عيد النوروز عيد قومي ووطني تفتخر به ايران اضافة الى دول مجاورة لها لما يحمل من رمزية تأريخية تعود الى مئات السنين؛ ولان عيد (نوروز) ولد في احقاب ماضية فإنه تعرض شأنه شأن كل الوقائع التاريخية السابقة الى (تحريف) وامتزجت ايامه بالاساطير والخرافات لانه ولد قبل ظهور الاسلام ولكن رغم ذلك فإنه بقي عيدا لشعوب بلاد فارس ودول اخرى مثل تركيا وتركمانستان وقازقستان وافغانستان وكردستان في العراق ) فما جذور هذا العيد ومنطلقاته ومظاهره المختلفة (نوروز) .. الكلمة ومدلولاتها تتألف كلمة نوروز أو نيروز ، من كلمتين ( نو + روز) وتعني في اللغة الفارسية (نو :بمعنى جديد ، وروز بمعنى يوم ) . لهذا تسمى ( اليوم الجديد) أي ان (نوروز) تعني اليوم الجديد؛ والحقيقة ان كلمة( نيروز) استخدمت في التاريخ العربي في العهد العباسي وكانت تعني( اليوم الجديد) ويؤكد الاستاذ محمد التونجي أستاذ اللغة الفارسية في جامعة حلب،( ان النيروز هو عيد الربيع وأول السنة الشمسية لدى الفرس، يبدأ عادة في 21 آذار ونطقه الأصلي بالواو (نوروز) ولكن العرب عربوا اللفظ (نيروز)، والفعل نورز والجمع نواريز. ويقابل معنى كلمة نوروز، معنى كلمة نيسان العربية والتي لها في الإيرانية القديمة أي اللغة البهلوية (إحدى اللغات الإيرانية القديمة) مقابل هو (ني ) أو (نوي) أي الجديد، و(أسان) التي تعني اليوم، فيصبح المعنى «اليوم الجديد» ، لأن شهر نيسان كان رأس السنة لدى الشعوب السامية القديمة. ويقابل كلمة «النوروز» في اللغات الهندوأوروبية كلمة (NEUSYARES) كما في الألمانية والإنكليزية NEW واللاتينية والإغريقية news ، ونو بالكردية. أما في اللغة السومرية القديمة فهي (itu-barag-yag)، وهي تعني شهر المزار المقدس وشهر البدء بالسنة الجديدة وهو يوم الاعتدال الربيعي). اعتقادات (ايرانية) امتزجت بذاكرة شعراء العرب كان ملوك الفرس والعجم والساسانيين و الشرق القدماء يحتفلون بمراسيم العيد بشكل اسطورى . فكان موكب الملك جمشيد يحمل على عربة منذ ساعات الفجر الأولى ويتقدم الموكب ألف فارس يرتدون مآزر بيضاء وخوذات من ذهب ويركبون أحصنة بيضاء . وكان الكهنة أيضاً يرتدون الثياب البيضاء ويرافقهم (365) فتى بعدد أيام السنة. ويعرض لنا الكاتب طقوس النوروز في الأدب الفارسي والعربي وفي العهد الأموي والعباسي و في الأدب العربي الحديث. فقد تغنى الشعراء الفرس، والأتراك، والأكراد، والعرب بفصل الربيع ونظموا قصائد سموها بقصائد» بهارية»، نسبة إلى كلمة «بهار» وتعني الربيع بالفارسية والكردية. وبدأ ذلك في العهد الإسلامي (الدولة السامانية) حين بدأوا بتهنئة الأمراء السامانيين وغيرهم بعيد نوروز. وقد هنأ الشاعر الشريف الرضي بهاء الدولة بالنوروز في قوله : وأنعم بذا النيروز زوراً نازلاً ومنتظره -- آل بويهٍ أنتم الأمطار والناس الخضره الدولة الاموية و العباسية و(عيد النوروز) تشير الوقائع التأريخية الى ان خلفاء الدولة العباسية قد احتفلوا بعيد النوروز حيث كان الخلفاء والأمراء يتلقون الهدايا ويتبادلونها في العهدين الأموي والعباسي . ويعتبر الحجاج بن يوسف الثقفي أول من قدم هدايا النوروز في الإسلام، واستمر ذلك إلى عهد أحمد