يُفتتح في طهران اليوم «المهرجان العالمي للنوروز»، بمشاركة رؤساء أفغانستان وطاجيكستان وتركمانستان والعراق وأرمينيا، ووزراء ومندوبين من لبنان وعمان وقطر والهند وزنجبار وأذربيجان وقرغيزستان. وينظم المهرجان للعام الثاني علي التوالي، إذ حرصت الحكومة الإيرانية علي توسيع المشاركة فيه، بعد اقتصاره العام الماضي علي الدول التي تحيي عيد «نوروز»، علماً أن حوالى 300 مليون شخص في دول المنطقة يحتفلون به. والتقى الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد نظيره الأفغاني حميد كارزاي الذي اعتبر «نوروز احتفالاً لتعزيز الأواصر بين شعوب المنطقة وتقاربها». ووصف نجاد، خلال استقباله الوزير العُماني يوسف بن علوي بن عبدالله، «نوروز» بأنه «عيد الصداقة والعدالة». وأفادت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية (إرنا) بأن المشاركين سيلتقون مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران علي خامنئي. وكان مقرراً تنظيم المهرجان في منطقة «تخت جمشيد» (برسيبوليس) الأثرية في محافظة فارس، والتي يعود تاريخها الى أكثر من 2500 سنة، لكن المعارضة التي أبدتها أوساط دينية وشعبية، إضافة الى «الحرس الثوري»، حالت دون إقامته في المنطقة، خصوصاً أن ذاكرة الإيرانيين ما زالت تحتفظ بالاحتفال المهيب الذي أقامه الشاه الراحل محمد رضا بهلوي في سبعينات القرن العشرين في «تخت جمشيد»، احتفاءً بمرور 2500 سنة علي تأسيس «الإمبراطورية الشاهنشاهية الإيرانية». وعارضت أوساط دينية في مدينة قم تنظيم الاحتفال في برسيبوليس، باعتبار انه يدعو الي تمجيد ثقافة عصر ما قبل الإسلام، علي حساب الحضارة الإسلامية. ورأى تكتل رجال الدين في مجلس الشورى (البرلمان) في الترويج للهوية الإيرانية علي حساب الإسلامية، «خيانة للإسلام»، فيما اعتبرت أوساط سياسية أن من غير المناسب تنظيم احتفال مشابه، في وقت تشهد المنطقة أحداثاً مهمة. لكن مصادر قالت إن خامنئي يعتبر أن «هذه القضايا لا تستحق اختلافاً»، بالتالي لم يعارض تنظيم الاحتفال سواء في شيراز أو طهران. ويشير منتقدو الرئيس الإيراني من المحافظين الأصوليين، بأصابع الاتهام الي اسفنديار رحيم مشائي مدير مكتب نجاد، معتبرين انه «يملك أفكاراً مشابهة» ويشجّع تنظيم احتفالات مماثلة، تشير الي تاريخ إيران قبل الإسلام. وكانت وُجِهت دعوة الي العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني للمشاركة في الاحتفال، لكن معارضة واسعة أبداها البرلمان، حالت دون مشاركته. وعلي رغم مرور أكثر من ثلاثة عقود علي الثورة الإسلامية في إيران، لم تحسم أمرها في آلية التعاطي مع المناسبات الإيرانية القومية، خصوصاً تلك التي تتزامن مع «نوروز» الذي يصادف 21 آذار (مارس)، إذ ما زالت أوساط محافظة تشير إليها باعتبارها أعياداً لا ترتبط بالإسلام بل بتواريخ وثقافة تعود الى ما قبل الإسلام، وهذه إجمالاً ترتبط بالشعوب التي كانت تعبد النار. لكن جواد أرين منش نائب رئيس لجنة الثقافة في البرلمان وصف «نوروز» بأنه «عيد إيراني - إسلامي يقدم للعالم رسالة السلام والصداقة والأخوّة والقيّم الإنسانية».