النفط يصعد 2% وسط مخاوف الإمدادات    إطلالة على الزمن القديم    مشاعل السعيدان سيدة أعمال تسعى إلى الطموح والتحول الرقمي في القطاع العقاري    التدمير الممنهج مازال مستمراً.. وصدور مذكرتي توقيف بحق نتنياهو وغالانت    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    «الولاء» يتفوق في تشكيلة الحكومة الأميركية الجديدة    وزير الرياضة يوجه بتقديم مكافأة مالية للاعبي فريق الخليج لكرة اليد    أشهرالأشقاء في عام المستديرة    د. عبدالله الشهري: رسالة الأندية لا يجب اختزالها في الرياضة فقط واستضافة المونديال خير دليل    أرصدة مشبوهة !    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    أخضرنا ضلّ الطريق    أشبال أخضر اليد يواجهون تونس في "عربية اليد"    5 مواجهات في دوري ممتاز الطائرة    البيع على الخارطة.. بين فرص الاستثمار وضمانات الحماية    لتكن لدينا وزارة للكفاءة الحكومية    «إِلْهِي الكلب بعظمة»!    ترمب المنتصر الكبير    فعل لا رد فعل    صرخة طفلة    المياه الوطنية: واحة بريدة صاحبة أول بصمة مائية في العالم    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    المؤتمر للتوائم الملتصقة    دوري روشن: الهلال للمحافظة على صدارة الترتيب والاتحاد يترقب بلقاء الفتح    خبر سار للهلال بشأن سالم الدوسري    حالة مطرية على مناطق المملكة اعتباراً من يوم غدٍ الجمعة    العوهلي: ارتفاع نسبة توطين الإنفاق العسكري بالمملكة إلى 19.35% مقابل 4% في 2018    عسير: إحباط تهريب (26) كغم من مادة الحشيش المخدر و (29100) قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي    إحباط تهريب (26) كجم "حشيش" و(29100) قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    الشاعرة مها العتيبي تشعل دفء الشعر في أدبي جازان    الأمن العام يشارك ضمن معرض وزارة الداخلية احتفاءً باليوم العالمي للطفل    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    أمير القصيم يستقبل عدد من أعضاء مجلس الشورى ومنسوبي المؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام    مدير عام فرع وزارة الصحة بجازان يستقبل مدير مستشفى القوات المسلحة بالمنطقة    ضيوف الملك: المملكة لم تبخل يوما على المسلمين    سفارة السعودية في باكستان: المملكة تدين الهجوم على نقطة تفتيش مشتركة في مدينة "بانو"    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    الصقور السعودية    «المسيار» والوجبات السريعة    وزير العدل يبحث مع رئيس" مؤتمر لاهاي" تعزيز التعاون    أفراح آل الطلاقي وآل بخيت    رسالة إنسانية    " لعبة الضوء والظل" ب 121 مليون دولار    استهلاك عدد أقل من السجائر غير كافٍ للحد من الأضرار التي يتسبب بها التدخين    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة للمدينة المنورة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجهيمان إرث ثقافي أثرى الذاكرة والوجدان
في جولة معرض كتاب جدة .. اختار وزار غازي علي
نشر في عكاظ يوم 08 - 12 - 2011

كثيرون هم من يغادروننا إلى دار البقاء أجسادا بينما تظل أرواحهم ترفرف على رؤوسنا، وذلك بما تركوه لنا من فكر وعلم ومد ثقافي ليس له حدود، ومن هؤلاء يجيء أديبنا السعودي الكبير عبد الكريم الجهيمان الذي رحل عن دنيانا الجمعة الماضي. ومما هو عكاظي الجانب ومرتبط بالراحل أنه في عام ما، وفي العقد الأخير من عمره (رحمه الله) أثناء قدومه جدة بمناسبة معرض الكتاب اختار «عكاظ» لمرافقته في جولاته في المعرض وتحديدا مدير التحرير هاشم الجحدلي، وحدث أن كنا جميعا في معيته طوال أيام تجوله في المعرض، ثم طلب أن يرى بعضا من فنانيه وفنانينا المثقفين في الموسيقى وفي الحياة وطلب تحديدا زيارة الموسيقار غازي علي، وقمت بالتنسيق لهذه الزيارة مع غازي الذي كنا في زيارته إلى جانب أستاذنا عبد الكريم الجهيمان (رحمه الله)، «عكاظ» ومرافقه ناصر وصديقه محمد القشعمي وعبد الله السالومي وعبد العزيز الصقعبي، يومها كان الراحل (رحمه الله) كثير السعادة بلقائه ابنا من أبنائه في الحياة الثقافية السعودية الذين أحبهم ممن أعطوا في مجال الفن والكلمة الكثير لهذا البلد، ومن الذين قدموا أول الأعمال الغنائية الإذاعية المحلية الناتجة عن دراسة وليس بشكل عفوي كما وصفه الجهيمان.