بن يوسف الكاتب وقد أهدى للمأمون سفطا من الذهب، وبلغت قيمة الهدايا التي حملت إلى معاوية بالشام عشرة ملايين درهم . وقد تغنى شعراء كثيرون في العهد العباسي بعيد النوروز أمثال البحتري، الشريف الرضي، والمتنبي وابن الرومي، أبو تمام وابن المعتز وغيرهم. وفي الأدب العربي الحديث استخدم بعض الشعراء مناسبة نوروز، رمزاً كفاحياً وتحررياً للشعوب ضد الاستعمار وأعوانه. ومن هؤلاء الشاعر بدر شاكر السياب في قصيدته «وحي النيروز»، داعيا إلى تكاتف الشعبين الكردي والعربي ضد مخططات الاستعمار في المنطقة . نوروز : قراءة كردية والى جانب الشعوب الفارسية يحتفل(الكرد) في المعمورة ب( عيد النوروز) وتقول الباحثة الكردية ( نسرين مهران) : ان نوروز يعني اليوم الجديد )، وهذا اليوم يوم تاريخي مشرق في تاريخ شعوب الشرق وتاريخ الكرد خاصة حيث قام كاوة الحداد بثورة على الظلم والجبروت والطغيان الذي كان يتميز به (سرجون الملك الملقب بالضحاك هذا الملك الظالم ) الذي كان يذبح كل يوم خيرة الشباب والفتيان من اجل ان يشفى من مرضه الخبيث كما نصحه الاطباء وحكماؤه . عدا عن صفحته السوداء القاتمة المليئة بالظلم و الاعتداء على الشعب المظلوم المقهور المسلوب من الحرية .ولكن البطل الأسطوري كاوا الحداد ثارت ثائرته ، والتف حوله مجموعة من الشباب الأقوياء ، وقام بإضرام واشعال النيران على جبال ووديان كردستان ليعلنوا على الملأ أجمع أن اليوم الجديد قادم ، لا محالة ، يوم النصر، وفجر الحرية ، يوم التخلص من العبودية من الظلم والعدوان .) نوروز في ايران تحتفل ايران بعيد النوروز كل عام حسب التقويم الايراني القمري وقد احتفلت بهذا العيد يوم (21) مارس من كل عام حيث تمنح عطلة رسمية لمدة (14) يوما فيما يواصل الايرانيون الآخرون اجازتهم لمناسبة العيد لمدة 30 يوما ويستعد الايرانيون لعيد نوروز قبل شهر وتبدأ طقوسهم بنظافة المنازل واستبدال الحاجات الضرورية تمهيدا لاستقبال الاقارب وقبل تغيير العام كانت هناك طقوس مثل (الاربعاء الاخير) وهو المعروف بعيد النار حيث يحتفل به الايرانيون عن طريق اشعال النيران تجسيدا لاسطورة كاوة الذي انتقم من الملك سرجون كما اسلفنا وجرى الاحتفال بذلك العيد يوم 17 مارس ؛ وفي يوم 12 مارس حيث الاحتفال بقدوم العام الايراني الجديد تجتمع العائلة حول سفرة الملقبة فارسيا ( هفت سين) أي السفرة التي تحتوي على سبعة اشياء تبدأ بحرف السين مثل ( سير(الثوم) و(السكة: سكة الذهب او النقود) و(سيب : تفاح) و( سماك: الكري الذي يوضع على الكباب) و(سمنو) و(سبز: الاخضرار) و(ساعة) ) اضافة الى ذلك يضع الايرانيون على سفرتهم النوروزية (القرآن الكريم) ويفتتحون به عامهم الجديد كما ان جمعا كبيرا من الايرانيين يفضل البقاء عند المساجد لحظة تبدل العام ويستفتحون العام الجديد بدعاء ( يامقلب القلوب والابصار ويامدبر الليل والنهار حول حالنا الى افضل الاحوال )وبعد اعلان العام الايراني الجديد يحتفل الايرانيون ويبدأون بالتزاور والسفر الى جميع المناطق السياحية وفي هذه الايام يعتزل الايرانيون جميع مشاغلهم السياسية والاقتصادية والانشغال بالزيارات وهي طقوس اعتاد عليها الايرانيون في كل عام .