يصل الى قاعدة خليج غوانتانامو الاميركية في كوبا في مدى أسبوع من الآن 100 أسير، يشكلون الدفعة الأولى من أفراد تنظيم "القاعدة" وحركة "طالبان" الذين تسلمتهم القوات الأميركية في أفغانستان وباكستان وقررت نقلهم إلى البحر الكاريبي ومناخه الدافئ بعيداً عن المناخ الثلجي العاصف الذي تشهده أفغانستان وجبالها هذه الأيام. وتشكل هذه المجموعة الدفعة الأولى من نحو خمسة آلاف أسير حرب وقعوا في أيدي الميليشيات الأفغانية وقوات الأمن الباكستانية، ممن ينتظر أن يمضي بعضهم جزءاً كبيراً من حياته وراء القضبان الأميركية، وأن يتم الحكم باعدام بعضهم الآخر بعيداً عن رقابة القوانين المدنية. ومن المنتظر أن يرافق ألف جندي أميركي جموع الأسرى الذين سيتم نقلهم بحراً، في رحلة طويلة من جنوب غربي آسيا الى قاعدة غوانتانامو الضخمة، أو "غيتمو". وهي جزء من الأراضي الكوبية تمركزت فيها القوات الأميركية قبل 113 عاماً، وتعتبر أحد أفضل الخلجان في الجزيرة الكوبية. ويحيط بالقاعدة التي يبلغ محيطها 28 كيلومتراً سياج يفصلها عن الأراضي الكوبية، إضافة إلى حقول ألغام زرعها الكوبيون الذين خشوا باستمرار أن تكون القاعدة رأس جسر يستخدم لغزو بلادهم. وكان الأميركيون استأجروا القاعدة رسمياً عام 1903، في مقابل سداد مبلغ سنوي تصل قيمته حالياً إلى أربعة آلاف دولار. إلا أن الرئيس فيديل كاسترو رفض منذ وصوله الى السلطة عام 1959 استلام مبلغ الايجار الشهري، وطالب باستمرار، بخروج القوات الأميركية منها. وتحولت المنطقة بسبب ذلك إلى نقطة توتر في العلاقات المتوترة أصلاً بين البلدين اللدودين. إلا أن امتناع هافانا أخيراً عن ابداء أي معارضة لاستخدام القاعدة الضخمة لايواء الأسرى العرب والمسلمين من جنسيات أخرى فُسّر على أنه رغبة كوبية بعدم تصعيد الأمور مع واشنطن. ويعتقد أن القاعدة التي سيتم بناء معسكرات اعتقال ضخمة فيها ستكون مجهزة لمنع حدوث عمليات انتفاضة أو تمرد، على غرار ما حدث في قلعة جانغي، قرب مزار شريف التي شهدت مذبحة مروعة قتلت فيها القوات الأميركية والميليشيات الحليفة أكثر من 600 أسير حرب من تنظيم "القاعدة" و"طالبان". ويقول المسؤولون الأميركيون إنهم واعون تماماً للصعوبات التي قد ترافق احتجاز هذا العدد الكبير من الأسرى ذوي التربية العقائدية الصارمة. ومن المتوقع أن تتحول القاعدة لاحقاً إلى مركز لايواء عدد أكبر من أسرى الحرب، ممن يتوقع أن يتم اعتقالهم في الصومال وربما اليمن، ومسارح عمليات أخرى متعددة قد ترغب الولاياتالمتحدة في تكرار السيناريو الأفغاني فيها، عبر استخدام ميليشيات محلية وقواتها الجوية، لمطاردة من تصفهم بالارهابيين وتعتبر أن من حقها ملاحقتهم في أي مكان وجدوا فيه. ويبلغ عدد الأسرى الذين تحتجزهم القوات الأميركية حالياً 346 أسيراً من أفراد "القاعدة" و"طالبان". وينتظر أن يؤدي الانتهاء من بناء السجون والمعتقلات الجديدة إلى تسريع تسلم أسرى الحرب الآخرين الذين يحتجزون في السجون الأفغانية والباكستانية. ويتعين على الولاياتالمتحدة أن تطبق الفصل الثالث من معاهدة جنيف الخاصة بالحرب وأسرى الحرب. وكان من الممكن على القوات الأميركية، خلال الأسابيع الماضية، أن تتذرع بعدم وجودها مباشرة على الأرض أثناء اندلاع العمليات العسكرية في أفغانستان لتبرير عدم نهوضها بمسؤولياتها القانونية والانسانية تجاه الأسرى الذين ظهر واضحاً من الصور التي نشرت عقب مجزرة جانغي أن المحققين الأميركيين كانوا يسيئون معاملتهم، منتهكين بذلك معاهدة جنيف والفصل الثالث المتعلق بمعاملة أسرى الحرب وحمايتهم. ويعتقد الأميركيون أن الأسرى بين أيديهم يمكن أن يشكلوا منجم ذهب للحصول على معلومات عن تنظيم "القاعدة" إلا أن التطبيق المفروض لمعاهدة جنيف يمنع اساءة معاملة الأسرى، أو تعذيبهم، وهو ما تكررت أنباء عن حدوثه في السجون الباكستانية والأفغانية حيث كان محققون أميركيون وعرب يتابعون ويديرون جلسات الاستجواب التي تمت بعيداً عن أي رقابة دولية، أو احترام للمعاهدات الانسانية الدولية.