أكدت تقارير صحافية متطابقة في إسرائيل أمس أن رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو سيطرح على الرئيس الأميركي باراك أوباما خلال لقائهما المتوقع في واشنطن في النصف الثاني من الشهر المقبل خطة أو «لائحة مشتريات سياسية» تقوم على ثلاثة أعمدة: لجم الولاياتالمتحدة البرنامج النووي الإيراني، وتقارب بين إسرائيل ودول عربية معتدلة، ومعالجة القضية الفلسطينية عبر عدد من القنوات. ونقلت صحيفة «هآرتس» عن نتانياهو رفضه «التقديرات السوداوية» بصدام متوقع بينه وبين الرئيس الأميركي، معتبراً أن الأخير «زعيم براغماتي وسياسي متعدد المواهب يتفهم إكراهات السياسة العملية». وأضافت أن نتانياهو متأكد من أنه سينجح في التوصل إلى تفاهم وتعاون مع أوباما، وأن الانطباع لديه حتى الآن هو أن «إسرائيل وإدارة اوباما تنتهجان شفافية متبادلة». وفي ما بدا تسريباً من أوساط نتانياهو إلى أبرز وسائل الإعلام العبرية عن «الخطوط العامة» لسياسة الحكومة الجديدة الجاري صوغها، فإن هذه السياسة تقوم على اعتبار «الملف الإيراني» القضية الرئيسة الواجب معالجتها، لكن إسرائيل لن ترهن التقدم في الملف الفلسطيني بالتقدم الأميركي في الموضوع الايراني. وكتب ألوف بن وباراك دافيد في مقال مشترك في «هآرتس» أن رئيس الحكومة سيؤكد للرئيس الأميركي أن وجود إسرائيل هو الضمانة الوحيدة لوجود الشعب اليهودي «الذي لن يحصل على فرصة تاريخية ثانية بعد المحرقة النازية»، وعليه يجب منع وصول سلاح نووي إلى أيدٍ تنفي حق إسرائيل في الوجود. ويرى نتانياهو أنه في حال حازت إيران سلاحاً نووياً، فإن العالم العربي سيغرق في «موجة من التطرف والتعصب وعندها لن تصمد أي تسوية»، وعليه سيطالب مضيفه بأن تعالج الولاياتالمتحدة الخطر النووي الإيراني وتحبطه. ويرى نتانياهو أن باكستانوإيران تشكلان الخطر الأكبر على العالم كله «حتى أنهما أخطر من الأزمة الاقتصادية»، لكن «الخطر الإيراني» يوفر في رأيه لإسرائيل فرصة سياسية غير مسبوقة، وهي أنه للمرة الأولى منذ العام 1920 تشاطر دول عربية مثل السعودية ومصر والأردن الدولة العبرية تقديراتها للوضع الاستراتيجي، «لذا يريد نتانياهو حشد دعم هذه الدول للعملية السياسية ودفع تعاون علني وسري وإقامة علاقات مع دوائر واسعة في العالم العربي». ويعتقد بأن «توسيع الكعكة» بين إسرائيل والفلسطينيين من خلال إشراك مصر والأردن في اتفاقات أمنية واقتصادية، سيعزز احتمال تحقيق اتفاق مستقر، «وهذا هو المركب الإقليمي في مبادرته السياسية». وبحسب المعلقين، فإن نتانياهو سيبلغ أوباما بأنه لن يعترف بدولة قومية وحق تقرير المصير للفلسطينيين في حال لم يعترفوا بإسرائيل دولة قومية للشعب اليهودي. وأضافا أن نتانياهو سيؤكد أن هذا المطلب الإسرائيلي من الفلسطينيين هو «مطلب أساسي» في أي مفاوضات للتسوية الدائمة، لكنه ليس شرطاً مسبقاً لإجراء مفاوضات، «إنما هو شرط مسبق للتقدم نحو تسوية دائمة». ورأى الكاتبان أن نتانياهو يريد من خلال طرح مطلب اعتراف الفلسطينيين بيهودية