حذرت موسكو من احتمال انزال اميركي في جنوبافغانستان، معتبرة ان مثل هذه الخطوة محاولة لتغيير مجرى الحرب، ويضع الولاياتالمتحدة "بين نارين"، فيما أشارت قيادة الاحزاب اليسارية والقومية الى مخاطر توجيه ضربة الى العراق وطالبت بوقف العمليات الحربية خلال شهر رمضان. وجاءت التحذيرات الروسية على شكل "تسريب" عبر وكالة "ايتار تاس" الحكومية التي نسبت الى خبراء عسكريين قولهم ان التغيرات السريعة في الوضع الاستراتيجي في افغانستان "تجعل من العملية البرية الاميركية أمراً يشك في جدواه". واضافت الوكالة التي تستخدم عادة طريقة الاشارة الى خبراء لا تذكر اسماءهم لنقل الرأي شبه الرسمي، ان "ما كان يبدو أمراً منطقياً بالأمس، وتحديداً انزال قوات اميركية في جنوبافغانستان للقضاء على مقاومة طالبان، يبدو اليوم أمراً بالغ الخطورة". وتؤكد الوكالة، نقلاً عن هؤلاء "الخبراء" ان "الجبهة المتحدة"، أي ما يعرف ايضاً باسم "تحالف الشمال"، تسيطر حالياً على اكثر من ثلاثة أرباع افغانستان، وانها ستعتبر أي تدخل اجنبي "محاولة للتأثير في سير الحملة العسكرية كلها". ويشير المراقبون الى ان هذه المرة الأولى التي تتحدث فيها موسكو، بصراحة شبه كاملة، باسم حلفائها "الشماليين". واستخدمت الوكالة الحكومية الروسية تعبير "غزو" للحديث عن ادخال قوات اميركية الى جنوبافغانستان. وذكرت ان مثل هذه الخطوة سيدفع الافغان الى "توحيد صفوفهم ضد عدو مشترك" ويضع الولاياتالمتحدة "بين نارين". ودعت "ايتار تاس" الولاياتالمتحدة الى الاقتصار على عمليات خاصة لتصفية أسامة بن لادن ومساعديه وعدد من قادة "طالبان". وحضت واشنطن على التفاهم مع زعماء قبائل البشتون و"مقايضة" دعمهم بضمانات سياسية ومالية. ومن جانبه شدد الجنرال عمود غارييف رئيس أكاديمية العلوم العسكرية والمستشار السياسي سابقاً للرئيس الافغاني نجيب الله على ان الولاياتالمتحدة يمكن ان تقع في اخطاء كان ارتكبها الاتحاد السوفياتي، اذا تجاهلت الاساليب الاساسية واقتصرت على استخدام القوة. ودعا الى وقف كل العمليات الحربية في شهر رمضان من أجل التوصل الى تفاهمات. وصدرت دعوة مماثلة عن اتحاد القوى الشعبية والوطنية الذي يقوده الحزب الشيوعي. ودان زعيم هذا الحزب غينادي زيوغانوف "حرب الولاياتالمتحدة وحلفائها على افغانستان". وقال ان "الاحزاب اليسارية تؤيد مطالب مسلمي العالم بوقف العمليات خلال رمضان. وحذر من احتمال قيام الاميركيين بتوسيع نطاق الحرب وتوجيه ضربات الى بلدان اخرى، سمى منها تحديداً العراق، وشدد على ان واشنطن لا تملك أي دليل على تورط بغداد أو عواصم أخرى بالعمليات الارهابية. الى ذلك، أ ف ب، اعتبرت الصحف الروسية ان السقوط المفاجئ لكابول وهزيمة "طالبان" ليست سوى "مقدمة" قبل بدء حرب العصابات. وعنونت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا": "طالبان يلجأون الى الجبال. بدء حرب عصابات في الحرب الافغانية". وقالت صحيفة "كوميرسانت" ان "طالبان حافظوا على قواتهم لانهم تحاشوا المواجهات وسلموا مدنا من دون قتال مما يسمح لهم باللجوء الى الجبال وشن حرب عصابات في انتظار الفرصة المناسبة للعودة الى السلطة". وكتبت "ازفستيا" تحت عنوان "طالبان يخسرون السلطة ولكن هذا لا يعني شيئاً". ان استعادة العاصمة الافغانية "لا يشكل انتصاراً وانما على الارجح مقدمة لمعارك أكثر ضراوة" وتساءلت عما اذا كان سقوط كابول "هدية" من زعيم "طالبان" ملا عمر أم "فخ" نصبه. واعتبرت "نيزافيسيمايا غازيتا" ان "الدفاع عن المدن الكبرى مميت بالنسبة الى طالبان في وقت سيطر الاميركيون والبريطانيون على الاجواء الافغانية، وفي حين تقدم روسيا الاسلحة الى تحالف الشمال". واضافت ان "القدرة القتالية لتحالف الشمال أضعف بكثير من قدرة البشتون. وبكل تأكيد فإن قادة طالبان اعتمدوا التكتيك الوحيد الممكن وهو التفرق والعمل بمجموعات صغيرة من أربعين الى ستين شخصاً".