حلقت أمس طائرة مجهولة الهوية يعتقد أنها أميركية لساعات عدة فوق مدينة قندهار، معقل حركة "طالبان"، في مهمة تعتقد الأوساط الطالبانية انها ترمي الى استطلاع مواقع يشتبه بأنها تابعة لأسامة بن لادن. وكانت طائرة أخرى حلقت قبل اسبوعين فوق المنطقة نفسها. ولم تستبعد مصادر مطلعة في واشنطن ان تقدم الولاياتالمتحدة على عمل عسكري ضد مخططي عملية تفجير المدمرة "كول" في عدن، فور بدء ظهور النتائج الأولية للتحقيقات. وكان الرئيس بيل كلينتون أعلن أن هناك "خيوطاً واعدة" أظهرتها التحقيقات ويجري العمل عليها. وقالت المصادر ان موعد الانتخابات الرئاسية في 7 تشرين الثاني نوفمبر لن يردع واشنطن عن توجيه ضربة للجهة أو الجهات التي دبرت العملية، خصوصاً متى تأمن لها حد أدنى من الأدلة التي تدين أطرافاً أو دولاً. لكن منسق مكافحة الارهاب في الخارجية الاميركية مايكل شيهان قال للصحافيين امس ان من المبكر ربط ابن لادن بحادث تفجير المدمرة. واعلن امس رويترز ان القوات الاميركية في السعودية والكويت تلقت اوامر برفع درجة التأهب والحذر"بسبب استمرار التهديدات والتوتر في المنطقة"، حسب بيان للسفارة الاميركية في الكويت. وعلى رغم انتقادات وجهها مسؤولون أميركيون للعراقيل التي تعترض المحققين الأميركيين نتيجة رفض السلطات اليمنية السماح لهم بمقابلات مباشرة مع المعتقلين، أشارت المصادر الى "خيوط واضحة" بدأت تتجمع لدى المحققين. قوائم اسماء... واسئلة وأكدت مصادر مطلعة ل"الحياة" في عدن، امس، أن رفض السلطات اليمنية التجاوب مع المحققين الاميركيين بمنحهم فرصة الاستجواب المباشر لمواطنين يمنيين ومحتجزين على ذمة التحقيق في عملية تفجير المدمرة هو ما يثير خلافات حادة بين الجانبين. اذ يحرص الجانب اليمني على عدم خرق القوانين التي تحظر منح تسهيلات الى محققين أجانب لاستجواب مواطنين يمنيين. ويعتبر المحققون الأميركيون تفجير المدمرة عملاً خطيراً ويتطلب تسهيلات يمنية استثنائية. وقالت المصادر ان المحققين اليمنيين رفضوا التعاطي مع قائمة أسئلة طلب فريق ال "إف بي آي" توجيهها الى المشتبه بانتمائهم لتنظيم "الجهاد" الاسلامي أو بعلاقة مع أسامة بن لادن تتعلق بحادثي تفجير السفارتين الأميركيتين في نيروبي ودار السلام. ويرى المحققون اليمنيون أن حملة الاعتقالات والتحقيقات والتحريات التي تجريها أجهزة الأمن لم تتوصل الى أدلة اتهام ما يعني أن المعتقلين مجرد مشتبه فيهم ولم يثبت قانوناً ارتكابهم جرائم محددة. وأضافت ان الأجهزة اليمنية تعتمد على نصوص القانون اليمني في مواجهة الضغوط الأميركية. ولفتت الى أن المحققين الأميركيين قدموا ايضاً قائمة تضم اسماء لمن يعتبرونهم "قيادات متطرفة" أو "أشخاصاً لهم علاقة بأسامة بن لادن" أو من "الأفغان الغرب"، ما استفز الجانب اليمني، رغم ان اللائحة لا تتضمن طلباً محدداً باستجوابهم أو بتسهيلات لمقابلتهم، غير أنها حملت ايحاءات وصفتها المصادر بأنها "خطيرة" و "مؤشر الى رغبة أميركية في نقل جانب من تحقيقات في حوادث تعرضت لها مصالح أميركية في افريقيا وغيرها الى عدن وهذا غير جائز قانونياً". ويشعر الجانب اليمني بأن المحققين الأميركيين يحاولون استغلال التعاون الكبير الذي أنتهجه اليمنيون معهم في التنسيق المشترك بشأن التحقيق في الحادث، لكنه لن يسمح بأي "تطاول" على القوانين اليمنية أو بتجاوزات لها. وفيما عبر مسؤولون يمنيون عن ارتياحهم الى سير التحقيقات ووصفوا نتائجها بأنها "مبشرة" قال ديبلوماسيون أميركيون ان من السابق لأوانه تأكيد وجود نتائج تدل الى هوية منفذي الحادث ومدبريه والجهات التي تقف وراءه، وأن التحقيقات ستأخذ وقتاً أطول. وكانت السلطات اليمنية، حسب مصادر موثوق بها في صنعاء، اعتقلت نحو عشرين شخصاً من عناصر الجهاد في صنعاء خلال الأيام الماضية وجرى نقلهم الى عدن للتحقيق معهم بينهم يمنيون و"أفغان عرب". وأكدت هذه المصادر ان العشرات اطلقوا بعدما أخذت أقوالهم، لكن المحققين ركزوا على عناصر كانوا ينتمون الى ما سمي "جيش عدن الاسلامي" ويوجد معظمهم في محافظات أبين وشبوه ولحج. وكشفت المصادر نفسها ان رسالة بعثت بها وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت أول من امس تتعلق بالمسائل الخلافية بين فريقي التحقيق اليمني والاميركي، وتتركز على عدم اجراء تحقيقات مشتركة تشمل استجواب مواطنين يمنيين. كما طالبت اولبرايت ب "المزيد من التسهيلات". وفي كابول تتوقع مصادر طالبانية أن تحصل ضربة أميركية خلال هذا الاسبوع، وان تشتمل على ضربات جوية وصاروخية مشتركة. وتربط هذه المصادر بين "الضربة" وموعد الانتخابات "من أجل رفع أسهم المرشح آل غور". وكشفت مصادر واسعة الاطلاع ل"الحياة" ان الأميركيين قد يستخدمون قواعد في دول وسط آسيا كاوزبكستان وطاجكستان، متوقعة أن تكون الضربة شديدة وطويلة الأمد "على غرارالقصف الغربي لكوسوفو". ويعتقد أن اختيار قواعد دول وسط آسيا جاء بعدما رفضت باكستان السماح للأميركيين باستخدام مجالها الجوي وهددت بإثارة الأمر في المؤسسات الدولية في حال حصوله. واستبعدت مصادر عدة التقتها "الحياة" ان تؤثر الضربات الأميركية في قدرة قواعد ابن لادن أو فشلها، بسبب انتشار مقاتليه بعيداً عن مراكزهم وقواعدهم السابقة، وغدوا "كمن يبحث عن إبرة وسط أكوام من القش" حسب تعبير أحد المراجع الأفغانية. وعلمت "الحياة" ان "طالبان" هددت واشنطن في حال نفذت الضربة وصعّدت ضغوطها عليها بأنها سترفع الحظر المفروض على أسامة بن لادن وستتيح له الحركة ومخاطبة وسائل الإعلام. وربط محللون سياسيون في كابول بين التحسب للضربة الأميركية وتصريحات وزير الدفاع الروسي الذي هدد بالمشاركة الى جانب المعارضة الأفغانية بزعامة أحمد شاه مسعود وذلك عبر المساندة الجوية، ولم تستبعد أوساط عسكرية أن تتزامن الضربات الأميركية مع هجمات لمسعود بدعم روسي مستغلاً بذلك حال الارتباك والفوضى التي قد تنجم عن هذه الضربات.