في خطوة مفاجئة، رفع رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري إلى 14 أيلول سبتمبر المقبل اجتماعاً مشتركاً للجنتي البريد والإعلام والإدارة والعدل النيابيتين مخصصاً لموضوع التنصّت على الهاتف، بعد أقل من نصف ساعة على انعقاده أمس في ساحة النجمة، بسبب تغيّب بعض الوزراء المختصين عنه. عقد الإجتماع برئاسة بري، ودعي إليه وزراء الداخلية ميشال المر والبريد والإتصالات السلكية واللاسلكية عصام نعمان والدفاع غازي زعيتر والإعلام أنور الخليل والعدل جوزف شاول والمدعي العام التمييزي القاضي عدنان عضوم والمدير العام لأمن الدولة اللواء ادوار منصور والمدير العام للأمن العام اللواء جميل السيد ومدير الإستثمار والصيانة في وزارة الإتصالات عبدالمنعم يوسف، إضافة إلى ممثلي شركتي الهاتف الخليوي المحامي نبيل فغالي ليبانسيل وناجي تيان سليس. وبعد انتظار نحو ثلثي ساعة، وبعد حضور أكثر من 30 نائباً، تبين ان هناك وزراء لم يحضروا على رغم تبلغهم الموعد. وبالتزامن مع وصول الوزير نعمان الى القاعة العامة، كان الرئيس بري رفع الإجتماع، وتبعه بعد قليل الوزير الخليل، فتوجه من فوره الى مكتب بري الذي دخله نواب للتشاور. اما الوزير شاول فلم يحضر، في حين فوّض الوزير المر الى اللواء السيد تمثيله، في كتاب وجهه الى رئيس لجنة البريد النيابية عبداللطيف الزين استناداً الى المادة ال31 من النظام الداخلي. فاعتبر بري، كما افادت مصادر نيابية "الحياة"، ان التكليف "باطل وغير قانوني". قائلاً "ان الوزير يكلف من ينوب عنه في امور تتعلق بالتشريع لا بالتحقيق، وبالتالي فإذا كان البعض يعتبر اننا نمزح يكون مخطئاً فهذا الأمر ليس مزحة والمجلس النيابي سيقوم بواجباته الكاملة في شأن التنصّت وقد سبق للمجلس ان قام بواجباته". وخاطب بري الحضور بالقول "انا ناطق باسم المجلس وأؤكد انني سأذهب في هذا الموضوع الى النهاية وصولاً إلى إقرار قانون يضع الأمور في نصابها. هناك اقتراح قانون أعدّ اليوم امس ووقّعه عدد من النواب وما زال مفتوحاً وجاء بناء على توجيهاتي وهو مستوحى من قوانين دول، ولا سيما منها فرنسا، تضع حدوداً للتنصّت الهاتفي في الشؤون المتعلقة بسلامة الدولة والأمن القومي ويحدد شروطاً قانونية وإدارية وقضائية وأمنية لجهة التأكيد أن سرية التخابر حق مقدس مثل حق الرأي والتعبير وبالتالي لا يجوز مقاطعة اي نوع من انواع التخابر الهاتفي إلا في الحدود التي ينص عليها القانون وفرض عقوبات معينة على من يخالف هذه النصوص مالياً وجزائياً". وأكد بري "ان المجلس جدي في موضوع التنصّت"، منتقداً غياب بعض الوزراء، وقال "لا يفترضن أحد ان المجلس يستسهل التعامل مع هذا الموضوع او سواه، وعندما ندعو الى اجتماع يفترض التزام الحضور، وقد سبق ان طرح في السنوات الماضية، وشكلت لجنة تحقيق وحققت في التنصّت على الهاتف الخليوي وسنتابع الموضوع وسنضع القانون. وقبل وضعه نريد اجابة صريحة هل هناك تنصّت ام لا؟ وإذا لمس المجلس ان الأجوبة غير وافية فسيكون مكلفاً القيام بدوره ولن يتأخر عن دخول الغرف للتأكد من ذلك". المجرمون لا المسؤولون لكن بري طالب "بضرورة التنصّت على المجرمين ومنعه عن المسؤولين إلا من ضمن قانون يحمي حقوق الناس خصوصاً اننا شهدنا اول من امس اغتيال أحد أبطال المقاومة علي ديب وبالتالي هذا يستدعي يقظة كاملة من كل الأجهزة الأمنية حيال المجرمين والعابثين بالأمن في لبنان". واعتبر "ان تغيب الوزراء غير جائز لهذا السبب"، مطالباً "كل المدعوين بالحضور شخصياً الى الاجتماع المقبل، بعد العطلة النيابية" التي تبدأ في 20 آب اغسطس الجاري وتنتهي في 10 أيلول المقبل. وأصرّ بري على "ان المجلس مع التنصّت في ما يتعلق بالأمن الوطني ولكن يجب ان يكون على الهاتف العادي ومقونناً مع وضع ضوابط له"، مؤكداً "ان للمجلس الحق في ان يدخل اي مكان بالنسبة الى موضوع التنصّت، ان لدى الجيش او الأمن العام او اي مؤسسة اخرى لمعرفة هل هناك تنصّت ام لا". نعمان والخطيب وقال الوزير نعمان، في دردشة مع الصحافيين، "ليس هناك سبب سياسي لعدم مجيء الوزراء بدليل حضوري شخصياً، ولأن ثمة اجتماعاً مقبلاً للجنة، فهذا يعني ان المجلس لا يزال يضع يده على القضية". وأكد "ان ثمة وزراء ارسلوا مندوبين عنهم، وأعتقد ان عقد الإجتماع ممكن من دون حضور بعض الوزراء". وعندما قيل له ان بري يعتبر ان الإجتماع جلسة تحقيق وعلى الوزراء أن يحضروا، أجاب "التحقيق ليس مع الوزراء، فهم أيضاً يريدون ان يحققوا مع الجهات التي تتنصّت في شكل غير شرعي. والتحقيق هو في قضية قائمة وإذا كان هناك من تحقيق فيجب ان يتناول المسؤولين جميعاً منذ بدء التنصّت، وهو بدأ قبل مجيء هذه الحكومة". وقال النائب سامي الخطيب، الذي كان كُلف والقاضي عضوم وضع تقرير عن التنصّت، انه كان سيقدّم خلال الإجتماع "الخطوط العريضة للتقرير الذي يعمل على إعداده، وهو حال وصفية للحال الحاضرة على ان يأخذ في الإعتبار ما ستقوله الأجهزة الأمنية عن حجم التنصّت، إذا كان موجوداً، ومن ثم سنقترح من خلال القانون إيجاد هيئة أمنية قضائية يعود إليها قرار مراقبة الخطوط الهاتفية والسماح بها. وهكذا نكون تدخلنا وأوجدنا مرجعية أمنية قضائية لبتّ الموضوع، وهذا يفرض حماية حريات الناس وسرية مكالماتهم وسيخدم الأمن القومي". وتابع "سنحاول بالقانون ألاّ نجعل موضوع التنصّت سلعة سياسية متداولة في كل حين وتستعمل كلما احتاجت اليها المعارضة في اي حكم، وهذا من حقها". وأكد "ان التنصّت موجود منذ العام 1943، ومنذ وجد الهاتف في لبنان". وختم "يجوز ان يكون ثمة تنصّت لأهداف غير أمنية، وتقريرنا سيشمل كل شيء". وتزامن الإجتماع مع توزيع اقتراح قانون يرمي إلى صون الحق في سرية المخابرات التي تجرى بواسطة اي وسيلة من وسائل الإتصال، وقّعه ثمانية نواب هم نائب رئس المجلس إيلي الفرزلي ومروان حمادة ومحمد عبدالحميد بيضون وباسم السبع وعبدالرحيم مراد وسليم دياب وأحمد فتفت وعبده