"Tekken 8 و PUBG Battlegrounds" تفتتحان بطولات آخر أسابيع كأس العالم للرياضات الإلكترونية    مبادرة لدعم أسر السجناء في الطائف    الحكم السعودي "عبدالرحمن الدوسري" يشارك في بطولة العالم للكرة للطائرة    "المسعد" سنحتفل 11 ديسمبر بفوزنا باستضافة كأس العالم 2034    نائب أمير مكة يُكرّم الفائزين في مسابقة الملك عبدالعزيز لحفظ القرآن في دورتها ال (44)    الاقتصاد الأمريكي بين ترامب وهاريس!    قصتي مع سعد الجبري !    القائم بأعمال السفارة: العلاقات السعودية - السورية في تطور مستمر    أَجَلُّ أنواع التدوين.. الكتابة عن الفقد    أمير تبوك: تحقيق إنجازات طبية نوعية على مستوى المملكة    برعاية ولي العهد.. «سدايا» تنظم القمة العالمية للذكاء الاصطناعي في الرياض    ظروف النصر تُغري الرائد والتعاون يطمع في نقاط الفيحاء    «يلو» تجدّد رعايتها لدوري الدرجة الأولى 3 مواسم قادمة    الناظر والمهيدب والعيسى    الجاسر: 10 مليارات ريال استثمارات «اللوجستية» بالموانئ    «شؤون الأسرة» يصدر دليلاً إرشادياً لتنمية مهارات الأطفال    البيز ل «عكاظ»: المهلة التصحيحية لممارسي تقييم المعادن الثمينة تستهدف ضبط الجودة    دور الإعلام في دعم إستراتيجيات المنظمات لتحقيق مستهدفاتها    رحلة لا تكمل أحداً ولا تكتمل بأحد    برعاية الوزير.. «الثقافة» تكرم خريجي برنامج الابتعاث    نحارير زمانهم    «الوعي» هو الجائزة    احذروا.. الإفراط في المكيف يُهدد بمرض التهاب السحايا البكتيري    أخلاقيات المهنة.. مريض بين طبيبين    مؤشرات البورصة الأمريكية تغلق على ارتفاع    جامعة القصيم والهيئة العامة للإحصاء توقعان مذكرة تعاون    في ختام المرحلة التمهيدية بمهرجان ولي العهد للهجن.. «الظنة» الأفضل في فئة «حيل وزمول»    القيادة تهنئ ملك المغرب    أطباء المانيا يطالبون بالحماية من «المراجعين»    تيليغرام يزيد أرباح صناع المحتوى    المهندس أحمد يحتفل بقران أمجد    آل برناوي يحتفلون بزواج أيوب    ديوانية المولد بالطائف تحتفي بالرحال المغربي عياد    «الأرصاد» ل«عكاظ»: رصدنا «مفسرين للطقس» معلوماتهم مضللة    موسكو تشهد واحدة من أكبر هجمات الطائرات المسيرة    فلسطين.. أرضٌ يلفها اليأس    مصانع نجران تصدّر منتجاتها ل 25 دولة    تعزيز نمو المحتوى المحلي السعودي مستفيدة من محفظتها الواسعة.. "جونسون كنترولز العربية" تتعاون مع" المبتكرون للمعايير المتطورة "ICAD" لتوفير حلول أمن ومكافحة الحرائق الرائدة للقطاعات الحيوية    بعد مشوار حافل بالإبداع .. رحيل الشاعر والمثقف والكاتب الصحفي أحمد فقيهي    صناعة «الصحاف»    المملكة تستضيف مهرجان المسرح الخليجي    "منشآت" تعزز فرص الإستثمار السياحي    برامج تدريبية من هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله    أمير حائل يدشن المقرات الأمنية لشرطة المنطقة    محمية الإمام عبدالعزيز بن محمد.. سحر الطبيعة وأصالة المكان    لتحصيل جيد في نهاية العام.. 5 نصائح مهمة للطلاب مع بدء الدراسة    أمير حائل ينوه بدعم القيادة للمحميات الملكية    نائب أمير الرياض: تطوير محاور الطرق في العاصمة يعزز التنمية الشاملة    نائب أمير جازان يبحث انطلاقة العام الدراسي    آل الشيخ يعتمد أسماء الفائزين في مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن في دورتها ال44    قذائف تصيب سفينة تجارية قبالة سواحل اليمن    ما بين الصفر والمئة    بداية «سهيل».. السبت المقبل    مفتي المملكة: مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية تؤكد عناية المملكة بكتاب الله وخدمته بما يليق بشأنه ومكانته    "الشؤون الإسلامية" توقع مع المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية ب "تشاد" مذكرة تفاهم    الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يُكرِّم الفائزين في مسابقة النُّخبة للقراءات العشر    غيبريسوس : أشكر قيادة المملكة لتعزيز الصحة عالمياً    "الأمير سعود بن مشعل" يستقبل في قصر الضيافة العلماء والمشايخ والأهالي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسطورة نوروز الإيرانية في تحولاتها الكردية
نشر في الحياة يوم 26 - 03 - 2000

تحتفل الشعوب الإيرانية من الفرس والأكراد والبشتون والبلوش والطاجيك وغيرهم كل عام في الحادي والعشرين من آذار مارس، الأول من أيام الربيع وبداية اعتدال الجو، بعيد نوروز. والكلمة تعني "اليوم الجديد". وقد انتشر الكثير من القصص والأساطير حول هذه الأسطورة، ومنها مثلا فكرة شائعة حول خلق العالم في هذا اليوم.
