هذا العام، 2002، ستشهد أوروبا الغربية خمسة انتخابات وطنية عامة، ما بين نيابية ونيابية - رئاسية. التوقعات: انتصارات ضخمة لليمين. لكن قبل المعارك الانتخابية الموعودة، لا بأس بتسجيل هذه الحقائق المخيفة من الماضي القريب: أولاً، في النمسا صمد الائتلاف الحاكم للمحافظين و"حزب الحرية" شبه الفاشي بقيادة يورغ هايدر. ثانياً، في الدانمارك ضاعف الائتلاف اليميني، المتحالف مع "حزب الشعب" المعادي للأجانب، مقاعده في آخر انتخابات وطنية. ثالثاً، الإئتلاف الحاكم حالياً في إيطاليا، بزعامة سيلفيو بيرلوسكوني، يضم حزباً متفرّعاً عن الحركة الفاشية في صفوفه حفيدة موسوليني أليساندرا، و"عصبة الشمال" البادية العداء للهجرة والأجانب. الائتلاف ككل لا يتورّع عن ابداء التحفظ تلو الآخر حيال أوروبا واليورو والقيم الأوروبية والعمالة المهاجرة. رابعاً، في النروج حصد حزب العمال أسوأ هزيمة يتعرّض لها في 75 عاماً، على يد تحالف اليمين - الوسط الذي يشمل "حزب التقدم" المناوىء للهجرة. خامساً، في اسبانيا يمضي "الحزب الشعبي" ليمين - الوسط، بقيادة رئيس الحكومة جوزيه ماريّا أزنار، في ولايته الثانية في الحكم. سادساً، في بلجيكا، صار الحكم في يد يمين - الوسط ممثلاً بالليبراليين الديموقراطيين الفلمنكيين. لكن هذا الانزياح اليميني الذي صُنع معظمه في الأشهر القليلة الماضية، سيكون لاشيئاً بالقياس الى النتائج التي تعد بها الانتخابات الستة المقبلة: - في فرنسا، يُقدّر أن يفوز رئيس الجمهورية جاك شيراك بولاية رئاسية أخرى على حساب منافسه ورئيس الحكومة الاشتراكي ليونيل جوسبان. يُقدّر أيضاً ان ينتخب الفرنسيون برلماناً ذا أكثرية من يمين - الوسط. - في ألمانيا، وهناك ستجري أهم المعارك القاريّة، ترجّح التوقعات واستقصاءات الرأي الى رسوب المستشار الاشتراكي الديموقراطي غيرهارد شرودر العاجز عن تذليل مشكلة البطالة وعن اطلاق نمو اقتصادي. المنتصر الأكبر سيكون الزعيم البافاري المتشدد في مسائل الهجرة وفي مسائل أخرى: ادموند ستويبر. - في جمهورية إيرلندا أي الجنوبية، بالطبع، يُتوقّع أن يعاد انتخاب ائتلاف يمين - الوسط بقيادة رئيس الحكومة بيرتي أهيرن. - في البرتغال، استقصاءات الرأي لانتخابات الربيع المقبل تسجّل تفوقاً واضحاً لأحزاب اليمين على الاشتراكيين. - في هولندا، حالة تعادل صعب ستشهدها انتخابات أيار مايو المقبل. - في السويد وحدها، يُقدّر أن يخرج الاشتراكيون الديموقراطيون بانتصار واضح وصريح في انتخابات أيلول سبتمبر المقبل. هكذا يجلس السويديون والبريطانيون وحدهم في اليسار، في انتظار أن تُظهر القيادة الجديدة لحزب المحافظين بعض الجدية والقدرة على الاقناع، أو أن يرتكب "العمال الجدد" أخطاء تبرر الاقتراع للمحافظين، بغض النظر عن أدائهم السياسي. هذه اللوحة لا تمتّ بأية صلة لخريطة أوروبا السياسية قبل عامين، حين كانت أحزاب يسار - الوسط تنشر أعلامها ما بين السويدوالبرتغال. ما الذي حصل؟ التراجع الاقتصادي و11 أيلول سبتمبر وضعا الأجندة الأمنية والعداء للأجانب في الصدارة. فلنقلق...