عقد البرلمان الاتحادي الألماني البوندستاغ امس، جلسته التأسيسية ال15 في مبنى الرايخستاغ المخضرم المطل على "بوابة براندنبورغ" التاريخية بعد الانتخابات النيابية الأخيرة التي حملت إليه "صبغة نسائية" واضحة اكثر من اي وقت مضى ووجوهاً جديدة ويافعة ايضاً. وأثبتت نتائج الانتخابات الأخيرة ان احزاب اليسار واليمين اصبحت تتنافس في ما بينها حول اي حزب هو الأكثر انفتاحاً ليس على الجيل الطالع فحسب، بل على "الجنس اللطيف" ايضاً الذي يشكل اكثر من نصف المجتمع الألماني. وفي مواجهة 412 نائباً خشناً، تقف الآن 190 نائبة ألمانية، اي نسبة توازي 5،31 في المئة من مجمل عدد نواب البرلمان البالغ 602 شخص. وتعتبر الحركة النسائية في ألمانيا تزايد عدد النائبات "خطوة مهمة على الطريق الصعب" الذي سرن عليه، والذي بدأ عام 1949 بتمثيل نسائي متواضع بلغ 8،6 في المئة. والتطور الآخر الذي حصل بين البرلمانيات هو عودتهن الى تمثيل تطلعاتهن النسائية الطبيعية مع رابط عارم بالثقة بالنفس. وعلى عكس البرلمانيات في العقود المنصرمة اللواتي وجدن ان مهمتهن تتمثل في "محاكاة" الرجال في اعمالهم وتصرفاتهم، بل وحتى في لبسهن الذي كان يطغى عليه اللون الرصاصي - الأزرق القاتم والابتعاد من الأزياء الزاهية التي سيطرت على "موضة" السبعينات والثمانينات، بدأت النائبات الألمانيات في التسعينات الظهور داخل البرلمان وخارجه بأجمل الأزياء التي توفرها السوق. وظهر ذلك بوضوح بين البرلمانيات المنتميات الى حزب اتحاد التسعين - الخضر اللواتي كن اشبه بالهبيين في لباسهن. اضافة الى ذلك فإن الكثير من النائبات الجدد يرفضن الآن التعاطي بالمواضيع النسائية والعائلية الكلاسيكية فقط، ويطالبن بعضوية لجان كانت تقريباً حكراً على الرجال مثل الأمن والدفاع والبيئة والاقتصاد والمواصلات والسياسة الخارجية والأوروبية. ومع ذلك، تقول النائبة ماريانا تريتس ان "الهدف ليس الصراخ للفت النظر إلينا، وإنما العمل الهادئ والفاعل في الساحة السياسية". اما النائبة يوليا كولر فتري "ان البرلمانيات متفقات على انهن يمارسن السياسة بصورة مختلفة عن الرجال لأن النساء يجلبن نسمة لطيفة معهن". وتعتقد النائبة كلاوديا فينترشتاين ان النساء "ينظرن الى المواضيع المطروحة بصورة اكثر شمولية". أما النائبة عن حزب اتحاد التسعين - الخضر آنا لورمن البالغة من العمر 19 عاماً، فأحدثت ضجة إعلامية قوية لأنها سجلت رقماً قياسياً جديداً بعدما اصبحت اصغر نائبة منتخبة في تاريخ ألمانيا، وربما في العالم ايضاً. ولا تزال لورمن طالبة انتهت للتو من تحصيل شهادة البكالوريا وتتهيأ، كما تقول، لمواصلة تحصيلها العلمي في معهد العلوم الاجتماعية الى جانب عملها النيابي في برلين. ويفقد البرلمان الجديد ثلث نوابه السابقين، في مقدمهم المستشار السابق هلموت كول ووزير ماليته تيو فايغل ووزير الخارجية السابق كلاوس كينكل، وكذلك وزيرة العدل في حكومة المستشار غيرهارد شرودر هيرتا دويبلر غميلين التي خسرت مقعدها في دائرتها الانتخابية بعد الزوبعة التي اثارتها بانتقادها الرئيس الأميركي جورج بوش.