ان الانطباع الوحيد الذي يخرج به زوار دمشق من الوزراء والنواب والشخصيات الحزبية اللبنانية، هو ان كبار المسؤولين السوريين يركزون على اهمية الحوار الذي لا بد من ان يتواصل بين الحكم والحكومة من جهة وبين الاطراف اكانوا موالاة ام معارضة من اجل تخفيف حدة الصراع السياسي، خصوصاً ان الجميع - حسب وجهة نظر القيادة السورية - هم من ضمن الخط الوطني ولديهم سياسة استراتيجية واضحة لا لبس فيها ولا غموض. علمت "الحياة" ان زيارة نجل الرئيس السوري العقيد الركن الدكتور بشار الأسد لبيروت الاسبوع الماضي واجتماعه مع رئيس الجمهورية إميل لحود في حضور رئيس جهاز الامن والاستطلاع في القوات السورية العاملة في لبنان اللواء الركن غازي كنعان كانت محور اهتمام عدد من الشخصيات السياسية اللبنانية في اجتماعاتهم مع كبار المسؤولين السوريين. واستناداً الى المعلومات، نقل الزوار عن المسؤولين السوريين ارتياحهم للاجواء التي سادت محادثات رئيس الجمهورية ونجل الرئيس السوري الذي اكد ثبات الدعم السوري للعهد والحكومة وشدد على ضرورة التواصل بين الجميع بغية التغلب على التناقضات التي تسود الساحة اللبنانية كأساس لخلق مناخ سياسي افضل يمكن ان يسهم في انعاش الحوار على كل المستويات. وإذ احجم الزوار عن الدخول في تفاصيل المحادثات التي اجراها الدكتور الاسد في بيروت اكدوا ل"الحياة" ان ما بلغهم منها هو ان "الاجواء كانت ايجابية للغاية وان انفراجاً سيحصل على مستوى العلاقات السياسية وان كان يحتاج الى بعض الوقت لتلمس النتائج العملية باعتبار ان لا بديل من الحوار". وأشاروا الى ان "لدى دمشق قناعة بأن الحوار هو الطريق الوحيد لإرساء علاقات طبيعية وان كان هذا الامر يتطلب اتباع سياسة النفس الطويل في تحضير الاجواء لولوجه كبديل عن لغة التخاطب السياسي السائدة التي تدعوها الى التدخل بهدوء لوقف كل اشكال التراشق السياسي المباشر وغير المباشر". وأضافوا ان "القيادة السورية تقديراً منها لدقة المرحلة والصعوبات التي تواجه لبنان في تصديه المشترك الى جانب سورية للمناورات الاسرائيلية التي تسبق استئناف محادثات السلام، ترى ان صوت الحوار يجب ان يعلو فوق كل الاصوات وهذا يستدعي من الجميع الانفتاح والابتعاد عن كل ما من شأنه ان يزيد في التناقضات القائمة". وتابعوا: "من هنا نفهم الاسباب المترتبة على الدعوات السورية الى التهدئة على قاعدة توفير كل الدعم للعهد"، مؤكدين ان "جميع المعنيين اصبحوا في صورة الموقف السوري لقطع الطريق على المتضررين الذين لا يروق لهم استمرار الاستقرار السياسي". وختاماً، قال الزوار ان "الحرص السوري على انجاح المسيرة التي بدأها سيد العهد يوازيه حرص على ترتيب العلاقة بين رئيس الجمهورية وبين حلفاء دمشق باعتبار ان لديهم نظرة موحدة حيال التحديات الخارجية التي يفترض مواجهتها من موقع واحد". على صعيد آخر، زار امس رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري - الذي ينتظر ان يلتقي اليوم اللواء كنعان - رئيس المجلس النيابي نبيه بري وقوّما معاً الوضع في المنطقة واستعرضا آخر المستجدات على الساحة اللبنانية. وينتظر ان يترأس الرئيس بري غداً الثلثاء الاجتماع الموسع للجنة الاعلام والبريد والاتصالات النيابية في حضور نائب رئيس الحكومة وزير الداخلية ميشال المر اضافة الى وزيري الدفاع الوطني غازي زعيتر والهاتف عصام نعمان وقادة الاجهزة الامنية والمدعي العام التمييزي القاضي عدنان عضوم. ويخصص الاجتماع للبحث في قضية التنصت على الهاتف وصولاً الى اعداد اقتراح قانون يرمي الى قوننة التنصت من وحي القوانين المعمول بها في عدد من الدول الاوروبية. وعلمت "الحياة" ان الاتصالات التحضيرية ادت الى صوغ مشروع اولي لوضع اقتراح قانون يراد منه تنظيم التنصت انطلاقاً من حصره في حماية الامن القومي وقمع الجرائم. وبالنسبة لاجتماع الهيئة المشتركة لمكتب المجلس ولجنة الادارة والعدل النيابية، المخصص للنظر في طلب النيابة العامة التمييزية عبر وزير العدل جوزف شاول رفع الحصانة عن النائب حبيب حكيم في قضية اهدار المال العام محرقة النفايات في برج حمود والذي يترأسه الرئيس بري، قالت مصادر نيابية ل"الحياة" ان رئيس المجلس سيكرر في مستهل الجلسة طلبه من النواب التقيد بمبدأ الحفاظ على سرية المداولات وعدم البوح بها، من خلال اللجوء الى التسريبات بواسطة وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة. وأكدت المصادر النيابية ان "الهيئة المشتركة ستأخذ وقتها في درس ما لديها من ملفات تتعلق بطلب رفع الحصانة" تقرير هيئة التفتيش المركزي، ودفوع النائب حكيم، والنص الحرفي لمحاضر اجتماعات مجلس الوزراء والمجلس النيابي بعدما تبين ان هذه القضية كانت اثيرت في الجلسات الرسمية للسلطتين التشريعية والتنفيذية. وأضافت ان "النواب الاعضاء في الهيئة المشتركة الذين عكفوا منذ الخميس الماضي على درس ملف حكيم بعمق وبمسؤولية سيدلون بدلوهم وقد يرتأون دعوة زميلهم حكيم لحضور الاجتماع، لاستيضاحه بعض الامور الواردة في الملفات"، مشيرة الى ان "الهيئة قد تضطر الى عقد اجتماع آخر وربما اكثر قبل ان تتخذ القرار النهائي حيال طلب رفع الحصانة". ونقلت المصادر عن الرئيس بري "رفضه التعليق على طلب رفض الحصانة، خشية ان يؤدي ذلك الى استباق نتائج الاجتماع من جهة والى التأثير على النواب اعضاء الهيئة الذين سينظرون في الملف بما يملي عليهم ضميرهم". ولفتت الى ان بري "كان رسم اطاراً لدور الهيئة، عندما صارح النواب برفضه ادانة البريء او تبرئة المذنب، وبالتالي لن يأخذ في السجال الدائر حالياً في شأن طلب رفع الحصانة"، معتبراً ان "لا علاقة للهيئة النيابية به". وقالت المصادر ان "الهيئة ستنظر ملياً في الملفات المدرجة على جدول اعمالها، ويعود لها في نهاية المطاف اتخاذ القرار اما سلباً او ايجاباً، اي اذا وجد النواب في الملف ما يستدعي عرضه على المجلس النيابي يترك للهيئة العامة حق تقرير رفع الحصانة او عدمه، والا ينتهي الامر عند حدود رد الطلب".