بجاني. الأسباب الموجبة وجاء في الاسباب الموجبة للاقتراح "تسود الحياة السياسية اللبنانية منذ سنوات طويلة مخاوف جدية من وجود تنصت سياسي او غير سياسي على المخابرات الهاتفية، ولما كانت ترتكز الى وقائع شهدتها البلاد في غير عهد، وأدت الى اثارة اللغط على بعض وجوه الممارسة الديموقراطية في لبنان، ولما كانت المحافظة على سرية المخابرات يشكل حقاً من حقوق الانسان الاساسية التي ينص الدستور على احترامها، والتعرض لهذا الحق يشكل استثناء لهذه القاعدة ولا يجوز ان يتم الا وفقاً لأصول واضحة وفي حالات محددة ينص عليها القانون. ولما كان العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والاعلان العالمي لحقوق الانسان ينص على عدم جواز التدخل في شكل تعسفي او غير قانوني في خصوصيات احد وفي حياته الخاصة او السرية او مسكنه او مراسلاته او على حساب سمعته وشرفه، وبما ان القانون الحالي لا يتضمن احكاماً تحدد في شكل صريح ومفصل الحالات التي يجوز فيها اللجوء الى التدبير الاستثنائي القاضي باعتراض المخابرات الهاتفية، لذلك اعد اقتراح القانون المرفق الذي يؤكد ان "مبدأ سرية المخابرات مصون بموجب القانون ولا يجوز التعرض له الا بموجب نص صريح يحدد الاصول والشروط للتعرض لسرية المخابرات التي تتم بأي وسيلة من وسائل الاتصال الاتصالات عبر الاجهزة الثابتة او الخليوية او الفاكس او البريد الالكتروني...". ويحدد الاقتراح الحالات التي يجوز فيها اللجوء الى هذا التدبير. ويمنح النائب العام لدى محكمة التمييز وقاضي التحقيق الاول في كل محافظة بموافقة وزير العدل ورئيس مجلس الوزراء صلاحية اتخاذ قرار يقضي باعتراض المخابرات، على ان يتناول هذا الاجراء الاستثنائي الشخص المظنون فيه بأنه فاعل او متدخل او شريك في جريمة معاقب عليها بالحرمان من الحرية لمدة لا تقل عن سنة على ان يضم الى ملف التحقيق فقط المعلومات المتعلقة بالجريمة. ويمنح وزيري الدفاع والداخلية بموافقة رئيس مجلس الوزراء صلاحية اتخاذ قرار يقضي باعتراض المخابرات بهدف جمع معلومات تتعلق بمحاربة الجرائم الواقعة على امن الدولة او الارهاب او الجريمة المنظمة، ويتم في هذه الحال رصد المخابرات من جانب الاجهزة الامنية او الادارية التي يحددها الوزير في قراره، على ان تنظم هذه الاجهزة محضراً يتضمن فقط المعلومات التي تناولتها المخابرة المعترضة والتي لها علاقة بالموضوع سبب هذا الاجراء. وينشئ الاقتراح "هيئة مستقلة مؤلفة من قضاة تناط بها صلاحية التثبت من ان الاجراءات المتعلقة باعتراض المخابرات بناء على قرار اداري، تمت وفقاً لأحكام القانون. وبما ان ضبط الاعتراض غير القانوني للمخابرات يتطلب وضع نصوص تعاقب على مثل هذه الافعال، لذلك يلحظ الاقتراح اي مخالفة لهذه الجهة تشكل جنحة، تسري عليها مهلة مرور الزمن من تاريخ اكتشافها على الا يحول ترك الموظف او الاجير وظيفته من دون الملاحقة، وينيط بالمحاكم العدلية وحدها صلاحية النظر في هذه الجرائم".