من هو
عبد الكريم عبد العزيز صالح الجهيمان، أديب وكاتب سعودي، كني في الوسط الثقافي بأبي سهيل، ولد عام 1330/ 1910م في قرية غسلة إقليم الوشم، تخرج في المعهد العلمي السعودي في مكة المكرمة عام 1351/1352ه، وعمل في التدريس، سافر إلى مصر مع تلميذه يزيد عبد الله عبد الرحمن ومكث مدة، ثم سافر معه أيضا إلى بعض أقطار أوروبا، عمل في مجال القضاء في مكة المكرمة والخرج، تولى إدارة التفتيش الإداري في وزارة المعارف، كما عمل في الاستعلامات والنشر فشارك في تحرير الكثير من الصحف، وعمل أول رئيس تحرير لأول صحيفة تصدر من المنطقة الشرقية (أخبار الظهران) عام 1374، وهي الصحيفة التي تحول اسمها في ما بعد إلى (الظهران)، كما تولى إدارة شركة الخط للطبع والنشر والترجمة في الدمام، كما عمل في وزارة المالية بطلب من وزيرها حيث أصدر مجلة (المالية والاقتصاد الوطني). ألف الكثير من المقررات المدرسية في الفقه والحديث والمطالعة وغيرها. ألف ما يزيد على 20 عملا للأطفال.. ومن أبرز مؤلفاته: آراء فرد من الشعب، مقالات، بيروت، دار الثقافة (1371/1951)، دخان ولهب، مقالات، بيروت، دار الثقافة (1381/1961)، أين الطريق؟ مقالات، بيروت، دار الثقافة (1382/1963)، دورة مع الشمس، مقالات، الرياض، جمعية الثقافة والفنون (1400/1980)، ذكريات باريس، مقالات الرياض، النادي الأدبي (1400/1980)، أساطير شعبية من قلب جزيرة العرب، الرياض، دار أشبال العرب (1400/1980)، الأمثال الشعبية في قلب جزيرة العرب، الرياض، دار أشبال العرب (1430/1938م)، سلسلة مكتبة أشبال العرب، مجموعة قصصية للأطفال ط2 (1404ه)، مكتبة الطفل في الجزيرة العربية، مجموعة قصصية للأطفال (1405ه)، دار أشبال العرب.
أصدر عنه الأستاذ ناصر الحميدي كتابا بعنوان (من مذكرات كاتب) عام 1415ه 1995م تناول فيه مسيرته وأعماله.
أصدرت له جمعية الثقافة والفنون في الرياض الطبعة الثانية من كتاب (من مذكرات كاتب) 1418ه.
أحاديث وأحداث
رسائل لها تاريخ
بنت الغول (قصص للأطفال)
شجرة الليمون (قصص للأطفال)
خفقات قلب (ديوان شعر) هو ديوانه الأول وصدر في 1422ه 2011م.
له مشاركات دائمة من الزوايا اليومية والأسبوعية في عدد من الصحف والمجلات المحلية.
• كرمه الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض آنذاك ورئيس لجنة أصدقاء المرضى لإسهاماته المالية للجنة، كما تم إطلاق اسمه على إحدى قاعات جمعية الأطفال المعوقين في مركزها في الرياض.
