على رغم أن صبحي ابو ستة المعروف باسم محمد عاطف أو "أبو حفص المصري" لم يضطلع بأدوار مهمة في نشاط الاصوليين الراديكاليين في مصر قبل أن يغادر بلاده في منتصف الثمانينات، إلا أنه لعب ادواراً بالغة الخطورة والاهمية في تأسيس "القاعدة" وتخطيط وتنفيذ عملياتها. لم يكن اسم ابو ستة متداولاً بين اوساط الاصوليين المصريين في حقبتي السبعينات والثمانيينات عندما برزت اسماء اخرى مثل الدكتور عمر عبد الرحمن وعبود الزمر ومحمد عبد السلام فرج وكرم زهدي وايمن الظواهري. وقتها كان ابو ستة مجرد مجند في الجيش المصري، لكنه فر من الخدمة بعد ما نوى ان يتجه الى افغانستان للالتحاق بالمجاهدين. وصل "ابو حفص" الى مدينة بيشاورحيث التقاه الظواهري. وبعد اشهر قدمه الى اسامة بن لادن، من دون أن يسند اليه أي ادوار تنظيمية في جماعة "الجهاد" التي كان الظواهري بصدد إعادة تأسيسها هناك. استغل "ابو حفص" خبرته العسكرية في اقناع بن لادن بتأسيس تنظيم عسكري وبدأ العمل بتنظيم "القاعدة"، الذي كان "ابو حفص" الرجل الثالث فيه بعد بن لادن والقائد العسكري للتنظيم علي الرشيدي المعروف باسم "ابو عبيدة البنشيري". برع "ابو حفص" في تجنيد العناصر وتدريبها، وأوكل إليه بن لادن في نهاية العام 1992 مهمة السفر الى الصومال لتأسيس قاعدة للتنظيم هناك ومساعدة قوات زعيم الحرب الصومالي محمد فارح عيديد في القتال ضد القوات الاميركية التي كانت موجودة هناك. نفذ "ابو حفص" المهمة بنجاح، وانتقل الى السودان حيث كان سبقه اليها كل من بن لادن والظواهري وبقية رموز "الافغان العرب". وفي العام 1995 مات "البنشيري" غرقاً في بحيرة فيكتوريا حيث كان هو الآخر في مهمة لتأسيس قواعد للتنظيم وسط افريقيا وشرقها. وعلى الفور شغل "ابو حفص" موقع المسؤول العسكري ل"القاعدة". ينتمي "ابو حفص" الى محافظة المنوفية في الوجه البحري في مصر، وظل اسمه مجهولاً ولم يرد في اي من قضايا العنف الديني التي نظرت فيها محاكم عسكرية ومدنية مصرية طوال عقد التسعينات، حتى كانت قضية "العائدون من ألبانيا" التي صدرت الاحكام فيها 1999 والتي كانت تضم 107 من ابرز قادة جماعة "الجهاد" وتنظيم "القاعدة". واللافت ان اسم "ابو حفص" احتل الرقم 77 في لائحة الاتهام في تلك القضية وصدر ضده حكم غيابي لمدة 7 سنوات. عكس الترتيب المتأخر لاسم "ابو حفص" في لائحة الاتهام وكذلك الحكم البسيط الذي صدر في حقه الى اي مدى لم تكن السلطات تعلم تفاصيل عن ادوار ذلك الرجل الخطير. ظل "ابو حفص" قريباً من بن لادن حتى قيل انه زوّج ابنه من أحد بناته، وظهر اكثر من مرة جالساً الى جواره مع الظواهري في الحوارات والاحاديث الصحافية التي كان الاثنان يجريانها مع وسائل الاعلام. ويعتقد بان غالبية العمليات التي استهدفت المصالح الاميركية ونسبت الى "القاعدة" كان وراءها دائماً "ابو حفص" كمخطط وخبير عسكري بارع. وحين تأسست في شباط فبراير 1998، "الجبهة الإسلامية العالمية لجهاد اليهود والصليبيين" التي ضمت الى جانب "القاعدة" جماعة "الجهاد" وجماعتين من باكستان واخرى من بنغلاديش، والتي تضمن البيان الاول لها فتوى توجب على المسلمين قتل الاميركيين اينما وجدوا، برز اسم "ابو حفص" الى واجهة الاحداث. فالجبهة والفتوى عنيا ان ذلك الرجل سيضطلع بمهام اضافية وسيلعب دوراً في وضع الفتوى موضع التنفيذ. ولذلك كان اسم "ابو حفص" حاضراً في المحاكمة الاميركية للضالعين في تفجير سفارتي اميركا في نيروبي ودار السلام في آب اغسطس 1998.