وإذا كانت الاحتفالات عند هذه الشعوب متشابهة في معالمها الأساسية كإشعال النار والخروج من المدينة أو القرية في هذا اليوم والتجمع في مكان واحد للاحتفال به، فإن هناك اختلافات في التفاصيل والمعاني والرموز والتفسيرات.
والاحتفال بنوروز قديم جدا. إذ كان معروفا عند الزرادشتيين رغم أن كتاب الزرادشتية، آفيستا، لا يتحدث عنه. وجاء ذكره في الكتابات البهلوية القديمة التي أخذ منها أبو القاسم الفردوسي 934-1020 معلومات مختلفة سجلها في الشاهنامة. ويبدو مما ذكره أن الشاه الأسطوري جمشيد هو الذي أعطى هذا العيد زخما كبيرا، فأخذ موعده يصادف ذكرى تسنّمه، هو نفسه، حكما ظل يشغله، بحسب الأساطير، قرابة ثلاثة قرون.
كان الناس يجتمعون في هذا اليوم حول عرش الشاه ويعبرون له عن ولائهم ويحتفلون ويشربون. وكان الشاه يطلق بهذه المناسبة سراح السجناء ويعفو عن المجرمين ويقدم المساعدات للمحتاجين خلال الأيام الستة الأولى التي تلي نوروز.
وجاء ذكر هذه الاسطورة في المصادر العربية أيضا. إذ كتب عنها المسعودي وأبو حنيفة الدينوري وحمزة بن الحسن الاصفهاني واليعقوبي والطبري والثعالبي وغيرهم. إلا أن الفردوسي هو الذي قدم أهم وأوسع الروايات فصار نصه المصدر الرئيسي في هذا المجال.
ويأتي ذكر هذا العيد في النصوص الكردية منذ القرن السادس عشر كعيد تقليدي لرأس السنة. ويبدو أن الناس كانوا يحتفلون بهذه المناسبة، بالخروج من المدينة أو القرية والتوجه إلى مكان واحد حيث يبقون ثلاثة أيام متتالية، تختفي خلالها الفوارق الطبقية والاجتماعية وتزول الموانع التي كانت تسد طريق اللقاء بين الرجال والنساء. فالنساء كن يشاركن الرجال في الألعاب دون حجاب وبشيء من الحرية. فكانت هذه المناسبة فرصة يلتقي فيها، وربما لأول مرة، عرائس الأشهر القادمة. ففي هذه المناسبة التقى أشهر العشاق الأكراد: مَم وزين.
هكذا كان نوروز، بالإضافة إلى كونه احتفالا سنويا بنهاية فصل الشتاء وقدوم فصل الربيع، وفرصة للتملص من القيود الاجتماعية المفروضة بالأخص على الشبان والشابات في ما يتعلق بالتقائهم. وظل نوروز عند الأكراد بعيدا عن الرموز السياسية حتى أواخر القرن التاسع عشر، تماما كما هو عليه الحال عند الشعوب الإيرانية الأخرى حتى يومنا هذا. إلا أن القرن العشرين أضفى عليه طابعا سياسيا كبيرا جعل منه عنصرا أساسيا من العناصر الأسطورية للهوية الكردية.
لقد بدأ هذا التحول منذ أواخر الحرب العالمية الأولى. وكان الشاعر الكردي بيرميرد 1867-1950 من أول المساهمين في هذا التحول. فهو الذي بدأ يحتفل كل عام في عصر اليوم السابق لنوروز على تلة قرب مدينة السليمانية في العراق، بإشعال نار وإعطائها بعدا قوميا. ويبدو أن مبادرته كانت تواجه الرفض والاستخفاف من قبل العناصر التقليدية في المجتمع آنذاك. إلا أن الزمن وقف إلى جانب أهدافه. فاصبح ما كان مصدرا للاستهزاء والسخرية والرفض مسألة مقدسة يؤدي إحياؤها في بعض الأعوام الى المجازفة بحياة الكثيرين.
