يبدو "مهرجان جرش للثقافة والفنون" وهو يدخل دورته العشرين "رشيقاً" في تظاهرات أقل غناء وموسيقى ومسرحاً وموروثاً شعبياً، في ما يعيد لتظاهرة الشعر ونقده حضورها، عبر أسماء شعرية عربية وأردنية تكاد تتوزع المشهد العربي المعاصر، وأسئلة مهمة ستطرحها الحلقة النقدية وتتمحور حول "أدب المقاومة" انطلاقاً من وقائع الانتفاضة الفلسطينية. مدير المهرجان الشاعر جريس سماوي في عرضه ل"الحياة" خريطة الغناء والموسيقى والثقافة في جرش هذا العام، يؤكد أن نهجاً جديداً سيعتمده المهرجان. ففيما يقدم "نجوم" الغناء الشعبي حفلاتهم في نهايات كل أسبوع وللفترة من 25 تموز يوليو حتى الحادي عشر من آب اغسطس ستكون الفاعليات الثقافية مستمرة على مدار ايام الأسبوع وهذا من "شأنه أن يتيح المجال للمسارح أن تتنفس وللزائر أن يسترخي ويتعرف الى معالم التاريخ والأثر الحضاري في جرش". وفي حين يعترف سماوي بأن "الانتفاضة الفلسطينية ألقت بظلالها على المهرجان"، يؤكد أن "الحياة تستمر والمؤمنين بالحياة يحتفلون بها ومع الشهادة والدم تستمر الموسيقى ويستمر الشعر لأن في هذه الحياة ما يستحق الاحتفال". وهنا يشير الى الشاعر الفلسطيني محمود درويش وقوله "على هذه الأرض ما يستحق الحياة"، ليعرض افتتاح المهرجان في أمسية مشتركة بين درويش والموسيقي السوري بشار زرقان والذي سيقدم قراءة موسيقية ل"جدارية" محمود درويش. غناء وموسيقى في نهج اعطاء المهرجان ملامح محلية وعربية اختفت من جرش حتى هذا العام عروض الغناء والموسيقى التي كانت عادة ما تضم أشكالاً من الموسيقى الأجنبية المعاصرة والكلاسيكية والفولكلورية، لتحل عوضاً عنها أسماء من "نجوم" الغناء الشعبي العربي المعاصر وفرق موسيقية من الأردنوفلسطين وسورية. ومن أهل الغناء ذي الملامح البيئية الاجتماعية والجغرافية الخاصة سيقدم الأردني عمر العبد اللات حفلة في اليوم الأول للمهرجان تعقبه الاماراتية احلام في مساء تالٍ. ومن شكل الغناء الشعبي العربي المعاصر سيحيي اللبناني عاصي الحلاني ليلتين والمصري ايهاب توفيق مثلهما والسوري جورج وسوف ثلاث ليال، فيما شكل الغناء الأكثر اتقاناً يمثله العراقي كاظم الساهر في حفلتين جاءتا "انقاذاً" للمهرجان لجهة ما ستدرانه من عوائد مالية يبدو المهرجان في حاجة ملحة اليها، إذ تخلصه من حلقة خساراته المالية التي يدور فيها منذ ثلاث دورات. وبمزاج غنائي مختلف ستؤدي الاردنية عايدة الأميركاني حفلة في العاصمة عمّان وإن كانت ضمن المهرجان الذي تحتضنه المدينة الرومانية التاريخية التي تقع على بعد 40 كيلومتراً شمال شرقي عمّان. فرق موسيقية أردنية وفلسطينية ستكون حاضرة في المهرجان أبرزها "أوركسترا المعهد الوطني الأردني للموسيقى" و"أوركسترا الأكاديمية الاردنية للموسيقى" و"فرقة صابرين" الفلسطينية. فيما تقدم "فرقة توتاف" التركية ألواناً من موروث الشرق الموسيقي مركزة على غناء يقارب أجواء المتصوفة. مكان للمسرح في جرش ادارة مهرجان جرش قصدت ايجاد مكان للمسرح في أنشطته، في الوقت الذي كانت عروض المهرجان في دوراته السابقة تبدو غير ملتفتة لهذا النشاط الفني وإن كانت عروض مسرحية اردنية وعربية وأجنبية قدمت على "المسرح الجنوبي" و"أرتيمس". اختيار العروض هذا العام جاء هادئاً ودقيقاً. فمن التجارب المسرحية الأردنية المميزة، تأتي تجربة المخرجة سوسن دروزة وهي ستعرض "من تراب وأرجوان"، ولسامية البكري ستعرض مونودراما "الزاروب"، فيما ستعرض مسرحية "الناس اللي في التالت" وهي اعتبرت في عروضها القاهرية، مسرحية أعادت الحياة لعروض المسرح المصري الرصينة. وفي شكل يقارب المسرح والموسيقى ستقدم "فرقة أنانا للمسرح الراقص" من سورية باليه "هواجس الشام 880"، تأمل فيه الفرقة التي تحاكي تجربة "فرقة كركلا" ان تقدم "قصة أمة يصاغ تراثها حركة ولحناً ليعبر عن رغباتها وطموحاتها وخصائصها النفسية خلال مرحلة أثّرت ولا تزال في مسيرتها التاريخية". "هواجس الشام880" كتبها محمد عمر وصاغ موسيقاها محمد هباش. الشعر ونقده رسخ مهرجان جرش على امتداد دوراته ملامح مهرجان شعري عربي، يشهد الى جانب قراءات المنبر، حلقة جديدة تأخذ محوراً خاصاً كل عام. في شعر جرش هذا العام يشارك نزيه أبو عفش، فرج بيرقدار، نوري الجراح وشاهر الخضرة من سورية، وحسن عبدالله وجودت فخر الدين من لبنان، وفوزي كريم ولهيب عبدالخالق من العراق، ومحمد الغزي، محمد الخالدي والمنصف الوهايبي من تونس، ونزيه خير وعبدالناصر صالح من فلسطين، وعبدالمنعم رمضان وحسن حجاب من مصر. ومن الأردن يشارك أكثر من 20 شاعراً بينهم: يوسف عبدالعزيز، يوسف أبو لوز، أمجد ناصر، عمر شبانة، جهاد هديب، زليخة أبو ريشة، حسين جلعاد، وخيري منصور. في النقد الذي سيتمحور للقصة من جرش حول "أدب المقاومة" سيشارك النقاد العرب:يوسف سامي اليوسف فلسطين، د. محمود أمين العالم مصر، د. محمد لطفي اليوسفي تونس، نبيل سليمان سورية، وخمسة نقاد من الأردن بينهم فخري صالح ود. ابراهيم أبو هشهش. الثناء على نجيب محفوظ عبر سينماه يحتفي مهرجان جرش بالأديب العربي الكبير نجيب محفوظ، باعتماد دورة للسينما هي الثانية في تاريخه، وهي مخصصة لعروض السينما المأخوذة عن روايات صاحب "ميرامار". والى جانب عرض أفلام: "الجوع"، "قلب الليل"، "اللص والكلاب"، "بين القصرين"، "خان الخليلي" وفيلم "حكاية الأصل والصورة" لمخرجه مدكور ثابت الذي يقدم صورة عن محفوظ نوبل للآداب 1988 هناك ندوة "نجيب محفوظ: الأدب والسينما" يشترك في ايضاح جوانبها النقاد: محمد رضا "الحياة" وريما مسمار من جريدة "المستقبل" وخميس خياطة التلفزيون التونسي ود. حسن عطية أستاذ النقد في أكاديمية الفنون - مصر.