في السويد ظل الاشتراكيون الديمقراطيون يسيطرون على الحياة السياسية طوال 61 عاما خلال السبعين سنة الماضية. ومازالت شعبيتهم في تصاعد مستمر. وفي الوقت الذي تدور اوروبا بثقلها ناحية اليمين تظل هناك حكومة واحدة على الاقل يديرها الاشتراكيون الديمقراطيون صامدة وتتطلع الى الاحتفاظ بالسلطة في انتخابات جديدة. فالفوز المتوقع لجوران بيرون رئيس الوزراء السويدي الحالي في انتخابات سبتمبر القادمة يسير في الاتجاه المعاكس للتوجه السائد في اوروبا الغربية حيث فازت حكومات يمين الوسط الواحدة تلو الاخرى في الوصول الى السلطة. واخرها ما يحدث حاليا في فرنسا حيث يخسر اليسار لصالح اليمين. حتى في المنطقة النوردية حيث التقليد القديم بتولي الاشتراكيين الديمقراطيين السلطة وتطبيق نظام رعاية اجتماعية واسع استطاع يمين الوسط الوصول الى السلطة في النرويج والدنمارك خلال الاثني عشر شهرا الماضية. الاشتراكيون الدميقراطيون في اوروبا الغربية يعتبرون الاقرب لنظام ديمقراطية الحزب الواحد. ويتمتع الحزب بتأثير قوي في مختلف مناحي الحياة السويدية يدعمه في ذلك علاقته القوية باتحاد ذوي الياقات الزرقاء (العمال) القوي. ويرى بروفسور بيتر اسياسون استاذ العلوم السياسية في جامعة جوثبورغ ان الاشتراكيين الدميقراطيين تمكنوا من اعادة صياغة عقول الناخبين في السويد. وذلك في جزء منه عن طريق التوسع في تطبيق نظام الضمان الاجتماعي. فاصبحوا الخيار المفضل لما يصل الى خمسين بالمائة من الناخبين. ولعل احد اسباب اعادة احياء الحزب نمو شعبية رئيس الورزاء . فهناك شعور بانه قام بعمل مقدر عندما كانت السويد تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي في النصف الاول من العام الماضي.كما انه احدث نقلة واضحة في مواقف الاشتراكيين الديمقراطيين فيما يتعلق بالسياسة الخارجية عندما ايد الاجراءات الامريكية بعد ضربات الحادي عشر من سبتمبر وكان موقف الاشتراكيين الدميقراطيين مهزوزا وغير واضح اثناء حرب الخليج. مما جعل احزاب اليمين تتهمهم بسرقة اجندتها. وبالاضافة الى الخدمات التي توفرها حكومات الاشتراكيين الديمقراطيين للناخبين فان احزاب المعارضة تبدو ضعيفة. وتفتقر الى القيادات الكاريزمية والبرامج الواضحة لنيل ثقة الناخبين. عندما خسروا المعركة الانتخابية عام 1991 ادرك الاشتراكيون الديمقراطيون ان ذلك كان بسبب تواضع أدائهم الاقتصادي وهذه المرة لن تساورهم اي مخاوف اقتصادية. فبالرغم من ان السويد كغيرها من دول العالم تعرض اقتصادها للبطء فان الاقتصاديين يتوقعون تحقيق نمو سريع في الدخل القومي العام القادم. وقد استفاد المستهلكون من خفض الضرائب ونسب الفائدة اضافة الى ان رئيس الوزراء بيسون لا يواجه معارضة شعبية ذات وزن من اليمينيين ضد الهجرة بالمستوى الذي اثر على موقف الناخبين عبر اوروبا. وهو يعلم ان حزبه لن يخسر السلطة الا اذا رغب في ذلك نتيجة تقصيره اما احزاب المعارضة فليس لديها القدرة على اسقاط حكومته الفاينانشيال تايمز