انحسرت توقعات ضربة أميركية في افغانستان، وأبلغت مصادر في حركة "طالبان" "الحياة" انها تستبعد اقدام الولاياتالمتحدة على توجيه ضربة على غرار ما فعلت في 20 آب اغسطس 1998 حين اطلقت 70 صاروخ "كروز" رداً على تفجير السفارتين الأميركيتين في أفريقيا، وبعد اتهام أسامة بن لادن الذي تؤويه حركة "طالبان" بتدبيرها. وبنت المصادر الطالبانية، التي لم تشأ الكشف عن هويتها، تحليلاتها هذه على أن الضربة الأميركية السابقة لم تفد واشنطن بل زادت من شعبية ابن لادن خصوصاً في أجواء غضب إسلامي وعربي على سياسة واشنطن تجاه فلسطين، وهو ما تجلى في التظاهرات التي عمت العالم الإسلامي. وتضيف مصادر أخرى أن أي ضربة جديدة ستخلط الأوراق بشكل خطير ضد المصالح الأميركية على أساس أن ذلك سيدفع الحركة إلى رفع الحظر المفروض على ابن لادن و"الأفغان العرب" ليُسمح لهم بالتحرك بكل حرية، وهو ما قد يسبب إرباكات جدية للسياسة الأميركية خصوصاً في ظل تنامي دور المدارس الدينية الباكستانية الداعمة بشكل أساسي لحركة "طالبان". وتطرح المصادر الطالبانية، كذلك المحللون الذين التقتهم "الحياة" في قندهار، ثلاثة سيناريوات للرد الأميركي على عملية تفجير المدمرة "كول" التي يشار إليها داخل مجتمع "الأفغان العرب" بعبارة "تدمير المدمرة"، وقال أحدهم ل"الحياة" ساخراً: "هذه المدمرة التي قال الأميركان عنها بأنها تتعامل مع مئة هدف بري وبحري وجوي، لم تستطع التعامل مع زورق صيد واحد، وهو ما يصيب هيبة السلاح الأميركي في الصميم". ومن هذه السيناريوات عمليات تفجير في مناطق سيطرة حركة "طالبان"، وذلك على غرار التفجير الذي حصل أمام مقر الملا محمد عمر زعيم الحركة في قندهار بعد نسف السفارتين الأميركيتين في أفريقيا. وقد رأى البعض في هذا التفجير رداً من واشنطن التي باتت تعتقد أن قتل الملا محمد عمر يفقد ابن لادن حليفاً رئيسياً خصوصاً بعدما عجزت واشنطن عن تصفيته طوال السنوات الماضية. وأبلغت مصادر مطلعة ل"الحياة" في قندهار أن "طالبان" ضبطت قبل أيام شاحنة محملة متفجرات في احدى الساحات العامة في المدينة، ما أشاع حال ارتباك خصوصاً أن حركة "طالبان" تتباهى بقدرتها على توفير الأمن والاستقرار. أما السيناريو الآخر فيتوقع أن تقدم روسيا على دعم المعارضة الأفغانية، بشكل مكثف، خصوصاً فصيل أحمد شاه مسعود، وقد يشمل الدعم ضربات جوية، كما ألمح إلى ذلك وزير الدفاع الروسي قبل أيام. ومع ان هذا الاحتمال يوفر فرصة ثمينة ل"طالبان" لاعلان أن مسعود "عميل لروسيا"، حسب قول أحد الطالبانيين، الا انه سيسبب اشكالات اضافية ل"طالبان" في مواجهة حلف يضم روسيا والمعارضة والهند، مع دعم أميركي غير مباشر. أما السيناريو الثالث، فلا يستبعد خيار الضربة الأميركية المتواصلة على غرار ما حصل في كوسوفو، مترافقة مع مساعدات روسية إلى المعارضة لإحراز تقدم على الأرض. ومعلوم أن ثمة التقاء في المصالح الأميركية - الروسية - الهندية إزاء ملف "الإرهاب الإسلامي" في أفغانستان، وهو ما قد يجعل السياسة الباكستانية في مأزق حقيقي. فموسكو كانت هددت بضرب ما تعتبره مواقع لشيشانيين يتدربون في أفغانستان، أما الهند فلديها مخاوف من إيواء "طالبان" بعض المقاتلين الكشميريين، وهو ما تنفيه الحركة.