وبيرميرد هو الذي كتب فيما بعد نشيد نوروز الوطني الذي تجاوز الحدود السياسية واللهجات عند الأكراد ليصبح ثاني نشيد وطني من حيث الأهمية والشهرة.
وقد تم الإقرار رسميا في العراق عام 1971 بعيد نوروز كعيد وطني وعطلة رسمية، بعد أن كان يوم الواحد والعشرين من آذار مناسبة بسيطة للاحتفال في المدارس، كعيد الشجرة، من دون أن تكون هناك عطلة رسمية. وليس مستغربا أن يصل نوروز في أيامنا هذه ومع تطور الأحداث واتساع دائرة الشعور السياسي والحماسة القوموية، إلى مفاهيم أخرى بعيدة تماما عن جذوره التي كانت مرتبطة بعلاقة الإنسان بتقلبات الطبيعة.
وكان أهم ما حدث في القرن العشرين هو الربط بين نوروز وأسطورة خلق الأكراد المعروفة بقصة كاوا الحداد والملك ضحاك. لكن لو بحثنا عن هذين الاسمين في الأدب الكردي المدوّن والشفهي لفترة ما قبل القرن العشرين، لرجعنا بعد جهد جهيد خالي الوفاض. فمئات النصوص الكردية التي تتحدث عن الشخصيتين الأسطوريتين أو تتمحور حولهما كُتِبت من قبل كتاب وشعراء معاصرين. وأسطورة كاوا والضحاك ولدت من جديد في القرن العشرين تحت معان أخرى.
وكانت خلاصة ما يرويه الفردوسي أن ضحاك كان ابن ملك حكيم اهتم كثيرا بتربيته وتعليمه على تقوية قدراته العقلية والجسمانية. إلا أن قابلياته الجسمانية تغلبت على مؤهلاته العقلية. وجاء الشيطان يوما في هيئة شيخ حكيم ليقنعه بقتل أبيه والتفرد بحكم البلاد. فأخذ ضحاك السلطة من أبيه وبقي علي كرسي العرش مدة ألف عام.
ثم عاد الشيطان ليصبح طباخا عند الشاه الذي أراد في أحد الأيام أن يكافئ طباخه الماهر الذي لم يطمح إلا في قبلتين يضعهما على كتف الشاه. وما أن حقق رغبته حتى اختفى بعد لحظات. فظهرت على الكتفين المقبّلين حيّتان لم يمنع قطع جسمهما ألم الشاه وعودتهما بعد دقائق إلى الوجود والبحث عن غذاء لم يكن غير مخ الشاه. وأخيرا توصل الأطباء إلى طريقة للتخفيف من آلامه بتغذية الحيتين كل يوم من مخ شابين من شبان المملكة.
وبعد ازدياد عدد الشبان المذبوحين من أجل الشاه توصل وزيران إلى وسيلة لإنقاذ أحد الشابين وخلط مخ الشاب الآخر مع مخ خروف لإطعام الحيتين. وكان الشاب المنقذ يرسل سرا إلى الجبال العالية بعيدا عن أعين رجال الشاه. وقد ازداد عدد الشبان الهاربين الى الجبال مع الزمن، ويقول الفردوسي ان هؤلاء هم الأكراد الأولون.
وقد قتل الشاه فيما بعد على يد الحداد كاوا الذي فقد عددا من أبنائه قربانا لمرض ضحاك. وهناك فكرة شائعة تذهب إلى أن كاوا هو منقذ الأكراد وربما كان أباهم الأول. ويعتقد البعض بان اليوم الذي تمرد فيه على الشاه وقتله صادف يوم الواحد والعشرين من آذار قبل 2700 عاما. إلا أن هذا التاريخ يرتبط باجتياح الميديين مدينة نينوى عاصمة الدولة الآشورية في 612 قبل الميلاد. وقد حدث عبر القرون خلط وربط بين الحادثة التاريخية والأسطورة القديمة، كما يحدث كثيرا عند الشعوب التي لجأت إلى الكتابة في أزمنة متأخرة جدا على زمن الأساطير.
ووصلت حديثا قوة أسطورة نوروز كرمز سياسي، بالنسبة للوعي السياسي الكردي حدا، أقلق السلطات التركية فأصدرت رسميا قرارا يقضي بأن نوروز كان عيدا يحتفل به الأتراك القدماء ولا ضير في الاحتفال به كل عام. وجاء هذا القرار بعد سنوات من المنع وسقوط عشرات من القتلى الذين كانوا يقعون بهذه المناسبة.
وعلى حدي المناسبة يقيم قدر كبير من الخرافة، وقدر آخر من القومية والقومية المضادة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.