إسرائيل أن يشكل «ثقلاً موازياً» لمطلب الفلسطينيين باعتراف إسرائيل بالحقوق الفلسطينية، كما أنه يخشى من أنه في حال تنصل الفلسطينيين من هذا الاعتراف خلال المفاوضات السياسية، «فإنهم لن يقولوا لأبناء شعبهم إن إسرائيل هي دولة الشعب اليهودي، وسيستمرون في الصراع بعد تحقيق التسوية». وثمة سبب ثالث لموقف نتانياهو هو أن «من شأن الاعتراف بيهودية إسرائيل أن يبطل المطلب الفلسطيني بعودة اللاجئين». ويدرك نتانياهو أن مطلب «الدولة اليهودية» يحظى بإجماع الإسرائيليين، ما سيعينه في حشد تأييد شعبي واسع لصد ضغوط أميركية محتملة. وأضاف الكاتبان أنه يسعى أيضاً إلى بلورة اتفاق مع الولاياتالمتحدة يحدد «التحفظات الإسرائيلية» عن سيادة الكيان الفلسطيني المستقبلي «إذ سيمنع هذا الكيان من إقامة جيش أو إبرام تحالفات واتفاقات عسكرية بينما ستواصل إسرائيل مراقبة الحدود الخارجية والمجال الجوي والمجال الإلكترومغناطيسي». إلى ذلك، تناول نتانياهو مع مستشاريه «بوادر حسن النية» التي ستقوم بها إسرائيل تجاه الفلسطينيين وموقفها من المطلب الدولي بوقف النشاط الاستيطاني وتفكيك البؤر الاستيطانية العشوائية في الضفة الغربية وإزالة الحواجز العسكرية. وأضافت الصحيفة أنه يعتزم طرح مسألة المستوطنات للحسم على طاولة الحكومة، ربما عشية سفره إلى واشنطن. من جهتها، أشارت «يديعوت أحرونوت» في موقعها على الإنترنت إلى أن نتانياهو يميل إلى تبني بعض بنود «المبادرة العربية» للسلام كمبادرة إسرائيلية من خلال اشتراط ذلك بمنع عودة اللاجئين الفلسطينيين. أما في مسألة الحدود، فهو يعتزم «التمسك بأن يبقى نصف أراضي الضفة تحت السيطرة الإسرائيلية، بما فيه غور الأردن. وسيوضح لأوباما أن إسرائيل لن تساوم في كل ما يتعلق بالقضايا الاستراتيجية وبأمنها». ولفت بن ودافيد إلى أن نتانياهو ليس متحمساً لاستئناف الاتصالات مع سورية عبر القناة التركية، وسيكون مستعداً لاستئناف المفاوضات المباشرة «بلا شروط مسبقة». ويرفض نتانياهو الطلب السوري بأن تلتزم إسرائيل مسبقاً بالانسحاب من هضبة الجولان، «وبالنسبة إليه، فإن الموقف الذي أعلنه خلال المعركة الانتخابية عن أن إسرائيل لن ننسحب من الجولان، لم يتبدل». وسيضيف أن «سورية تسلحت في شكل كبير على نحو يهدد أمن إسرائيل، لكن ميزان القوى في المنطقة لم يتغير بفضل قدرات الجيش الإسرائيلي وسيطرة إسرائيل على الجولان». من جهته، كرر وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان أمس أن البند المتعلق بعودة اللاجئين في مبادرة السلام العربية ليس مقبولاً لإسرائيل و «لا يمكن طرح هذه المسألة على طاولة المفاوضات لأن لا أحد ممن يعتقدون أن إسرائيل يجب أن تكون دولة يهودية يمكنه قبول حق العودة». وقال للإذاعة العامة إن من مصلحة إسرائيل أن تكون المبادرة بيدها، وليست لها مصلحة في كسب الوقت أو التأخير والمماطلة، «لكن العملية يجب أن تكون في اتجاهين وليس في اتجاه واحد... علينا أن نفي بالالتزامات لكن على الفلسطينيين أيضاً الايفاء بالتزاماتهم».