سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
إجتماع للجان المشتركة في 27 أيلول ... والحكومة تؤيد وتطلب "حصر الأمر بالقضايا الأمنية والقضائية من أجل المصلحة العليا". لبنان : التنصت على الهاتف يأخذ طريقه الى القوننة وبري يؤكده على "النواب والوزراء ... وربما على الرؤساء"
أجمعت اللجان النيابية المشتركة التي اجتمعت امس برئاسة رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري وبموافقة الحكومة، على تبني اقتراح قانون مقدم من عدد من النواب على "قوننة التنصت على الهاتف لأسباب امنية وقضائية من اجل المصلحة العليا". وفيما أكد نواب "وجود تنصت سياسي لا علاقة له بمصلحة الدولة والوطن"، نفت الحكومة ومعها قادة الاجهزة الامنية ذلك، موضحة ان "التنصت محصور بالقضايا الامنية والقضائية بعد إذن من النيابة العامة". إلا أن بري أكد "وجود تنصت سياسي على النواب والوزراء وربما على الرؤساء". وأرجئ الاجتماع الى 27 أيلول سبتمبر الجاري لحسم الموضوع. عقدت لجنتا الادارة والعدل النيابية والاعلام والبريد والمواصلات السلكية واللاسلكية اجتماعاً امس في ساحة النجمة برئاسة الرئيس بري وحضور نائب رئيس الحكومة وزير الداخلية ميشال المر ووزراء الاتصالات عصام نعمان والاعلام أنور الخليل والدفاع غازي زعيتر والعدل جوزف شاول و43 نائباً، اضافة الى المدعي العام التمييزي القاضي عدنان عضوم والمديرين العامين للامن العام اللواء جميل السيد، وأمن الدولة اللواء ادوار منصور، والمخابرات في الجيش العميد ريمون عازار، وعن شركة "ليبانسيل" رئيس مجلس الادارة المدير العام الدكتور حسين رفاعي ومحاميها نبيل فغالي، وعن شركة "سيليس" رئيس مجلس الادارة المدير العام الدكتور صلاح أبو رعد ومحاميها فادي تيان وطوني أبو صافي ومحمد توفيق رمضان. بعد الإستماع الى مختلف الآراء تقرر السير في اقتراح القانون المقدم من عدد من النواب عن قوننة التنصّت. ووافقت الحكومة على القوننة من حيث المبدأ وبوشرت تلاوة المادة الأولى منه، فطلبت الحكومة وقتاً لقراءة هذا الإقتراح وإبداء ملاحظاتها عليه. وبعد المشاورات تقرر استكمال البحث في مناقشة الإقتراح في اجتماع يعقد في 27 أيلول سبتمبر الجاري في حضور كل المعنيين على المستويين الوزاري والأمني. وقال مقرر اللجان النائب غسان مطر أن "المناخ أنْ لا تنصّت على الهاتف الخليوي حتى الآن وهناك إمكان لذلك، لكن الموضوع الآن غير وارد. وفي اقتناع الرئيس بري ان هناك تنصتاً على الهاتف الثابت، وبالتالي فأن المجلس النيابي وبري وكل المعنيين هم مع التنصّت إذا كان يصب في خدمة البلد ولكن ضمن قانون يصون الحريات ويعطي الحق للدولة ضمن القانون لمتابعة التنصّت". وأكد "ان هناك دولاً من خارج لبنان يمكن ان تتنصّت على لبنان وعلى كل مخابرة فيه، مع وجود التكنولوجيا الحديثة للإتصالات والأقمار الصناعية". وعن رأي قادة الأجهزة الأمنية في وجود التنصّت، قال "انهم يخضعون في النهاية للسلطة السياسية، والأخيرة موافقة على قوننة التنصّت لدواعٍ أمنية". وقال رئىس اللجنة البرلمانية الفرعية لاستقصاء الحقائق عن التنصّت النائب سامي الخطيب "ان اقتراح القانون الذي تقدمنا به ودرسته اللجان اصبح في عهدة المجلس النيابي والحكومة معاً، وهو يُدرس بمنتهى الجدية لتنظيم صون حرية التخابر عند اللبنانيين وتحديد حالات الرقابة عليها، إنطلاقاً من الحرية التي كفلها الدستور". وأضاف "سيوضع إطار قانوني لحماية حريات الناس، وحتى هذه الحرية والديموقراطية هي في حاجة الى حماية، لكن الهدف الأساسي ألا يكون التنصّت سلعة سياسية يتقاذفها الأفرقاء من حين إلى اخر، ووسيلة لابتزاز الناس ودخول أسرارها". وأوضح "اننا حددنا في اقتراح القانون الذي وضعناه هيئة للرقابة والعقوبات". شبه محضر واستجمعت "الحياة" معلومات من نواب كثر شاركوا في الإجتماع عما دار فيه، وتكوّن لديها شبه محضر. ففي المستهل، اعتبر بري "ان هذا الأمر قديم جديد، إذ أثير في العهد السابق، وطرح في المجلس النيابي فأقرّ المدير العام السابق للأمن العام ريمون روفايل بوجود تنصّت، والآن نجتمع لنوجّه سؤالاً واحداً الى الأجهزة الأمنية: هل يوجد تنصّت أم لا؟ وهل هو على الهاتف الثابت أم لا؟ وهل يشمل الهاتف الخليوي أم لا؟". وأضاف "نحن مع تنصّت معلوم من القانون ومجهول من المجرمين، وفي ضوء جواب الأجهزة نبني على الشيء مقتضاه". ثم تقدم الوزير المر بمداخلة عن تاريخ التنصّت في لبنان منذ العام 1948، أي بعد نكبة فلسطين "إذ كان التنصّت يدوياً واستمر وتطور بعد العام 1953 نتيجة تطور الإتصالات الهاتفية، وتضاعف بعد محاولة الإنقلاب على الحكم في لبنان مطلع الستينات قام بها الحزب السوري القومي الإجتماعي ضد الرئيس الراحل فؤاد شهاب". وأضاف "في بداية السبعينات أوقف التنصّت في عهد حكومة الرئيس صائب سلام، ثلاثة أشهر، ثم أعيد لضرورات أمنية. وخلال الحرب اللبنانية نشأت أجهزة أمنية حزبية كانت تتنصّت بعضها على بعض، والجميع يعرف أن الدولة كانت ضعيفة حينذاك، إلا أن التنصّت كان قائماً لمصلحة أجهزة غير شرعية، واستمر حتى أوائل التسعينات ثم ما لبث ان توقف بعدما أعيد توحيد البلد". وتابع "من التسعينات الى اليوم، تعاقب على وزارة الداخلية النائبان سامي الخطيب وبشارة مرهج وأنا، وكما يعرف الوزراء في السابق كان هناك تنصّت وكانت تصل الى وزارة الداخلية معلومات يومية مستقاة من تقارير التنصّت. وفي نيسان ابريل 1997 تحرك الموضوع مجدداً في المجلس، وأتى المدير العام السابق للأمن العام روفايل الى ساحة النجمة وأقرّ بوجود تنصّت على الهاتف الثابت، وبعدم علمه بالتنصّت على الخليوي". وقال المر "بعد ذلك ونتيجة ردود فعل من السلطات العليا تجاوزت متطلبات الأمن، تقرر وقف مركز التنصّت التابع للأمن العام، ومن العام 1997 الى الآن لم تعد ترد علينا تقارير عن التنصّت. والمعطيات التي املكها الآن، ان في امكان الأجهزة الدخول على الخط العادي اذا طلبت منها النيابة العامة التمييزية ذلك، ولا اعلم هل يقومون بهذا الأمر". ثم قال اللواء السيد "ان مركز التنصّت التابع للأمن العام والذي أشار اليه الوزير المر لا يزال مقفلاً. لكن التنصّت موجود بصرف النظر عن المركز، وهو قائم على امور محددة نستأذن فيها النيابة العامة التمييزية"، مشيراً الى "ان التنصّت عملية