} بدأ الاصلاحيون في ايران تغييرات سياسية واقتصادية في الحكومة ومجلس الشورى البرلمان، في خطوة لمواجهة استحقاقات المرحلة المقبلة على اعتاب الانتخابات الرئاسية في ربيع 2001. ودفع الاصلاحيون مستشار الرئيس وزير الداخلية السابق علي أكبر محتشمي الى واجهة كتلتهم البرلمانية الواسعة، بينما يمضي الرئيس محمد خاتمي في اصلاحات تطاول عدداً من الوزارات المعنية بالاقتصاد. ارتفعت أسهم علي أكبر محتشمي إذ أصبح رئيساً لكتلة الأحزاب والقوى الاصلاحية في البرلمان. وانتخب محتشمي في جلسة حضرها 120 نائباً من أصل 180 هم أعضاء كتلة القوى الاصلاحية المؤلفة من "رابطة العلماء المناضلين" ينتمي اليها خاتمي ومحتشمي وحزب "جبهة المشاركة" القريب الى الرئيس الايراني، وحزب "كوادر البناء" القريب الى الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني، وحزب "التضامن" وحزب "العمل الاسلامي"، والقوى السائرة على خط الخميني. وتضم الكتلة ايضاً نواباً مستقلين يميلون الى برامج الاصلاح والتغيير، وسينضم اليهم ثلاثون نائباً جديداً، ليصبح عدد أعضاء هذه الكتلة 210 نواب من أصل 290 يشكلون مجلس الشورى الحالي. وستجعل هذه المعطيات محتشمي "رقماً" اساسياً في المعادلة البرلمانية وبالتالي السياسية، وهي تعزز نفوذ تياره الديني رابطة العلماء المناضلين، علماً أن زعيم الرابطة مهدي كروبي يرأس البرلمان. وبذلك يكون التيار الديني الاصلاحي الآن الراديكالي سابقاً أعاد سيطرته على البرلمان، بعدما غادره عام 1992 حين كان يمسك برئاسته أيضاً، وسيكون القائد الفعلي لجبهة الاصلاحيين، على حساب حزب "جبهة المشاركة" الذي يتولى أمانته العامة محمد رضا خاتمي شقيق الرئيس. وعلى رغم ان محمد رضا خاتمي حاز على المرتبة الأولى في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، انتخب مديراً لمكتب الدراسات والبحوث في البرلمان، وأوكل تمثيل حزبه في هيئة رئاسة الغالبية البرلمانية الى عضو الشورى المركزية علي شكوري راد، الذي انتخب مع الراديكالي أبو القاسم سرحدي زاده نائبين لمحتشمي. وبدا ان اختيار محتشمي لرئاسة الغالبية البرلمانية، وما سبقه من انتخاب مهدي كروبي لرئاسة المجلس، سيجعل الجبهة الاصلاحية أكثر قوة في المواجهة الداخلية، خصوصاً ان الرجلين يعتبران من أعمدة النظام، وتبتعد مواقفهما عن الانفعال والتسرع بما قد يجنب الاصلاحيين مطبات سياسية على غرار ما واجهوه في طرحهم قانون الصحافة لتعديله في البرلمان، وما أثاره من "عاصفة" سياسية قادها المحافظون على خلفية دعم المرشد آية الله علي خامنئي. لكن محتشمي غير بعيد عن الصحافة، فهو يدير صحيفة "بيان" التي عطل القضاء صدورها موقتاً مع أكثر من عشرين صحيفة واسبوعية اصلاحية. اصلاحات حكومية ويصف مراقبون خطوات الاصلاحيين بأنها محاولة لمعاودة ترتيب البيت الداخلي، ترافقها اصلاحات حكومية اقتصادية بدأها الرئيس خاتمي، اذ دمجت أربع وزارات في وزارتي الزراعة والبناء، والصناعة والمعادن. ويدور حديث عن عزم خاتمي على اجراء تغيير أساسي في وزارة الاقتصاد قد يطاول الوزير نفسه. وأعربت أوساط مستقلة عن أملها بأن تؤدي خطوات خاتمي الى نتائج عملية لمعالجة الضائقة الاقتصادية. وقالت ل"الحياة" ان هذه التغييرات تبرز أبعاد سياسية جديدة يريد خاتمي تنفيذها، تقوم على أساس معاودة النظر في سياسته الاقتصادية للسنوات الثلاث الماضية. بطالة يأتي ذلك وسط تصاعد التحذيرات داخل التيار الاصلاحي من تفاقم الأزمة الاقتصادية والمعيشية، وذهب النائب مجيد أنصاري حليف خاتمي الى التحذير من أن أزمة البطالة باتت تهدد المجتمع والثورة الاسلامية. وانتقد في كلمة ألقاها في مدينة شيراز جنوب التيار المحافظ ل"عرقلته عمل الحكومة"، مشدداً على أن الحكومة "بحاجة الى الطمأنينة والهدوء كي تخطط وتحل المشاكل، في حين تمنعها مجموعات معينة من ذلك، عبر فرض الأزمات". وتفيد الأرقام ان نسبة البطالة بين الايرانيين وصلت الى 15 في المئة، خصوصاً بين الشباب، إذ أن نصف عدد سكان ايران 60 مليوناً دون سن الخامسة والثلاثين.