الكتاب: الجوائز الأدبية: الحدود والأقنعة الكاتب: حسين بافقيه الناشر: نادي أبها الأدبي- السعودية لكثرة ما سمعنا وقرأنا عن الجوائز الأدبية تشكيكاً وتعضيداً أو بين بين، صارت الخشية شعوراً مرافقاً حين نقرأ شيئاً حول الجوائز خشية انطباق ما ترانا نقول إلا مكروراً معاداً. ومنذ العنوان يوقع المؤلف متلقيه في دائرة التساؤل ثم يتبع ذلك ومنذ الافتتاحية بالقول: ما الذي يمكن قوله في الجوائز الأدبية؟ وللإجابة عن هذا التساؤل يشرع الباحث في الإجابة عن شجون الجوائز وشؤونها حاضراً وماضياً وآفاقاً مستقبلية، متناولاً تنوع المفهوم وتعدده والإيحاءات التي تحضر في ذهن المتلقي إبان القراءة، ولا يقصر في الصولان كي يعضد حديثه بالأدلة والشواهد مستفيداً من مرونة منهجية أتاحت له مناقشة قضايا عديدة سعى إليها! ولا ينظر الى الجائزة الأدبية منفصلة عن سياقها الاجتماعي والاقتصادي بل انه يجهد نفسه في ربطها بمجمل الظروف المحيطة بعين ناقدة تتلبس بلبوس النقد المبطن طوراً والصريح تارة، ومن أجل تدعيم كثير من رؤاه فإنه يسلك المسلك المعتاد لدى المثقفين العرب في مساعيهم التأصيلية لما يعتور حياتنا من قضايا وأفكار، إذ يفتح بوابة التراث للحديث عن تجليات جائزية وربما في هذا الميدان العودة التأصيلية مسوَّغة ليس كما فعلنا في التأصيل المسرحي! وينطلق المؤلف من المعنى اللغوي للجائزة في اللغة العربية أصل الجائزة أن يعطي الرجل ما يجيزه ليذهب الى وجهه، وكان الرجل اذا ورد ماء قال لقيِّمه: أجزني أي أعطني ماءً حتى أذهب لوجهتي وأجوز عنك. وعبر قراءة بانورامية برصد الكتاب كثيراً من الجوائز العربية والدولية محاولاً الإحاطة بجوانب محددة تخدم رؤاه وأفكاره التي سعى للتعبير عنها بحرارة، وتأكيدها من فصل الى آخر حتى لو تم تكرار بعضها مما يدفع المتلقي للاعتقاد بأن موضوعات الكتاب قد ألقت منفصلة ثم أعيد ضمها الى بعضها، وربما كان يمكن التخلص من مثل هذا التكرار... وللشعراء والبلاط موقع في هذا الكتاب ويبدو ها هنا استفادة صرّح بها المؤلف من كتاب مبروك المناعي الشعر والمال الذي فاز بجائزة عربية العام المنصرم وإدراكاً من المؤلف لأهمية الجوانب المادية في الجوائز فإنه يقول تختلف قيمة الجوائز الأدبية من حيث أهميتها الثقافية والمادية... بحسب الشهرة والمجد اللذين تجلبهما لمن يحوزها، وبحسب القيمة المادية التي يتحصل عليها الأديب الفائز التي تتراوح في بعض الجوائز ما بين خمسة عشر دولاراً كما في الغونكور ومئات الألوف من الدولارات كما في نوبل والملك فيصل. وعن أثر الجوائز على صعيد المؤلف وكتابه والمجتمع والمتلقي والحياة الثقافية والناشر يفرد المؤلف عدداً من الصفحات ويعتبر المؤلف الناشر أكثر الأطراف استفادة من الجائزة بل ان هذا الجهاز يعد ضمن مجموعة أسباب كان لها ان تجعل من الجوائز الأدبية ظاهرة عالمية مثلها مثل البورصة وكرة القدم، وهو يمارس على رغم صمته الذي لا يقطعه سوى الاشارة اليه على غلاف الكتاب، هيمنة كبيرة على أذواق الناس وتوجهاتهم، وكأنه تحول الى لوبي خفي يمارس ضغوطه على توجه الجوائز ذاتها. وعند البانورايا العربية المزمنة نوبل يمهل المؤلف خطاه ليقدم احصاءات وآراء وأوجاع بعض المثقفين العرب أو الاشكاليات التي تصدرها هذه الجائزة وما يقال حولها والمواقف المتعلقة بنيل نجيب محفوظ لها تأخذ حيزاً وعلى رغم أننا أدمنا البكاء عليها عقوداً طويلة ووقفنا على أطلالها حتى ألهبت الشمس المحترقة هاماتنا، وتجاهلنا نوبل التي طالما بكينا عليها، ونسينا انها كانت عام 1988 برداً وسلاماً على قلوبنا المحترقة، وحينما افترعها الفارس الغربي نجيب نحفوظ مججنا طعمها وذهبت حلاوتها من ألسنتنا فأنكرناها.... ويثير حسين بافقيه مختلف الأسئلة المتعلقة بالجوائز العربية حول مقدرتها على تجذير الابداع الأدبي والثقافي والفكري ويسأل: هل استطاعت أن تصبح صناعة اقتصادية كبرى ترفد الاقتصاد العربي؟ وهل يمكنها خلق قاعدة جماهيرية عريضة من القراء؟ وعبر رؤية واضحة يقترح المؤلف عدداً من الأفكار فيما يخص الجوائز العربية. وكثير مما أثاره المؤلف يحتاج لمناقشة من مثل إلغاء الحواجز بين الجوائز وتمييع الحدود بين القديم والحديث، وحضور الانطباع الأولي بكثرة إلا أن الاستفادة من المرجعيات لافتة" زدْ على ذلك الروح الساخرة والخصوصية اللغوية المستمدّة من أجواء المقالة الصحافية.