أول الكلام: لشاعر الصهيل الحزين/ عبدالعزيز محيي الدين خوجه: - يا عاشقاً للرؤى أضناك خوض العُبابْ فالشوق في أضلعي: جَمر خَبا... ثم: ذابْ!! 1 عندما بدأ "الليل الأول" في صحراء النفس، صرخت عتمة الوحدة: لا... لا تُصادق الريح! وعندما شقشق "نور الصباح" في أبعاد نظرة العينين... اصطفقت الضلوع في تشبثها بالصدق مُردِّدة: أيها "الصدق"/ الشموخ، الضائع المُهدر في كثافة أكاذيب البشر... أيها المتعاطف كموال يُرجع خفقات القلب إليَّ: متى أجدك... وكيف ضيّعتني أولاً؟!! تلك فلسفة "ما بين الورد والرماد"... عندما يعاني الصدق من الانكسار، وعندما يعاني الخفق من الصمم، وعندما يعاني الشموخ من الذل! 2 هذا دوري الآن! - هل لك دور، وهل لي دور... ما الذي ينتجه كل دور؟! ألا تتذكر؟! لقد رحلتَ قبل ذلك... غِبْتَ... اختفيت... انهزمت وكسرتني. ثم... تركتني أتجرع الوحدة... أتلفّت حتى تعود، فتصور... من ذا الذي يعود؟! - أووووه... هل هذا عقاب الاحساس؟! لماذا نحن "نُسخِّن" عواطفنا دائماً بالفراق والنوى... بالخصام... بالقطيعة... بالتناسي، ثم... نُجْمر كل ذلك - بعد ذلك! - بالانتظار للذي يأتي ولا يأتي؟!! 3 أرجوك... إهدأ، لا تمارس التلفت في ندائك على الحب، أو حتى على النسيان... ولا في ندائك على الحب في الناس، أو على الناس بالحب! - ولْ... كأنك: مجمور بالانتظار؟! كل شيء نتلقاه ممن نحب: يُخيّل إلينا أنه يتحول إلى نسمة، يرتفع صارية، يجنُّ خفْقَةً ووجيباً... إلاّ هذا الشيء الوحيد المسيطر على عصرنا وهو: الخوف! - نعم... نعم: صقيع يفوق ثلوج "الألب" في كانون! 4 الآن... أحسب أننا أصبحنا أصدقاء في غياب جنون العشق... فأية أمجاد تليدة تتسدد إلى القلب قبل العقل، وتعصف بالعقل في استرخاءة القلب... ولا نبلُّ حتى الصدى؟! - إسمع يا صديقي/ غير الأثير: هذا زمن "الشاطر والمشطور... الذي بينهما طازج"... أتذكر؟!! بلى... كنا آنذاك: عشاقاً رائعين أصفياء نظافاً جداً... نعلو فوق التنكُّر، ونسخر من النسيان الحضاري! - نعم... ذلك في زمن نكران الذات، وصبّها في الذات الأخرى... إنه زمن صار قديماً ومتأملاً! كأننا اليوم في هذا العجز والانسياب "الإكراهي" مع الظروف: نتشكَّل فلكلوراً بشرياً/ إنسانياً... ونعجب بصفات النبتة الصابرة، المتحدية للعطش!! - بل كأننا اليوم هذا الجنون المسكون بهزائم الآخرين الذين انتهوا من السلام إلى مهنة: الاسترزاق بالحرب... والذين انتهوا من الحب إلى مهنة: ممارسة التناسل!! أليست أفكار الكثير من الناس اليوم، مصبوبة في فكرة: استمرار الحياة بواسطة الانجاب؟!! الصعب: أن تستمر الحياة في هذا العصر بواسطة الحب... أعني: بفكرة مختلفة عن هذا "الشيء" الذي صار تعوُّداً!!