لا تحتاج قصة مجزرة صبرا وشاتيلا ان تروى مجدداً، فلا تزال مئات الصور لجثث الاطفال والكهول والرجال والنساء محفوظة. تحتاج المجزرة منا نحن العرب ان نتذكرها كواحدة من ابشع الجرائم التي تعرض لها الشعب الفلسطيني. وتحتاج ان يذكرها العالم، ليقتنع ربما بأن لهذا الشعب ارضاً لا يمكنه ان يعيش خارجها. لهذا الغرض سيزور لبنان وفد ايطالي مؤلف من سياسيين ومثقفين وممثلي جمعيات غير حكومية في ذكرى المجزرة، من 13 ايلول سبتمبر الجاري الى 16 منه. ولكن لمَ تذكّر الايطاليون المجزرة بعد 17 سنة على وقوعها؟ بعدما تحرّر الجنوب اللبناني من الاحتلال الاسرائيلي، زاره مسؤول الشؤون الدولية في صحيفة "ال مانيفستو" ستيفانو كياريني، وزار ايضاً مقبرة شهداء المجزرة، فوجدها ملعباً تكثر فيه الاوساخ وتحيط به بيوت غارقة في الفقر. كتب كياريني ما رآه في شاتيلا "احتجاجاً على المعاملة السيئة التي يلقاها الشهداء" كما قال، واتصل مئات من قراء الصحيفة يطالبون ب"تحرّك يعبّر عن مشاعرهم تجاه الضحايا، وضرورة تخليد ذكراهم"، فأعدّ كياريني ومتضامنون مع الفلسطينيين عريضة عنوانها "لنتذكّر الشهداء الفلسطينيين واللبنانيين الذين قتلوا في صبرا وشاتيلا". وتذكر العريضة بأحداث المجزرة، وتتضمن وصفاً للمقبرة، وتختتم بدعوة الرأي العام الايطالي والعالمي الى مطالبة السلطات اللبنانية بأن تخصص مقبرة لائقة لهؤلاء الشهداء، وتحضّ على اقامة نصب تذكاري لهم "كي لا ننسى تضحياتهم ومعاناتهم". وجمعت اللجنة التي اعدت العريضة 150 توقيعاً الى الآن، ومن الموقّعين نائب رئيس مجلس الشيوخ الايطالي ارسيليا سالفاتو ونواب ايطاليون في البرلمان الاوروبي، وشخصيات حزبية ايطالية يمينية ويسارية. ولتذكير الرأي العام العالمي بالمجزرة أُنشئ موقع للعريضة على الانترنت فوقّعتها شخصيات عربية واجنبية منها نعوم شاومسكي. وقال كياريني ل"الحياة" ان هدف الزيارة التي ستُنظّم بعد ايام هو "اعطاء هذه المبادرة بعداً انسانياً، واحترام ذكرى الذين قضوا". ولفت الى الفقر الذي يعانيه سكان المخيمات، مؤكداً ان البعد الثاني للزيارة هو "تأكيد حق الفلسطينيين في العودة الى بلادهم"، وان لم ترد هذه العبارة في العريضة لكن الزيارة ستكون مناسبة لطرح هذه المشكلة "ففلسطين لم تكن قبل عام 1948 ارضاً بلا شعب". واضاف بصوت حاد: "اسرائيل مسؤولة عن هذه المجزرة وغيرها مما عاناه الفلسطينيون، وكانت هذه محاولة لتدمير المخيمات". ولم يتخوف من ضغوط يمارسها مناصرون لاسرائيل في بلاده، مشيراً الى انه "رغم النفوذ الصهيوني في بعض وسائل الاعلام الا ان ثمة قوة عسكرية ايطالية كانت في لبنان عرّفت الشعب الايطالي بالمجزرة، وتركت اثراً بالغاً". ماذا بعد الزيارة؟ ستؤسس لجنة من ايطاليين ومثقفين لبنانيين وفلسطينيين لمتابعة مشروع تنظيف المقبرة واقامة النصب التذكاري. ولن تكون الزيارة النشاط الوحيد للتذكير بالمجزرة، بل ستُنظَّم مسيرات في مدن عديدة منها واشنطن ولندن وحيفا والجليل، تُطالب ايضاً بحق العودة.