هل هي بداية أزمة بين رئيس الحكومة الإسرائيلية زعيم «ليكود» بنيامين نتانياهو وبين وزير الدفاع زعيم «العمل» ايهود باراك؟. التقارير الصحافية في إسرائيل تشير إلى احتمال اندلاع أزمة حقيقية بين الرجلين على خلفية مطالبة باراك رئيس الحكومة بإطلاق «مبادرة سلام إقليمية جديدة» على أساس «المبادرة العربية للسلام» التي تتضمن مبدأ «دولتين للشعبين». وأفادت وسائل الإعلام العبرية أن باراك طرح موقفه هذا خلال اجتماع عقده «المطبخ السياسي - الأمني» المتشكل من الثلاثي نتانياهو وباراك ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان أمس لمناقشة العملية السياسية وللبحث في تقارير رؤساء الأجهزة الأمنية عن الوضع في قطاع غزة. وأضافت أن باراك طالب بأن تطرح المبادرة الجديدة هيكلية لدفع العملية السياسية مع الفلسطينيين ومع سورية والعالم العربي. ونقلت عن باراك قوله إنه إزاء دعم الولاياتالمتحدة لمبادرة السلام العربية «ينبغي على إسرائيل أن تبادر إلى طرح مبادرة سلمية خاصة بها على الإدارة الأميركية وعلى العالم العربي». وذكرت صحيفة «معاريف» أن باراك شدد على وجوب أن تدعم الحكومة الحالية مبادرة السلام العربية، مضيفا انه يجب التوصل إلى معادلة سياسية تشمل أيضاً قبول حل الدولتين للشعبين، لكن في إطار خطة سلام شاملة في المنطقة. وأضافت أنه في إطار هذه الخطة سيطالَب الفلسطينيون بالاعتراف بإسرائيل دولة الشعب اليهودي، لكن من دون اشتراط استئناف المفاوضات معهم بهذا الاعتراف، كما يطالب نتانياهو. وأشارت الصحيفة إلى أن الرئيس شمعون بيريز يدفع منذ فترة نحو «مبادرة سلام إقليمية» تقوم على إجراء إسرائيل مفاوضات مع كل من السلطة الفلسطينية وسورية، وبمشاركة المملكة العربية السعودية ومصر والأردن. ويرى باراك أن من شأن مبادرة سلام إقليمية أن تعزل ايران وتفصل سورية عن «محور الشر» وان تقود إلى سلام حقيقي مع الفلسطينيين ومع دول عربية معتدلة. وأشارت أوساط رئيس الحكومة إلى أن اجتماع «المطبخ» أمس يأتي في إطار مسعى نتانياهو الى بلورة خطة سياسية جديدة يطرحها على الرئيس الأميركي باراك اوباما خلال لقائهما المتوقع في البيت الأبيض في النصف الثاني من الشهر المقبل (18 أو 19 منه). وتوقعت مصادر سياسية إسرائيلية أن تدعم واشنطن خطة سلام إقليمي. إلى ذلك، خففت هذه الأوساط من وطأة ابلاغ نتانياهو المبعوث الأميركي للشرق الأوسط جورج ميتشل بوجوب اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل دولة يهودية، وقالت إن رفض الفلسطينيين هذا الشرط لن يغلق أبواب المفاوضات معهم «إنما فقط سيراكم صعوبات عليها». وكانت صحيفة «هآرتس» أشارت أمس إلى أن باراك لا يدعم موقف نتانياهو المشترط التفاوض مع الفلسطينيين باعترافهم بيهودية إسرائيل، إنما هو ملتزم برنامج حزب «العمل» الذي يتزعمه والمؤيد قيام دولة فلسطينية من دون اشتراط الاعتراف بإسرائيل «دولة الشعب اليهودي». وأضافت ان باراك يرفض أيضا الربط بين استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين ووقف البرنامج النووي الإيراني، بل يؤيد التوصل إلى تسوية سلمية إقليمية تشمل تطبيع علاقات مع الدول العربية ومعالجة مسائل أمنية، وفي مقدمها الملف النووي الإيراني ودعم الإرهاب. اميركا ترفض شروط اسرائيل إلى ذلك، أفادت «هآرتس» ان ميتشل أوضح خلال لقاءاته قادة السلطة الفلسطينية ومصر، أن الولاياتالمتحدة ترفض الشروط المسبقة التي تضعها إسرائيل لاستئناف المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، وبينها اعتراف الأخيرة بإسرائيل على أنها «دولة الشعب اليهودي». وتابعت أنه رغم تأييد واشنطن مبدأ «يهودية إسرائيل»، إلا أنها لا تطالب الفلسطينيين بالاعتراف رسميا بذلك. وزادت أن الولاياتالمتحدة لا توافق رئيس الحكومة الإسرائيلية الرأي في وجوب إرجاء استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين إلى حين «إحباط التهديد الإيراني» المتمثل بالمشروع النووي. ليبرمان في جولة اوروبية الشهر المقبل إلى ذلك، سيقوم وزير الخارجية الإسرائيلية أفيغدور ليبرمان مطلع الشهر المقبل بجولة في عدد من الدول الأوروبية ستكون الأولى منذ تسلمه منصبه، علماً أنه تلقى دعوات لزيارة كل من المانيا وايطاليا وفرنسا وهولندا واسبانيا. وقالت أوساط في الخارجية الإسرائيلية إن الهدف من الزيارة هو التعارف الشخصي بين الوزير ونظرائه الاوروبيين عشية الاجتماع الذي ستعقده دول الاتحاد الاوروبي مع إسرائيل في 18 الجاري لبحث رفع مستوى العلاقات بين الطرفين. وقالت الصحف الإسرائيلية إن الدولة العبرية تولي اهتماماً كبيراً لهذا الاجتماع على خلفية الأصوات المرتفعة في اوروبا باشتراط رفع مستوى العلاقات مع إسرائيل بتقدم العملية السلمية بين الأخيرة والفلسطينيين وبعدم تنصل إسرائيل من مبادئ مؤتمر أنابوليس. ... ويوافق على مؤتمر موسكو في غضون ذلك، أفادت صحيفة «هآرتس» ان ليبرمان أبلغ نائب وزير الخارجية الروسي الكسندر سلطانوف في اجتماعهما الأخير الجمعة الماضي، موافقة إسرائيل «المبدئية» على المشاركة في «مؤتمر السلام» المخطط عقده في موسكو في النصف الثاني من العام، بالرغم من تعريف المؤتمر بأنه استمرار لمؤتمر أنابوليس الذي أعلن ليبرمان عدم التزام إسرائيل مقرراته. واضافت الصحيفة أن ليبرمان أرفق الموافقة الإسرائيلية بعدد من التحفظات، مثل اطلاع إسرائيل على جدول أعمال المؤتمر، وتنسيقه معها، ومعرفة هوية المشاركين فيه، ومستوى المشاركة، وما الهدف من المؤتمر، وماذا سينتج عنه. وزادت أن ليبرمان طلب أن يعقد المؤتمر بعد أشهر تكون خلالها الحكومة الإسرائيلية انتهت من بلورة سياستها في الشأن الفلسطيني. من جهته، أبلغ سلطانوف الوزير الإسرائيلي بأن المؤتمر لا يبغي إملاء حلول سياسية خارجية أو جدول أعمال لا على إسرائيل ولا على الأطراف العربية المشاركة.