• كرمته اثنينية عبد المقصود خوجة في 19 محرم 1421ه لإسهاماته العديدة في خدمة الفكر والأدب والثقافة.
• كرمه نادي الوشم في شقراء يوم 7/3/2002م على شرف محافظ شقراء.
• تم تكريمه ضمن فعاليات الاحتفال باليوم الوطني لعام 1427ه (2006)م.
• كرمه قسم اللغة العربية وجمعية اللهجات في جامعة الملك سعود (2007م).
قالوا عنه:
يتحدث ل«عكاظ» رفيق دربه محمد القشعمي المتواجد اليوم في بيروت قائلا:
رحم الله أبا سهيل، الذي أعزي الوطن بغيابه عن المشهد الثقافي المحلي، كان أخي الذي ارتبطت به طويلا إنسانا وأديبا، ودعني أقول لك إن جمال تناوله في الكتابة هو واحد من أهم ما قربني إليه إلى جانب دماثة خلقه، فاقرأه هنا عندما استهل الحديث عن نفسه في سيرة ذاتية قدمها إلى صحيفة الرياض بقلمه يقول فيه:
ولدت كما أخبرتني والدتي «سنة الصخونة» وقد ولدت بين أبوين من قريتين متجاورتين في بلاد الوشم إحداهما تسمى الوقف والأخرى غسلة، وكان أبواي من قبيلة تميم الكبيرة المعروفة التي يقول المثل الشعبي فيها «من ضيع أصله قال أنا من تميم» لأنه يضيع فيها مجهول النسب.
ويقول المستشار والأديب المعروف صاحب الثلوثية الشهيرة محمد سعيد طيب المتواجد في معرض الكتاب في بيروت اليوم لتوقيع كتابه مساء:
أسعدتني إطلالة الراحل الجهيمان في صالوني الأدبي (الثلوثية)، وهو رجل بلا شك اعتبر إضافة لكل مكان حل فيه، الجهيمان علم كان سببا في تعريف الناس بمكان نشأته وبلده، ثم إني كنت أحيي فيه مشاركاته الأولى (رحمه الله) في إرهاصات الإعلام والصحافة المكتوبة تحديدا.
أما رئيس تحرير الزميلة صحيفة البلاد علي الحسون فيقول:
رأيته مرة واحدة في ثلوثية محمد سعيد طيب فعاودني كثير مما قرأته له حيث إنه علامة بارزة في الأمثال الشعبية، فكتابه الأساطير وثق لمثل هذه الجوانب الشعبية التي بدأت توثق مع اهتمام هذا الرجل الذي حمل على كتفيه قرنا من الزمان (رحمه الله)، وأعجبني من فلسفته ما طرحه من رأي نقدي للمجتمع من وجهات نظره النقدية العديدة ذلك الرأي الذي قال فيه إننا نحرق ملايين ليس لها حصر في البخور والعودة وما شابه، وهو الأمر الذي تطور في ما بعد إلى السجائر والشيشة، رحم الله أستاذنا عبد الكريم الجهيمان المكافح العصامي الذي عندما التقيته وجدته ذلك الصامت الذي لا يتفوه في المجلس إلا إذا كان معنيا بالكلام أو أنه سيطرح إضافة في الحوار، كان كثير الصمت كما الحكماء، ووجدته حاضر الذهنية رغم كبر سنه (رحمه الله).
عن هذا الراحل الكبير والأديب المميز في خطه المرتبط بالتراث يقول الموسيقار غازي علي:
رحم الله أديبنا الكبير الذي سعدت كثيرا بالتعرف عليه عن قرب، إذ إنني لم أكن أعرف إلا اسمه وأنه من أصحاب البحوث الكبيرة في مستعصيات التراث الأدبي والاجتماعي، إلى أن زارني منذ فترة طويلة الصديق الأديب محمد القشعمي الذي أهداني مجموعة مؤلفات والنشاط الأدبي للأستاذ الجهيمان، وكانت تلك المجموعة هي ما وجدت فيها ما ينقصنا وينقص المكتبة السعودية في التراث الأدبي والاجتماعي في بلادنا، فتعرفت على شخصية الرجل من خلال مؤلفاته، وأصبحت بيننا صلة اتصال كنت فيها الكاسب دائما، فالفنان الباحث في شؤون الثقافة لا بد له من ارتباط وثيق بالأدب والأدباء، وهو الحال الذي كان يعيشه كثير من فنانينا الزملاء أمثال مطلق الذيابي وعمر كدرس وحامد عمر وعلي هباش ومحمد عبده أيضا. وكم كانت سعادتي وهو يزورني في منزلي في جدة رفقة عدد من الصحب.
