سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الحكومة تراهن على مصادر الدخل الأخرى لتعويض نقص عائدات التخصيص . المغرب : تراجع ايرادات بيع المؤسسات العامة 50 في المئة إلى 220 مليون دولار السنة الجارية
لم يحظ برنامج التخصيص باهتمام كبير في موازنة 1998-1999 التي صدق عليها مجلس النواب المغربي الأسبوع الماضي. وتقدر ايرادات بيع مؤسسات الدولة بنحو 220 مليون دولار في مقابل أكثر من 440 مليوناً في موازنة العام الماضي، بتراجع نسبته نحو 50 في المئة. ورأى وزير المال والاقتصاد فتح الله ولعلو "ان مداخيل التخصيص موارد استثنائية لا يمكن الاعتماد عليها في تمويل الموازنة". وكانت ايرادات العام الماضي تراجعت بسبب عدم استكمال بيع حصص الدولة في شركات كانت مطروحة للبيع مثل "البنك الوطني للتنمية الاقتصادية" وشركة "سوناسيد للحديد" وغيرها ما خلف عجزاً في ايرادات الخزينة بلغ نحو 270 مليون دولار بعدما كانت توقعات الحكومة السابقة لمداخيل التخصيص تقدر بأربعة بلايين درهم 440 مليون دولار. وتراهن الحكومة الاشتراكية التي يرأسها عبدالرحمن اليوسفي على مداخيل اضافية لتعويض نقص عائدات التخصيص، وتتوقع تحصيل مساهمات من شركات القطاع العام في حدود 6،6 بليون درهم 700 مليون دولار في مقابل 2،4 بليون درهم 470 مليون دولار العام الماضي، منها 900 مليون درهم من "المكتب الشريف للفوسفات" و550 مليوناً من "المكتب الوطني للكهرباء"، و500 مليون من أرباح شركة "اتصالات المغرب" و40 مليوناً من "شركة الخطوط الملكية المغربية". كما تتوقع الموازنة ايرادات اضافية من عائد أنبوب الغاز الذي ينقل الغاز الجزائري إلى اسبانيا تقدر بنحو 306 ملايين درهم، ونحو 160 مليون دولار يمنحها الاتحاد الأوروبي تنفيذاً لاتفاق الصيد البحري الذي يسمح لنحو 600 باخرة اسبانية بالصيد في المياه الاقليمية وينتهي العمل به نهاية سنة 1999، ولا يبدو المغرب متحمساً لتجديده. ويتوقع أن يلجأ المغرب إلى السوق المالية لاقتراض مبالغ في حدود 820 مليون دولار بزيادة 56 في المئة عن اقتراضات عام 1997 التي استقرت عند مبلغ 520 مليون دولار. وفي المقابل ستقلص الحكومة اعتمادها على القروض الداخلية لافساح المجال أمام القطاع الخاص من ثمانية بلايين درهم العام الماضي إلى 7،5 بليون درهم نحو 600 مليون درهم السنة الجارية. كذلك سترتفع مساهمات بنك المغرب في الموازنة ب 34 في المئة لتصل إلى 6،1 بليون درهم وصندوق الايداع والتدبير 100 في المئة ليرتفع نصيبه إلى 500 مليون درهم. فيما تتراجع مساهمة شركة التبغ في الموازنة ب 3،5 في المئة وتبلغ نحو 40 مليون دولار 380 مليون درهم. ونتيجة هذه الموارد المختلفة يتوقع أن يبلغ العجز المرتقب في المالية المغربية نحو ثلاثة في المئة من اجمالي الناتج المحلي في نهاية العام بالموازنة في 30 تموز يوليو 1999 وهو تقريباً العجز نفسه المسجل حالياً وقيمته 5،1 بليون دولار. وتتحاشى الحكومة الاشتراكية تمويل العجز عبر تسريع وتيرة التخصيص. وكانت مداخيل بيع 54 شركة عمومية بلغت أقل من بليوني دولار على مدى خمسة أعوام. واعتبر في بعض الأوساط المالية والاقتصادية ذلك تساهلاً في بيع المؤسسات العامة التي تفوق قيمتها تلك الموارد. وتضم لائحة التخصيص 114 شركة عامة لن يمكن بيعها في الآجال المتبقية قانوناً، إذ ينتهي العمل بتلك اللائحة نهاية سنة 1998 وعلى الحكومة العودة إلى البرلمان لطلب تمديد المدة أو إضافة شركات جديدة على القائمة. وارتفعت في الآونة الأخيرة الأصوات المعارضة للطريقة التي تم بها تخصيص بعض الشركات. وقال سعيد امسكان وزير النقل السابق ورئيس فريق الحركة البرلمانية ل "الحياة": "إن فلسفة التخصيص في توفير فرص العمل وتوسيع الانتاجية وتدعيم الجهوية ونقل الخبرة والتكنولوجيا لم يتم احترامها في بعض عمليات التخصيص سواء تلك التي قام بها القطاع العام أو القطاع الخاص". وانتقد الطريقة التي تم بها بيع فنادق "مجموعة مسافر" التابعة ل "مكتب السكة الحديد" وفنادق قصر الجامعي في فاس إلى "مجموعة اكور السياحية الدولية"، وقال: "إن المطلوب في التخصيص انشاء مشاريع جديدة وتوسيع أخرى قائمة وضخ أموال إضافية وجلب استثمارات جديدة". من جهتها، اعتبرت مصادر في بورصة الدار البيضاء حاورتها "الحياة" ان التخصيص ساهم كثيراً في تنمية وتطوير البورصة عبر ادخال اسهم شركات عدة، كما ساهم في جلب صغار المدخرين والجالية المغربية في الخارج والمزارعين إلى شراء حصص في تلك الشركات. ويقدر عدد حملة الأسهم الفردية بنحو 300 ألف شخص في مقابل عشرة آلاف شخص قبل انطلاق برنامج التخصيص عام 1993. ومن الشركات الكبرى التي تم تخصيصها عبر البورصة "البنك المغربي للتجارة الخارجية" و"الشركة الوطنية للاستثمار" و"شركة سوناسيد للحديد والصلب" و"ساتيام للنقل" و"فرتيما للأسمدة" و"شركة اسمنت الشرق" لمواد البناء و"لاسمير للبترول" و"الشركة الشريفة للنفط" وغيرها. وتعتقد مصادر مغربية أن الحكومة ربما عمدت في وقت لاحق إلى معاودة اطلاق برنامج التخصيص في مرحلته الثانية بعد فترة توقف استمرت أشهراً عدة. وتتوقع مصادر مطلعة أن يكون قطاع الاتصالات في مقدم المؤسسات التي سيشملها برنامج التخصيص، وهو يتمثل في مشروعين ضخمين، يتعلق الأول بالترخيص لإنشاء شبكة جديدة للهاتف الخليوي النقال. وتقدر عائدات هذه العملية بنحو 400 مليون دولار تتنافس عليها شركات دولية عدة. أما الثاني فيتعلق بفتح رأس مال "شركة اتصالات المغرب". وتواجه عملية تخصيص "البنك الوطني للانماء الاقتصادي" صعوبات ومخاوف احتكارية، فيما يحتاج تخصيص "البنك الشعبي" إلى تغيير نظامه الأساسي، ويظل تخصيص "القرض العقاري والسياحي" مستبعداً في الفترة الحالية بفعل دوره الاجتماعي في تمويل مشاريع الاسكان الاقتصادية