} أمسك الرئيس الإيراني محمد خاتمي بزمام البرلمان فعلياً بعدما صادق مجلس صياغة الدستور على انتخاب زعماء التيار الاصلاحي في دائرة طهران. إلا أن المفاجأة سجلها الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني متقدماً عشر درجات بموجب النتائج الجديدة. حقق المحافظون الإيرانيون مكسباً واحداً في الانتخابات البرلمانية لدائرة طهران، تمثل في دخول أحد مرشحيهم حداد عادل إلى البرلمان، وخروج المرشح الليبرالي علي رضا رجائي من حلبة التنافس تماماً، فيما انفتح الباب أمام علي أكبر محتشمي وزير الداخلية السابق. وفي قراءة أولية، قالت أوساط اصلاحية ل"الحياة" إن التصديق على نتائج طهران يشكل محطة للانتقال السلمي للسلطة، وأعربت عن تفاؤلها بقيام علاقة وثيقة بين التيار الإصلاحي والمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، لأنه حال دون إلغاء الانتخابات على رغم إعلان مجلس صيانة الدستور الخميس الماضي أنه لا يريد المصادقة عليها. وفي أول تداعيات الاعلان عن إلغاء نتائج مئات الصناديق بسبب حصول تلاعب فيها تحرك القضاء ليعلن أنه ينتظر شكاوى مجلس الصياغة ليلاحق قضائياً من تثبت إدانته في القيام بعمليات تلاعب، ويستهدف هذا القرار في شكل أساسي الهيئات الاجرائية التابعة لوزارة الداخلية. ومع اطمئنان الاصلاحيين إلى نتائج الانتخابات ومستقبل البرلمان، صعدوا انتقاداتهم في اتجاه المحافظين لاستهدافهم الرئيس محمد خاتمي خلال الأسبوعين الماضيين في شكل مركز. وحملت رابطة العلماء المناضلين على التيار المحافظ، كما انتقدت بشدة اجراءات توقيف الصحف الاصلاحية، ووصفتها بأنها بدعة تؤدي إلى إثارة بعض التساؤلات في شأن السلطة القضائية. وحمل المحافظون الرئيس محمد خاتمي مسؤولية "الاخفاقات السياسية والاقتصادية في البلاد"، وتحدثوا عن التحضير لبديل عن خاتمي، بينما نفت أوساط الاصلاحيين ان تكون اطلالة رئيس الوزراء السابق مير حسين الموسوي إلى الساحة السياسية الأسبوع الماضي بمثابة التحضير لترشيحه إلى رئاسة الجمهورية العام المقبل. لكن الواضح، بعد انتهاء الاستحقاق البرلماني، في رأي المراقبين، هو انطلاقة التنافس لاستحقاق رئاسة الجمهورية. وسيكون هذا العام محطة ذهبية للإصلاحيين، لكنها حساسة ودقيقة بعد فوزهم بحوالى 80 في المئة من مجموع مقاعد البرلمان، نظراً لضرورة تنفيذ الوعود. ففي العاصمة وحدها، فاز أنصار الرئيس محمد خاتمي بستة وعشرين مقعداً من مقاعد طهران الثلاثين بعدما صادق مجلس صياغة الدستور "ذي الغالبية المحافظة" على فوز ثمانية وعشرين مرشحاً كان من بينهم الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني الذي جاء في المرتبة العشرين بعدما كان يحتل المرتبة الثلاثين في النتائج السابقة، وهذا ما سيدفع بعض الأوساط المحافظة إلى إعادة ترشيحه لرئاسة البرلمان إلى جانب أبرز المرشحين الاصلاحيين لمنصب الرئاسة، خصوصاً مهدي كروبي رئيس رابطة العلماء المناضلين التي ينتمي إليها الرئيس خاتمي، وبهزاد نبوي مستشار الرئيس وحافظ محمد رضا خاتمي شقيق الرئيس الإيراني على المرتبة الأولى. كما ان إلغاء مجلس صيانة الدستور ل534 صندوقاً من أصل ثلاثة آلاف، لم يحدث سوى تغييرات طفيفة في النتائج التي أعلنتها سابقاً وزارة الداخلية، حيث حافظ الاصلاحيون على غالبية المقاعد، لكن مع اختلاف في نسب الفوز. إلا أن البارز كان خروج مرشح الليبراليين علي رضا رجائي من قائمة الفائزين وحتى المؤهلين لخوض الدورة التكميلية بعدما كان احتل المرتبة الثامنة والعشرين في النتائج السابقة. ودخل إلى البرلمان المرشح المحافظ حداد عادل بعدما كان خاسراً في تلك النتائج، وانتقل إلى الدورة الثانية "التكميلية" أربعة مرشحين جميعهم من الاصلاحيين للتنافس على المقعدين المتبقيين، بما يعني ان مجموع ما سيحصل عليه الاصلاحيون من مقاعد طهران سيكون ثمانية وعشرين مقعداً من أصل ثلاثين. وجاءت النتيجة لمصلحة مستشار خاتمي وزير الداخلية السابق علي أكبر محتشمي حيث سيكون أحد المرشحين الأربعة إلى جانب رسول منتجب نيا، الناطق باسم رابطة علماء الدين المناضلين، وكل من الياس حضرتي وعلي أكبر رحماني،. وعززت النتيجة الجديدة، إلى حد ما، موقع مهدي كروبي، إذ احتل المرتبة الثالثة والعشرين متقدماً بدرجتين عما كان عليه سابقاً. لكن تقدم رفسنجاني على كروبي قد يضطر الاصلاحيين إلى حسم الخلاف على رئاسة البرلمان، إذ أن حزب جبهة المشاركة يريد ترشيح بهزاد نبوي، فيما تصر رابطة العلماء المناضلين على ترشيح كروبي، كونه أمينها العام ورئيساً سابقاً للبرلمان. وما يرفع من أسهم كروبي أنه أحد رجال الدين القريبين إلى مؤسس الجمهورية الإسلامية الإمام الخميني، وهذا ما يُطمئن المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي في حال كانت فرص رفسنجاني ضعيفة للفوز برئاسة البرلمان. لكن حزب جبهة المشاركة لا يرى ضرورة في أن يكون رئيس البرلمان من رجال الدين، ومع انحسار التوجه نحو ترشيح محمد رضا خاتمي لأسباب يعود بعضها إلى الرئيس خاتمي ذاته، يرى حزب الجبهة أن بهزاد نبوي هو الأقدر على الإمساك بزمام رئاسة البرلمان الجديد.