات يبحث عن منقذ وقدمت السلطة الفلسطينية "طوق النجاة له من دون مقابل". وتعهد مواصلة المقاومة المسلحة وتصعيدها. ولاقت تصريحاته صدى في أقوال عبدالله الشامي، أحد قادة "حركة الجهاد الإسلامي" الذي هاجم الاتفاق بشدة. كما اعلن خالد البطش احد قياديي "الجهاد" ان حركته ستعمد الى "تصعيد المقاومة" لافشال الخطة التي قال انها تهدف "الى تكريس الاحتلال". وفي دمشق أ ف ب، رفضت "الشعبية" الاتفاق لانه "يأتي في سياق تجاوب السلطة وقيادتها مع الشروط الاسرائيلية - الاميركية التي تستهدف تحويل نضالنا الوطني المشروع والعادل الى قضية امنية". وحذرت "من المخاطر الكبيرة التي ينطوي عليها هذا الاتفاق فليس سرا ان الهدف الاسرائيلي منه هو اشعال فتيل الفتنة الداخلية الفلسطينية وتحويل الصراع الى فلسطيني - فلسطيني عن طريق الزام السلطة بالتصدي لقوى المقاومة الفلسطينية". كذلك اعتبرت "الديموقراطية" في بيان ان الاتفاق "ينطوي على تراجع خطير عن مطلب الانسحاب الفوري لقوات العدوان الاسرائيلية من المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية". ودعت الى "الابتعاد عن اي اجراءات او خطوات يمكن ان تمس بالوحدة الوطنية او تعيد اجواء التوتر الداخلي في المجتمع الفلسطيني، والكف عن الجري وراء اوهام الحلول المبتورة مع حكومة الارهاب الشارونية". وتوعدت كل من الجبهتين "مواصلة الانتفاضة والمقاومة حتى دحر الاحتلال".