أول الكلام: للشاعر والأديب السعودي الكبير/ عبدالكريم الجهيمان: - ويمضي العمر أشبه ما نراه بغفوة حالم لمّا غفاها وليس يُعاد للإنسان دهر إذا صفحاته يوماً طواها ولا يُغني إذا الآجال حلَّت خرافات العجائز أو رُقاها!!
الكثير من الرصفاء والزملاء والأصدقاء في مجتمع الكلمة داخل بلادي: تبدَّى سخاؤهم، وسال مداداً على أنهار الصحافة المحلية في المملكة العربية السعودية، وهم يُدبّجون مقالاتهم عن قيمة الأستاذ الأديب/ عبدالكريم الجهيمان، على امتداد مشواره الذي شهدته دروب ومنعرجات الوعي والثقافة والأدب في الجزيرة العربية. وجاءت كل هذه الكتابات الجديدة: مواكبة لتكريم هذا العلم من قِبَل مهرجان "الجنادرية" الذي توّج الجهيمان: الشخصية الثقافية لهذا العام 1421ه/2001م!
وها أنذا بعد أن تفرّق الحفل: أصعد الى بهاء وقيمة هذا الرجل الذي أثرى بحوث الأساطير والأمثال الشعبية بكتب أضافت الى المكتبة العربية: تراثاً موسوعياً متخصصاً في ثقافة الشعب كما سماها كاتب محب لهذا الأديب الرائد. وتراث/ "عبدالكريم الجهيمان" الشخصي والفكري والإبداعي، ينقسم الى ملمحين أو جهادين، إذا ما اعتبرنا الكتابة أو الاشتغال بالكلمة - توجيهاً، وابداعاً - جهاداً... ومن خلال الكلمة: كرس "الجهيمان" أكثر وقته وبحثه ومطالعاته ليطلع قارئه على ما نجح في توثيقه وتجميعه عن الأساطير الشعبية في قلب الجزيرة العربية، وهو من كتبه الهامة، وتُرجم الى اللغة الروسية! ولم يخرج أديبنا عن هذه الدائرة التي تعمق فيها وزادها تمحيصاً وشمولاً وتوثيقاً... فأصدر كتابه الشهير: الأمثال الشعبية في الجزيرة العربية، واعتبر هذا الكتاب مرجعاً أساسياً لكل باحث ينهل المزيد من المعرفة عن أبعاد وحكايات الأمثال الشعبية، ليضاف الى كتابه عن الأساطير الشعبية في أجزائه العشرة... وينضم هذان الكتابان/ المرجع الى كتبه التي سبقت بهذه العناوين: أين الطريق، دخان ولهب، رأي فرد من الشعب... ولتتبلور تجربة الجهيمان المتوحّدة مع انتمائه الأعمق ووطنيته الرائدة.
لكنّ الجهيمان/ الباحث والأديب: يعتز كثيراً بأعماله الشعبية التي تفرّد بها، حتى بلغ ما جمعه من الأمثال الشعبية: عشرة آلاف مثل شعبي... وبذلك يُشكّل مشوار بحثه ودراساته النصف الآخر من نضجه الفكري، متّسقاً ذلك كله مع نبرته الوطنية منذ اشتعلت في رأسه الأفكار، واشرأب الى حياة تمور بالحوار، والرأي الآخر، وقاعدته فوق مبدأ: حرية الرأي من حرية الإنسان. وللجهيمان/ الرائد أيضاً: تجربة في الصحافة - وليس هو بصحافي - وذلك يوم أصدر صحيفة أخبار الظهران مع صديق له، لكنَّ الصحيفة لم تُعمّر طويلاً... ربما لأن العمل الصحافي لم ينسجم أبداً مع روح الأديب والباحث، ولا مع طموحات المثقف الذي يستنهض فكره برؤية عن المستقبل الأكثر انسجاماً بين الوعي والمعرفة، وبين الحرية والكرامة... وذلك هو الوميض الذي شاع به فعله الوطني من خلال أفكاره التي طرحها، وجهاده بالكلمة حتى يُثمر موسوعته عن الأساطير الشعبية، وسلسلته عن الأمثال الشعبية.