وتحدث مدير التحرير في «عكاظ» الكاتب أحمد عائل فقيهي عن الفقيد قائلا:
التقيت الراحل أكثر من مرة فوجدت فيه ذلك التواضع الكبير الذي كان يزيده كل يوم رفعة وقدرا، وهو أحد الرموز الكبيرة في الحركة الأدبية السعودية وصاحب تاريخ وطني ومواقف معروفة وجلية، اقترنت الكتابة عنده بالفكر والموهبة، وكتاباته الوطنية والاجتماعية المبكرة تدل على حس وطني عال، إضافة إلى أنه جمع ووثق الأساطير والتراث الشعبي وليس أدل على ذلك من أعماله التي تهتم بالتراث الشعبي وعالم الخرافات والأساطير التي أصبحت مرجعا في منطقة نجد والجزيرة العربية، وأصبحت في ما بعد مرجعا للباحثين والدارسين. ولقد وجدت في كتاب أخير للباحث وعالم الاجتماع السوري المعروف حليم بركات إشارة إلى ما كتبه عبد الكريم الجهيمان في هذا السياق، إضافة إلى استفادة الروائي الراحل عبد الرحمن منيف من كتب الجهيمان، ولا سيما في جانب الأساطير وهو كما وصفه الكاتب محمد علوان (حارس الأساطير).
أما الزميل محمد داوود فنعى كاتبنا الكبير واصفا إياه بالبصمة الموثقة في الصحافة والأدب السعودي قائلا:
تتعثر الكلمات عندما أتحدث وأقف أمام قامة وتاريخ إعلامي وصاحب روايات وأساطير وقصص وموسوعة وشعبيات، فالراحل عبد الكريم الجهيمان من الرواد الذين أسهموا في إثراء الساحة الأدبية تاركا خلفه إرثا ثقافيا متميزا وفريدا من نوعه في مجالات كثيرة في الصحافة والرحلات والتجارب الشخصية، وقد أعطى الراحل لقلمه العنان منذ طفولته في نجد ورحلته لطلب العلم في الرياض ومكة المكرمة ثم السفر إلى باريس، مرورا بالجوانب الأخرى من حياته صحافيا، ومؤلفا، وشاعرا، وكذلك الجوانب الإنسانية، لن ينسى التاريخ الراحل الجهيمان، وعزاؤنا أنه ترك لنا إرثا كبيرا وكتبا عديدة ومؤلفات رائدة، وله بصمة كبيرة وموثقة في الصحافة السعودية حيث إنه يعد من أوائل الكتاب السعوديين الذين شاركوا في بدايات الصحف السعودية.
والخطوة المباركة بإطلاق اسم الراحل على أحد شوارع الرياض تقديرا لجهوده الكبيرة كانت لمسة إنسانية من المسؤولين تستحق الإشادة، ولكن نظل مهما كانت مبادرات التكريم مقصرين أمام جهوده وإنتاجه الفكري والأدبي والثقافي، فإن غاب الإنسان لا يغيب إنتاجه الفكري.