سهلة جداً وليست معقدة تقنياً. وبالنسبة الى الخليوي فالأمر المؤكد حتى الآن ان ليس لدى الاجهزة ما يسمح لها بالتنصّت عليه". وإذ أكد اللواء منصور أن "لا إمكانات لدينا للتنصّت ولا معلومات عندنا عن وجوده"، قال العميد عازار "على رغم ضرورات الأمن العسكري لم نقم بأي تنصّت أو أي نشاط من هذا النوع". وهنا علّق الرئيس بري "يبدو أنني أنا من يتنصّت على الهاتف". وتحدث القاضي عضوم فطلب التمييز بين التنصّت القضائي والتنصّت الأمني والإداري. وقال "ان النيابة العامة التمييزية كانت تعطي موافقة خطية دائمة بالنسبة الى التنصّت القضائي وكانت تستأذن في الموافقة الشفوية على التنصّت الاداري". وسأل بري عضوم "هل تلقيت طلبات بالتنصّت على سياسيين من رؤساء ووزراء ونواب وأحزاب؟"، أجاب "إطلاقاً لا". وأعطي الكلام لممثل شركة "ليبانسل" للخليوي الدكتور حسين الرفاعي، فأكد "ان التنصّت من خلال السنترال مستحيل لعدم وجود برامج مطلوبة لهذه الغاية، وهي غير موجودة في لبنان الآن". وتحدث النائب الخطيب فشرح المهمة التي قامت بها اللجنة السابقة، وقال "ان عدم وجود تنصّت على الخليوي لا ينفي إمكان حصوله. لأن أي شخص من دون علم الشركة المعنية يستطيع أن يدس برنامجاً للتنصّت في سنترال ما ويصبح قادراً على التحكم من بعيد بمراقبة بعض الخطوط". وردّ ممثل شركة "سيليس" صلاح ابو رعد نافياً امكان تحول الهاتف الخليوي ميكروفوناً لينقل الأحاديث، كما قال النائب الخطيب. وأضاف "ان الحديث عن وضع برامج في السنترالات ليس بالسهولة التي يتوقعها البعض. هذا الشيء لا يمكن ان يحصل إلا بمعرفة الشركة المصنّعة، فهي الوحيدة التي تعرف هل تم تركيب برنامج ما أم لا". وكانت مداخلات لعدد من النواب، فدعا بطرس حرب الى "التوفيق بين حرية المواطن ودواعي الأمن"، وقال مروان حمادة "عندما كنا وزراء في عدد من الحكومات، كنا نرى قصاصات ورق لمقتطفات من تنصّت على سياسيين ووزراء وأحزاب ونقابيين، في حوزة بعض الوزراء". وسأل حمادة عضوم هل أعطى أذونات خطية أو شفوية للتنصّت السياسي؟ فأجابه "لم يطلب مني احد التنصت على سياسيين". وتحدث بري مجدداً، فقال "ان هذا الإجتماع اكبر من مهمة وهو سينتهي حتماً الى قوننة التنصّت، وأن إنكار أي معلومة عن عدم وجود تنصّت لن يمرّ عليّ، والموضوع سينتهي الى القوننة على غرار ما هو قائم في عدد من الدول الأوروبية، ولدينا نصوص القوانين التي تعمل بها". وأضاف "ان رئاسة المجلس اشتركت في السابق مع اللجنة التي تشكلت من النائب الخطيب والمدعي العام التمييزي عضوم لتقصي الحقائق بالنسبة الى الخليوي، ويبدو حتى اللحظة ان لا تنصّت على هذا النوع من الهاتف، انما امكانه قائم. أما الكلام على عدم وجود تنصّت الآن على الهاتف الثابت، فغير دقيق. وعندما يعقد المجلس جلسة من هذا النوع، لا يجوز إلا ان يوضع في الصورة الحقيقية للأمور. قلت ان المجلس مع مراقبة الهاتف، على ان تكون مقوننة وبعلم القضاء، وأقول اليوم ان هناك تنصّتاً، وتنصّتاً سياسياً وأنا مسؤول عن كلامي. تنصّت على النواب والوزراء وربما على الرؤساء". وتابع "لا اريد ان اقتل الناطور، انما اريد ان آكل عنباً، وأودّ توجيه سؤال محدد الى الحكومة: هل توافق على ان يسير المجلس باقتراح القانون؟ وأطلب من الوزير المر جواباً". فأجاب المر "ان الحكومة مع وضع قانون، وأتمنى ان تعطى الوقت لدرسه". ثم طلب بري تلاوة المادة الأولى من اقتراح القانون، فتليت. وطلب الوزير نعمان الكلام وقال "ليس أدل الى نية الحكومة قوننة التنصّت سوى الملاحظات التي تقدمنا بها". وطلب احالة اقتراح القانون على لجنة الإدارة والعدل النيابية ومن ثم على اللجان المشتركة. وتدخّل المر مؤكداً "ان الحكومة مع القوننة"، وتمنى على رئاسة المجلس "ان تفسح في المجال لإطلاع الأجهزة الأمنية والمدعي العام التمييزي على اقتراح القانون، مع تقديري للملاحظات التي أبداها وزير الهاتف التي لا نعرف ما هي". وعلّق بري "حسماً لبعض الأمور، فهذا الموضوع بالذات لن يذهب الى أي لجنة من اللجان المشتركة نظراً الى ضرورة الحسم والسرعة، ولدينا مصلحة عليا في الإسراع في إنجاز القانون من دون تسرّع، وقد بدأنا بمناقشة المادة الأولى ونستطيع أن نرفع الإجتماع الى موعد آخر لمتابعة النقاش في اقتراح القانون وإجراء التعديلات، والآن نرفعه الى العاشرة والنصف قبل ظهر 27 أيلول". وبعد الاجتماع، قال المر للصحافيين "ابدينا رأينا كحكومة في وضوح في موضوع التنصت. وطرح اقتراح قانون لقوننته وكان هناك اقتناع بضرورة التنصت لأسباب أمنية وقضائية ولكن وفق قانون يصدر عن المجلس النيابي. والحكومة ترحب بالقوننة". وأضاف "طلبنا من الرئيس بري ان يعطي مهلاً اضافية للنواب وللحكومة ليتسنى لهم الاطلاع على الاقتراحات الثلاثة التي وزعت عليهم، وصولاً الى وضع قانون موحد يخدم مصلحة الوطن العليا ويضمن الامن القومي في الوقت نفسه". ونفى وجود تنصت سياسي، وقال ان بري سأل المعنيين عن هذا الموضوع فكان جوابهم النفي "انما هناك تنصت لضرورات أمنية وقضائية بعد استئذان النيابة العامة التمييزية". وأضاف "كانت تعطى عن هذا التنصت خلاصات أمنية لوزراء الدفاع والداخلية وهذا الامر لا نزال نسير عليه". وأضاف "عندما سئل القاضي عضوم، قال انه يعطي الاذن للاجهزة الامنية عندما تحصل جريمة ما لإجراء التنصت على خطوط محددة لكشفها". وأعطى مثلاً على ذلك "عندما تقع جريمة مثل جريمة صيدا مقتل القضاة الاربعة فمن اجل الكشف عنها يمكن مراقبة مئتي خط خليوي قبل ساعة من وقوع الجريمة وبعد ساعة على وقوعها". واعتبر ان "هذا الملف أقفل بعدما وضع المجلس النيابي يده على قانون ينظم هذا الامر وعندما يصدر يكون الملف أقفل جيداً". وقيل للمر ان نواباً كشفوا ان التنصت كان على اجتماع اللجان امس من خلال اجهزة الهاتف الخليوي الموجودة مع البعض؟ اجاب "اذا كان الجهاز مفتوحاً يمكن التنصت، واذا كان مقفلاً فلا امكان لذلك". واعتبر النائب باسم السبع ان "القانون وضع على السكة وانتصر التشريع على التنصت". وقال ان "هذا القانون هو الاول من نوعه في تاريخ لبنان والمنطقة، ويشكل حجر اساس لمعالجة موضوع التنصت ومن يتنصت يجب ان توضع له ضوابط". وقال النائب اسماعيل سكرية "انا شخصياً مقتنع بأن هناك تنصتاً. ولدي الدليل الشخصي الى ذلك". لكنه لم يشأ الافصاح عنه.