تسببت الطريقة التي تتعاطى بها الحكومة المصرية مع قضية "النقابات المهنية" في ارتباك شديد بين قادة جماعة "الاخوان المسلمين" المحظورة، وجدل على مصير المتهمين فيها. وتحوّل ارتياب "الاخوان" في ان الحكومة تتعمد اطالة أمد النظر في القضية ما يشبه اليقين بعد جلسة عقدتها المحكمة أول من أمس وقررت في نهايتها تأجيل النظر في القضية الى الاحد المقبل. ولاحظ "الاخوان" ان القضية التي بدأت المحكمة النظر فيها مطلع كانون الاول ديسمبر الماضي، تأجلت مرات عدة لفترات طويلة على عكس كل القضايا التي اتهم فيها الاسلاميون بما في ذلك أربع قضايا ل"الاخوان" نظرت فيها محكمة عسكرية، ثلاث منها العام 1997 وواحدة في العام التالي. وكان "الاخوان" أجلوا إعلان موقف نهائي من المشاركة في انتخابات نقابة المحامين المقبلة الى ما بعد صدور الاحكام في القضية. لكن اقتراب موعد الانتخابات، وفي الوقت نفسه احتمال ان يمتد النظر في القضية شهرين آخرين، على الأقل آثار جدلاً على مدى مشاركة "الاخوان" في انتخابات النقابة في ظل غياب مختار نوح الذي تولى منصب أمين الصندوق في المجلس الأخير للنقابة والذي يعتمد "الاخوان" كثيراً عليه كأحد رموزهم ممن يجيدون التعاطي مع ملف "النقابات المهنية" عموماً ونقابة المحامين خصوصاً. ومتهم في القضية نفسها إضافة الى نوح اثنان من المحامين النقابيين هما خالد بدوي وابراهيم الرشيدي. ويسود اعتقاد بين "الاخوان" ان الحكومة ستتعمد ان تجرى الانتخابات قبل صدور الاحكام في القضية حتى لا يفقد مرشح الحزب الوطني الحاكم لمنصب النقيب السيد رجائي عطية أصوات "الاخوان" في حال صدور أحكام مشددة ضد المتهمين في القضية. وكان"الاخوان" عقدوا تحالفاً مع عطية قبل اعتقال نوح وزملائه في منتصف تشرين الاول اكتوبر الماضي واتفقوا معه على التصويت له في مقابل أن يلعب دوراً في اقناع الحكومة عدم اتخاذ اجراءات ضد أربعة أو خمسة محامين من "الاخوان" على الأكثر كان مقرراً ترشيحهم لخوض الانتخابات منهم نوح. لكن اعتقال المتهمين في القضية تسبب في بروز تيار بين "الاخوان" يدعو الى فك التحالف مع عطية إلا أن قادة "الجماعة" أوكلوا مهمة رئاسة لجنة الدفاع عن المتهمين في القضية الى عطية أملاً في ان يقوم بدور سياسي لإطلاق المتهمين أو على الأقل عدم صدور أحكام مشددة في حقهم. وكانت محكمة مصرية قضت في بداية العام 1996 بفرض الحراسة على النقابة بعدما برزت الخلافات بين فريقين من اعضاء مجلسها، الأول يمثل الغالبية ويضم أعضاء في جماعة "الاخوان المسلمين"، في حين يضم الثاني محامين ينتمون الى تيارات سياسية مختلفة. وتسبب الحكم في ان يفقد "الاخوان" واحداً من أهم القلاع التي استخدموها لسنوات كمنبر لهم. ويربط "الاخوان" بين قضية "النقابات المهنية" وحكم أصدرته محكمة النقض في ايلول سبتمبر من العام الماضي قضى برفع الحراسة عن النقابة وتشكيل لجنة قضائية لإدارتها لمدة ستة شهور يتم خلالها الإعداد لاجراء الانتخابات لاختيار مجلس جديد لها. وكانت الانتقادات التي يرددها "الاخوان" وغيرهم من الجماعات الاسلامية الاخرى تقوم على ان القضايا التي تنظر فيها محاكم عسكرية يتم الفصل فيها بسرعة. واعتقلت السلطات نوحاً و15 من زملائه اثناء اجتماع عقده في مقر "اتحاد المنظمات الهندسية الاسلامية" ذكرت السلطات انهم ناقشوا خلاله خطة لاختراق "النقابات المهنية". وأفادت مصادر مطلعة أمس أن رئيس محكمة جنوبالقاهرة المستشار محفوظ شومان المشرف على النقابات تسلم لوائح تحوي اسماء المحامين اعضاء النقابة المسموح لهم بالادلاء بأصواتهم في الانتخابات المقبلة. وتوقعت المصادر ان يعلن شومان فتح باب الترشيح لانتخابات النقابة عقب اجازة عيد الاضحى. وتعقد لجنة "انقاذ نقابة المحامين" مؤتمراً في مقر دار القضاء العالي وسط القاهرة في 23 آذار مارس الجاري يحضره عدد كبير من المحامين للاعداد لانتخابات النقابة. وقالت عضو اللجنة المحامية فاطمة ربيع ل"الحياة" إن هذا المؤتمر سيكون هدفه مطالبة الحكومة بانتخابات نزيهة وفي الوقت نفسه عدم تدخلها لمساندة مرشح ضد آخر سواء على منصب النقيب أو مقاعد مجلس النقابة.