الزميل الكاتب عبد الرحمن المشايخ كتب عن الفقيد والحدث تحت عنوان (نحو قراءة جديد للجهيمان) كانت كما يلي:
تعتبر رحلة الأديب الراحل عبد الكريم الجهيمان مع الكلمة والفكر هي رحلة الإنسان مع الحياة بزمانها ومكانها، بشقائها وجمالها، فالإنسان في فكر ووجدان الجيهمان هو محور نشاطه وإنتاجه الأدبي والفكري، فمسيرته العلمية مليئة بالنضال الإبداعي من أجل الإنسان حيث إن توثيقه للأمثال الشعبية وأساطير الجزيرة العربية في عدة مجلدات لها مدلول عميق غاب عن أذهان الكثير، فهو يتطلع إلى مجتمع لا يتحول فيه الأفراد إلى آلات تفنى دون قيمة، أو تموت بلا رسالة، أو تترك الحياة دون أثر، إنه رسالة حكماء التاريخ في تحويل حياة الإنسان من مجرد سيرة تسجل في التاريخ إلى قيمة تجسد في الواقع وترقى بروح الإنسان في مقاومة انكسارات الإنسان ومواجهة سلبيات المجتمعات، فالموروثات القديمة من أمثال وأساطير هي أحوال الناس وأفكارهم ومشاعرهم، فهي إذن مخزون للإسهام في النهضة والتقدم والحياة.
ويقول الإعلامي بدر العباسي:
بفقدان الأستاذ الجهيمان تكون الساحة الثقافية خسرت ركنا مهما كان المرجع فيها بلا شك، والأديب أبو سهيل اسم يعتز به كل من انتسب لثقافة هذا الوطن.
ويقول الزميل خالد الحسيني، الكاتب المعروف وعضو ثلوثية محمد سعيد طيب:
ببساطة نستطيع القول إن الساحة الثقافية والإعلامية خسرت كبيرها، فالأستاذ عبد الكريم الجهيمان كان كبيرنا بلا شك، وتميزه في الأدب الشعبي والتعامل مع أساطيره جعل منه الاسم الذي يشار إليه كمرجع في القول والمثل الشعبي من مواقعه ومكامنه الأصلية.
وتحدث الزميل أشرف الهندي عن الجهيمان كموسوعة الأمثال والأساطير الشعبية قائلا:
يعتبر عبد الكريم الجهيمان رائدا فريدا فى مجال حفظ الموروث الشعبى وخاصة ما يتعلق بالأمثال والأساطير الشعبية في الجزيرة العربية، وهو أيضا الصحافي والأديب والمثقف الذي نذر نفسه للبحث والكتابة والتأليف والنشر، فقدم للمكتبة العربية جملة من المؤلفات والكتب كان له السبق في اختيار مواضيعها ومضامينها، فهو أول من اهتم بالكتابة والبحث في المجال الشعبي وأدبه.
والأديب الصحافي والمؤرخ عبد الكريم الجهيمان أحد أبرز الأسماء المضيئة في سماء الكتابة والصحافة في المملكة، ولقد شغف بالهم الكتابي منذ أن أصدر صحيفة (أخبار الظهران)، ثم صحيفة القصيم، حيث كان يهمه الوعي الاجتماعي بصفة خاصة، تجلى ذلك في ما أصدره من كتب عديدة، كما كان له اهتمام كبير بالموروث الشعبي، حيث رصد مئات الأمثال الشعبية، وقدم العديد من الحكايات الشعبية التي تحمل أهدافا وقيما جوهرية.
اشتهر الجهيمان بموسوعته عن الأساطير الشعبية كما ألف كتبا عديدة منها (رحلة مع الشمس) يحكي فيها فصول رحلته العالمية حيث غادر من الشرق وعاد من الغرب، كما ألف كتابا بعنوان (ذكريات باريس) يتحدث فيه عن مدينة باريس التي أمضى فيها قرابة الستة أشهر مطلع الستينيات الميلادية. كما له موسوعة الأمثال الشعبية: عشرة أجزاء، وله دواوين مثل (أين الطريق) و(خفقات قلب). وله (رسائل لها تاريخ)، وكتاب (دخان ولهب) وهو عباره عن مجموعة مقالات أصدرها في عدة صحف سعودية منها صحيفة الظهران.
