في اليوم التالي للخطاب الذي ألقاه الرئيس باراك أوباما أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، تعم إسرائيل أجواء ارتياح عميق من مضمونه أعرب عنها أركان الدولة العبرية وعكستها عناوين الصحف التي وصف بعضها مضمون الخطاب بأنه «خطاب صهيوني»، وهو ما دفع وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان لتأكيد أن مجلس الأمن سيفشل مشروع الاعتراف بدولة فلسطينية، مضيفاً أن خطاب رئيس حكومته بنيامين نتانياهو اليوم أمام الجمعية العمومية لن يحمل مفاجآت أو مقترحات بعيدة المدى. وذكرت الإذاعة العسكرية أمس أن خطاب أوباما فاجأ بإيجابيته حتى المسؤولين الإسرائيليين، على رأسهم نتانياهو الذين أحيطوا علماً مسبقاً بخطوطه العريضة. وقال ليبرمان للإذاعة العسكرية أمس إن أوباما أوضح أمرين في غاية الأهمية، الأول أن لا بديل عن المفاوضات المباشرة، والثاني أنه حتى في حال أصر الفلسطينيون على تقديم الطلب، فإن الولاياتالمتحدة ستستخدم حق النقض (الفيتو) لإحباط المشروع. وأضاف أن إسرائيل مستعدة للسيناريوات المختلفة: إمكان رفض الاعتراف، وأيضاً احتمال نجاح الفلسطينيين في تمرير المشروع، وقال: «لن نستبق الأحداث، عندما نصل الجسر سنعبره ... ندرس كل الاحتمالات لنكون جاهزين لأي تطور». وزاد أنه يشكك في ما إذا كان الرئيس محمود عباس نفسه يعرف ماذا سيفعل غداً (اليوم). وقال: «نحن من جهتنا تصرفنا بمسؤولية وجدية، وهكذا يجب أن نتصرف غداً، إننا نعمل بالتنسيق مع الولاياتالمتحدة، ووفقاً لمصالح البلدين». وأكد أن إسرائيل تواصل اتصالاتها مع الدول الأعضاء في مجلس الأمن، سواء مباشرة أو عبر دول صديقة ومنظمات يهودية، لإقناعها بالتصويت ضد مشروع القرار «من دون أن نقدم لها تعهدات اقتصادية أو عسكرية، إنما نطرح تفسيرات مقنعة من الناحية الأخلاقية، وأيضاً العملية، وندعو كل دولة إلى التفكير بانعكاسات هذا القرار عليها». وفي مقابلة مع الإذاعة العامة، توقع ليبرمان أن يكرر نتانياهو في كلمته اليوم دعوته الفلسطينيين إلى استئناف المفاوضات المباشرة، مستبعداً أن يحمل الخطاب «اقتراحاً مفاجئاً أو بعيد المدى». وقالت زعيمة حزب «كديما» المعارض تسيبي ليفني إن الرئيس الأميركي أعلن وقوفه إلى جانب إسرائيل من دون أن يعلن تأييده سياسة حكومة نتانياهو. وناشدت نتانياهو تحريك العملية السياسية سريعا «لأن أوضاع إسرائيل في الشهر المقبل ستكون أسوأ كثيراً من أوضاعها الحالية». وأعرب وزير الدفاع إيهود باراك عن ارتياحه لخطاب أوباما «الذي أثبت فيه مرة أخرى أنه حليف وصديق لإسرائيل»، مضيفاً أن الإدارة الأميركية الحالية تدعم متطلبات إسرائيل الأمنية على نحو غير مسبوق. إلى ذلك، نقلت الإذاعة العسكرية عن أوساط رئيس الحكومة ومصادر في وزارة الخارجية قناعتها بأن السبب الحقيقي وراء عدم تضمين الرئيس خطابه أي إشارة إلى حدود عام 1967 أو تجميد الاستيطان «ليس المصالح المشتركة، إنما حقيقة أنه سيدخل سنة انتخابات، ويحتاج إلى الصوت اليهودي، وتحديداً للمال اليهودي». وأعلنت الشرطة الإسرائيلية أنها سترفع اليوم درجة التأهب في عدد من المناطق، خصوصاً تلك المحاذية للضفة الغربية وعلى الحدود في الشمال والجنوب، تحسباً لمحاولات من متظاهرين دخول إسرائيل كما حصل في ذكرى «النكسة» و «النكبة». كما ستنشر الشرطة قواتها في القدس تحسباً لسيناريوات تخشى وقوعها في محيط المسجد الأقصى ساعة إلقاء كل من عباس ونتانياهو كلمته في الأممالمتحدة. كما تأخذ في حساباتها احتمال قيام مستوطن متطرف بعمل استفزازي مثل إغلاق طرق «أو قيام انتحاري فلسطيني بتنفيذ تفجير». واختارت كبرى الصحف الإسرائيلية «يديعوت أحرونوت» أن تصف خطاب أوباما في عنوانها الرئيس بأنه «خطاب صهيوني»، وأبرزت قوله إن «إسرائيل دولة صغيرة محاطة بالأعداء». ونقل مراسلا الصحيفة اللذان يرافقان نتانياهو إلى نيويورك عن حاشية الأخير «ابتهاجها الكبير» بالخطاب. ونقلا عن محلل يهودي أميركي قوله إنه «في تاريخ الأممالمتحدة لم يلقِ رئيس أميركي خطاباً مؤيداً لإسرائيل على النحو الذي جاء به أوباما». وأشارا إلى أن أوباما لم يتبنَ فقط الحجج الإسرائيلية ضد الاعتراف بدولة فلسطينية «إنما وهو الأهم تبنى الرواية الإسرائيلية الأساسية التي تقول إن إسرائيل دولة صغيرة محاطة بالأعداء الساعين لتدميرها، وأطفالها معرضون للخطر يومياً، وأن جيرانها يربون أطفالهم على الكراهية والحرب، فضلاً عن أنها في خطر وجودي نتيجة المشروع النووي الإيراني».