فيما يعلو صوت الموسيقى فوق كل الأصوات في عيد نوروز، من الطبيعي رؤية الأكراد من كل الأعمار ووجوههم مبتسمة في يوم قد يعتبره كثير من الشباب مناسبةً للالتقاء بشريكة الحياة من بين المحتفلين وهي تلبس أجمل ما لديها من ألوان، مستذكرين هنا قصة العشق الكردية الأشهر في التاريخ «مم وزين» بعدما التقيا في أحد أعياد نوروز العام 600 للميلاد. يحتفل الشعب الكردي في أنحاء العالم بعيد نوروز، في 21 من آذار (مارس) من كل عام، وهو يعتبر رأس السنة الكردية الجديدة وبدايةً لفصل الربيع، ورمزاً لانتصار الخير على الشر، وأساس الدعوة إلى السلام العالمي. ففي التاريخ المذكور يحتفل الكرد في مناطق وجودهم، من خلال العديد من الفعاليات والنشاطات الثقافية، كالرقص والغناء والمسرح والأداء والشعر، وغيرها من الطقوس التي تسبق ليلة نوروز، ومنها إيقاد النيران إحياءً لذكرى نوروز ويعني «اليوم الجديد»، أي بداية تأسيس الإمبراطورية الكردية الأولى في العالم، وهي إمبراطورية «ميديا» العام 612 قبل الميلاد، بما يعني أن السنوات الكردية بلغت الرقم 2628. وتتركز الاحتفاليات في أربع مناطق رئيسة من سورية وتركيا والعراق وإيران، فيما تُقام فعاليات مشابهة في مناطق أخرى من العالم، يتجمع فيها مئات الآلاف من الكرد وهم يرتدون الزيّ الفولكلوري الملوّن بالأخضر والأحمر والأصفر مع الأبيض، وهي ألوان العلم الكردي، بصحبة فنانين مشهورين. ويحيي الأكراد عادات أخرى في هذه المناسبة، كمجالس الشواء مع العزف على آلة الطنبور وعقد حلقات الدبكة على وقع أغانٍ من التراث الكردي، تستذكر مآثر الكرد عبر التاريخ. وينتهز الكرد الفرصة في نوروز للمطالبة بحقوقهم المصيرية والقومية والثقافية، بأشعار وعروض أدائية وقراءة بيانات حزبية، وغيرها من الخطوات التي توصل صوتهم إلى أكبر عدد ممكن من الناس. وفي هذه الأيام التي يعانون فيها من التهجير والقمع، قد تتضاعف المطالب. وتعود جذور قصة عيد نوروز إلى بلاد فارس شرقاً، حيث المملكة الآشورية وملكها الظالم «الضحاك» أو «أزدهاك»، وقتله معظم شباب المدينة بعدما وصف له طبيبه أن يشرب كل يوم من دماء شابَيْن. وفي تلك الأثناء، كان ثمة حدّاد سيوف وفؤوس اسمه «كاوا»، وعد أهل مدينته بالانتقام لأولاده السبعة الذين أكلهم «الضحاك»، وكذلك لأمهات الشباب القتلى، فتسلل إلى قصر الملك حاملاً معه فأسه، ليقتله ويُشعل النار على الجبل، معلناً بذلك انتصار الخير على الشر. ومنذ ذلك اليوم والشعب الكردي يحتفل بهذا الحدث، رمزاً لبداية فصل الربيع والألوان. يذكر أن شعوباً أخرى في العالم تحتفل بعيد نوروز، كغالبية المجتمعات التي تتحدر من العرق الآري، مثل الإيرانيين والأفغان والباكستانيين وغيرهم، وله تسميات عدة في مختلف مناطق العالم.