عاد الاقتصاد المغربي الى التباطؤ وسط مؤشرات الى انخفاض معدلات النمو وارتفاع العجز التجاري وتقلص الانتاج الزراعي وتدهور الطلب الداخلي واتساع البطالة بين الشباب. وقال "مركز الظرفية الاقتصادية" CMC في الدار البيضاء اول من امس ان معدل النمو سيكون ضعيفاً ولن يتجاوز 0.6 في المئة من اجمالي الناتج المحلي بنهاية 1999 في مقابل 6.3 في المئة عام 1998. وكنت وزارة المال تتوقع نمواً في حدود 3 في المئة بناء على نتائج الربع الاول من السنة الجارية. واشار تقرير المركز الاقتصادي، الذي يعتبر مؤسسة مستقلة تابعة لمجموعة "اونا" و"البنك التجاري" ومقربة من "المجلس الوطني للشباب والمستقبل"، ان خسائر الاقتصاد المغربي السنة الجارية تمنعه من تحقيق نمو ايجابي، على عكس التوقعات الاولية، وذلك نتيجة الانخفاض المسجل في الانتاج الزراعي بسبب الجفاف وتقلص محصول الحبوب الى دون نصف الكميات المنتجة العام الماضي. ووفقاً لارقام المركز، التي حصلت عليها "الحياة" فإن محصول الحبوب لن يتجاوز 37 مليون قنطار مقابل 65 مليون قنطار العام الماضي الزراعة تشمل 17 في المئة من اجمالي الناتج. كما سيتراجع اداء القطاعات الانتاجية الاخرى الى 2.6 في المئة مقابل 3.7 في المئة ويستقر الطلب الداخلي عند نسبة 2 في المئة. ونتيجة لذلك سيشهد المغرب انكماشاً في التجارة الداخلية وتراجعاً في اسعار المواد الاستهلاكية، حيث لن يزيد نسبة التضخم على 1.6 في المئة مقابل 2.7 في المئة العام الماضي. كما ان الاقتصاد المغربي سيتضرر من ارتفاع اسعار الطاقة في السوق الدولية، حيث يتوقع ان تزيد فاتورة النفط بثلث قيمتها، لتقترب من نحو بليون دولار. وسيتضرر ايضاً من تراجع قيمة العملة الاوروبية الموحدة اليورو وتدني الطلب داخل الاتحاد الاوروبي الذي يمتص ثلثي الصادرات المغربية. وفقد الدرهم المغربي المرتبط باليورو نحو 8 في المئة من قيمته منذ مطلع السنة الجارية. وسجل سعر صرف الدولار مستوى عشرة دراهم للمرة الأولى منذ ثلاثة اعوام. وقال مصدر مالي ل"الحياة" ان انخفاض سعر الدرهم ازاء الدولار سيزيد قيمة المشتريات الخارجية مثل النفط والقمح ومنتجات التجهيز والتكنولوجيا، كما سيرفع كلفة تسديد الديون الخارجية التي زادت قيمتها 10 في المئة نتيجة لذلك. وفي المقابل، يستفيد المغرب من تجارة الفوسفات والمواد الاولية. لكن فارق الربح والخسارة يفقد الاقتصاد المغربي مبالغ كبيرة بالعملة الصعبة ستؤثر في عجز الميزان التجاري المرشح للارتفاع حتى في حال السعي الى الحد من الواردات. وكانت وزارة المال والاقتصاد تتوقع نمواً بين 3 و3.7 في المئة سنة 1999 ونحو 6 في المئة سنة 2000. وقالت مصادر مالية ل"الحياة" انه عندما تم اعداد الموازنة بين شباط فبراير وآذار مارس، "لم تكن نتائج المحصول الزراعية معروفة، وعندما عرضنا الموازنة على البرلمان في نيسان ابريل الماضي، لم تكن المؤشرات الداخلية والخارجية على ما هي عليه الآن". لكن المصادر استبعدت ادخال تغييرات على البنية الحسابية للموازنة، واعربت عن اعتقادها بأن النمو سيعاود الارتفاع مطلع 2000. وهي تستند في ذلك الى التحسن المسجل في قطاع السياحة بليونا دولار وتحويلات المهاجرين في الخارج 1.8 بليون دولار وايرادات برنامج التخصيص المقدرة بنحو 800 مليون دولار. ومن مضاعفات الوضع الاقتصادي الذي يقلق حكومة السيد عبدالرحمن اليوسفي ارتفاع معدلات بطالة الشباب في المدن الكبرى وزيادة نسبة الفاقدين لاعمالهم نتيجة اغلاق شركات انتاجية نتيجة الازمة. وتقدر نسبة البطالة بنحو 22 في المئة من القوى النشيطة وكانت وصلت الى 19.6 في المئة العام الماضي. "الورش الملكي للعمل" وفي هذا السياق اعلن المغرب امس عن برنامج مستعجل لتشغيل الشباب العاطلين عن العمل اطلق عليه اسم "الورش الملكي" واسند تنفيذه الى وزير الداخلية السيد ادريس البصري، بمشاركة المصارف التجارية والبلديات والشركات الكبرى وكبار المستثمرين. وتستهدف الخطة التي ستشمل كافة مناطق البلاد تطوير مشاريع الشباب عبر مدّهم بقروض قيمة كل منها نحو 250 ألف درهم 26 الف دولار لانجاز اعمال خاصة. وهي موجهة اساساً لحاملي الشهادات العليا الذين قضوا فترة طويلة في البحث عن عمل. ونُقل عن البصري في اجتماع موسع في الدار البيضاء حضره كبار رجال الاعمال، مثل عثمان بن جلون وكريم العمراني وعبدالرحمن الحجوجي، ان البرنامج يمكنه توفير فرص عمل لنحو 50 ألف جامعي سنوياً. وسيتم توزيع مذكرة على محافظي المدن ورؤساء الجماعات المحلية والغرف الصناعية والتجارية تحضهم على المساهمة في دينامية مجال العمل وادماج الشباب في الحياة النشيطة".وتوزع الحكومة مبلغ 80 مليون درهم على الجهات لتنمية العمل في المناطق النائية المتضررة من تقلص النشاط الاقتصادي في اطار صيغة اللامركزية. وكان الملك الحسن الثاني اعلن سابقاً ان التشغيل يشكل اولوية في المغرب بعد قضية الصحراء. ويدخل سوق العمل في المغرب سنوياً نحو 700 ألف شخص. ويقدر العجز السنوي في الوظائف بنحو 50 ألف فرصة عمل يحتاج المغرب لامتصاصها الى نمو متواصل في حدود 7 في المئة سنوياً. وهذا بدوره مرتبط بالمناخ والسوق الدولية.