كما يعد الجهيمان من المخضرمين الذين عايشوا فترات كبيرة من الحقب والأجيال. يقول عن نفسه فى سيرته الذاتية بقلمه «عندما فتحت عيني على هذا الكون وجدت نفسي كما أريد لي لا كما أردت، فلم أحظ بعطف الأمومة كاملا، ولم أحظ بعطف الأبوة كاملا، فقد افترق والداي بالطلاق وبعد هذا الطلاق كنت أعيش تارة عند أمي وأخوالي وتارة أخرى عند أبي، وكانت والدتي (رحمها الله) عندما تزور أهلها في الأسبوع مرة أو مرتين وتهتم بي وبدأت أكبر وبدأ من حولي من أخوالي يفهمونني بأن ذهاب والدتي إلى زوجها شيء طبيعي وأنها تحبني، وعشت فترة تحت كفالة أمي وأخوالي، وبعض الفترات كنت أعيش في كفالة والدي، إنني والحمد لله تعالى عشت طفولتي طولا وعرضا وتمتعت بأنواع الحرية والانطلاق».
وعن مرحلة الكتاب يضيف الجهيمان «دخلت الكتاب وعمري ست سنوات، واستمررت أدرس قرابة سنة بفضل الله ثم جهود أمي، وعندما بلغت الثالثة عشرة من العمر طلبت من والدي أن أذهب إلى الرياض وألتحق بطلاب العلم»، وعندما رحلت للحجاز ذهبت إلى قيادة الهجانة فقبلوني وسجلوا اسمي وأرسلوني إلى قلعة أجياد لأنضم إلى القوة التي فيها، وواصلت القراءة وطلب العلم على بعض المشايخ في الحرم المكي، ثم التحقت بعد ذلك بالمعهد العلمي السعودي في مكة فمكثت فيه ثلاث سنوات ثم تخرجت».
وفي 1362ه انتقل إلى محافظة الخرج وتولى إدارة مدرسة وفي عام 1363 توجه إلى الرياض ليقوم بالتدريس في مدرسة أنجال ولي العهد وبقي فيها لمدة عام. وعن صحيفته الأولى التي أنشاها تحت اسم (أخبار الظهران) يقول «أنشئت من ضعف، فلم تكن ذات موارد مالية مغرية ولم يكن لها قراء كثر، فهي جريدة على المنطقة، وقد استمرت بالصدور في المنطقة الشرقية إلى أن صدر نظام المؤسسات الصحفية فتوقفت وصدرت بدلا منها صحيفة اليوم وما زالت سائرة في طريقها المرسوم إلى وقتنا الحاضر». ويحفظ التاريخ للجهيمان أنه من خلال تلك الصحيفة كان من أوائل من دعا إلى تعليم المرأة من خلال نشر بعض المقالات فيها، في وقت لم تكن هناك أي مدارس لتعليم البنات.
ألف الجهيمان عددا من الكتب، منها (رحلة مع الشمس) يحكي فيه فصول رحلته العالمية، حيث غادر عبر الشرق وعاد من الغرب. كما ألف كتابا بعنوان (ذكريات باريس) يتحدث فيه عن مدينة باريس التي أمضى فيها قرابة ستة أشهر مطلع الستينيات الميلادية، ومن أشهر أعماله (موسوعة الأساطير الشعبية في شبه الجزيرة العربية)، و (موسوعة الأمثال الشعبية) التي تتكون من عشرة أجزاء.
وكرم الأديب الراحل في مهرجان الجنادرية 1421ه، تقديرا لمساهماته وعطاءاته خلال مسيرة 90 عاما قضاها مجاهدا في ساحة الكلمة والحرف. واستحق الجهيمان ذلك لكونه الناقد الأول لكثير من الظواهر السلبية في مجتمعه، لا سيما ما يمس ويتناول أداء القطاعات الحكومية، كان هذا النقد منذ زمن مبكر من نهضة هذه البلاد، إذ نشر نقده تحت عنوان (المعتدل والمايل) في صحيفة أخبار القصيم، قبل عقود أربعة، وتعد الإضافة العلمية التي قدمها الرائد الجهيمان هي مؤلفاته في حقل الدراسات الشعبية، فقد ألف أسفارا رائدة في الأمثال والأساطير الشعبية حتى لقب في الوسط الثقافي السعودي ب(سادن الأساطير والأمثال) إذ تعد مساهمته هذه عملا توثيقيا رائدا وحفرا أركيولوجيا في دواليب الثقافة الشعبية السعودية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.