لم يكن المغرب منذ ما يزيد عن اثنتي عشرة سنة يشكو من آفة البطالة، خصوصاً في اوساط حاملي الشهادات العليا، فأصبح هذا الموضوع بمثابة شبح يخيف كل الأسر المغربية والحكومات المتعاقبة، ولم يستطع اي مخطط او سياسة الحد من هذه الآفة التي تنخر جسم المجتمع المغربي مصيبة شبابه بالاحباط. وتبذل مجهودات جبارة لإيجاد صيغ مختلفة من أجل تشغيل الجيوش من الشباب الذين تزداد نسبتهم سنة تلو الأخرى. ومن ضمن هذه الصيغ، تأهيل الحاصلين على شهادات لا تلائم سوق العمل المغربية في اطار برنامج للتكوين وإعادة التكوين، والتوجه نحو القطاع الخاص عبر خلق مقاولات وشركات، ومؤسسات عمومية لفائدة القطاع الخاص، وجلب استثمارات اجنبية لخلق حركية اقتصادية، من اجل فرص اكثر للشباب وإدماجهم في عالم الشغل. وتمكن مكتب التكوين المهني وانعاش الشغل في المغرب في سياق هذه المجهودات برسم سنة 1998 - 1999، من ادماج 20 ألفاً و897 شاباً وشابة من حاملي الشهادات، طالبي الشغل في مختلف المهن، وتم ادماج 19 ألفاً و739 من هؤلاء في اطار برنامج مبادرة التشغيل، وهو برنامج اعتمدته الحكومة في اواخر 1997. وأشار مدير المكتب في ندوة عقدها اخيراً في الدار البيضاء العاصمة الاقتصادية للمملكة الى ان العدد الاجمالي للشباب المدمجين منذ انطلاق هذا البرنامج الى غاية حزيران يونيو 1999 بلغ ما يزيد عن 30 ألف شاب وشابة. وقال ان النتائج التي اسفرت عنها عملية تقويم المكتب لمفعول هذا البرنامج، اظهرت ان 90 في المئة من المقاولات التي شملتها هذه العملية الميدانية عبرت عن ارتياحها ورضاها عن الانخراط في البرنامج، وان 79 في المئة منها مستعدة لتوظيف المتدربين المتعاقدين معها حالياً بصفة نهائية. وعرض جهاز مساعدة المقاولات في اطار البرنامج السالف الذكر، يضيف المدير، هيكلة جذرية تمثلت في احداث هياكل مركزية وأخرى جهوية لتقديم الدعم للمقاولين الشباب الذين يرغبون في اقامة مشاريع خاصة، ومواكبة خطواتهم. وتم لهذا الغرض تنظيم 485 عملية اعلامية استفاد منها 9559 مشاركاً اطلعوا خلالها على الآليات الضرورية لخلق المقاولة وإقامة مشاريع. وأكد مدير المكتب بخصوص تنوع جهاز التكوين واستعماله، ان مؤشرات النشاط سجلت تطوراً ملحوظاً، وان اعداد المتدربين، التي كانت مستقرة في كانون الثاني يناير 1999، عرفت ارتفاعاً بنسبة 3.7 في المئة لتصل الى 50714 متدرباً، وواكبت هذا التطور زيادة مهمة في عدد طلبات المرشحين الوافدين الى مؤسسات التكوين بلغت نسبة 17 في المئة مقارنة بالسنة التي سبقتها. وشكلت الندوة التي عقدها مدير المكتب من جهة اخرى، فرصة ذكر من خلالها ان سنة 1998 - 1999 تميزت بتعزيز التوجه الذي تبناه المكتب لدعم مكانته وتموقعه كشركة لمواكبة المقاولة المغربية في مجهوداتها وتثمين مواردها البشرية. وقال ان المكتب يواصل وضع هندسة تكوينية ترمي الى ملاءمة انماط ومضامين تخصصات التكوين مع متطلبات القطاعات الاقتصادية التي تشتغل في المغرب، وذكّر بسياسة دعم الاستثمارات في التكوين بالمقاولة التي ينهجها المكتب، من اجل رفع مستوى تنافسيتها. ولتطوير جهاز التكوين عمد المكتب خلال سنة 98/ 99 الى تزويد بنياته بمناهج وأدوات متطورة في مجال التدبير تواكب ما هو معمول به في الدول المتقدمة سواء على المستوى المركزي او الجهوي او المحلي في اطار دعم اللامركزية، وإعطاء الاستقلالية للمؤسسات التكوينية في مجال تسيير شؤونها. وأضاف المدير في ما يتعلق بتقويم الحسابات برسم سنة 98/ 99 انه تم انجاز استثمارات جديدة بلغ حجمها 160 مليون درهم مقابل 136 مليون درهم برسم السنة التي سبقتها أي بزيادة نسبتها 17 في المئة، فضلاً عن ارتفاع رصيد الخزينة الى 459 مليون درهم.