"يمنع دخول الكلاب والأميركيين"... هذه اللافتة ظهرت على واجهة واحد من مطاعم الوجبات السريعة بالقرب من سفارة الولاياتالمتحدة، على رغم ان المطعم يستخدم التكنولوجيات المستوردة من البلد الذي يمنع مواطنوه من الدخول. وفي مقصف آخر في قلب موسكو كان تبادل الحديث بالانكليزية بين زوجين استراليين كافياً لاستثارة أحد الزبائن الذي قلب الطاولة ورمى الطعام على الأرض. ومنذ بدء الغارات على يوغوسلافيا تحولت المنطقة المجاورة للسفارة الأميركية مسرحاً يمور بالغضب ويشهد تظاهرات صاخبة أحرقت خلالها الأعلام الأميركية، وغدت جدران المباني القريبة بمثابة لوحات تخط عليها كلمات بذيئة ضد الرئيس كلينتون، بل بلغ الأمر حد اطلاق النار على السفارة. والغريب أن مشاعر الحقد على واشنطن غدت قاسماً مشتركاً لشرائح عديدة من المجتمع الروسي الذي كان في مطلع التسعينات يعتبر أميركا "صديقاً ومنقذاً". فإلى الضباط المتقاعدين المستعدين للتطوع إلى جانب الصرب، حمل رهبان وقساوسة لافتات كتب عليها "لتحل لعنة الكنيسة على كلينتون". ولوحظ ان كثيرين من المشاركين في التظاهرات ينتمون إلى جيل الشبان الذين كانوا إلى أمد غير بعيد يعدون "جيل البيبسي كولا" ولا يخفون انبهارهم بكل ما هو أميركي. وقال ل "الحياة" سيرغي ماكييف الطالب في كلية الاقتصاد إنه لن يحضر دروساً يلقيها استاذ معار من الولاياتالمتحدة. وأضاف ان "أدمغة الأميركيين بلاستيكية". ويحزم عشرات من المدرسين الأميركيين حقائبهم استعداداً للعودة بعدما قررت إدارات عدد من الجامعات الاستغناء عن خدماتهم احتجاجاً على الحرب البلقانية. وفصل من الجامعة التكنولوجية في سانت بطرسبورغ أربعة استاذة أميركيين وذلك ضمن "استنكار مزدوج" للحرب وللقرار الذي اتخذته واشنطن أخيراً بفرض عقوبات على هذه الجامعة بعد اتهامها بتسريب معلومات عن التكنولوجيات الصاروخية إلى إيران. والعداء للغرب طاول الأموات أيضاً. إذ منعت سلطات مدينة فولغوغراد ستالينغراد سابقاً مراسم فتح مقبرة للجنود الألمان الذين قتلوا هناك في سنوات الحرب العالمية الثانية. ولم تسلم العائلة المالكة البريطانية من الأذى، إذ رفض محافظ الاقليم في شمال روسيا استقبال الأمير مايكل اوف كنت، ابن عم الملكة اليزابيث، وله صلة قربى بالبيت الامبراطوري الروسي. وفي حديث إلى "الحياة" قال العقيد ايفان غيراسيموف إن ما يجري في البلقان هو "الضارة النافعة" للمؤسسة العسكرية. وذكر ان الهياكل الخشبية لجنود اميركا عادت إلى ميادين الرماية، ومعها صورة "الأميركي البشع" لتملأ فراغاً في مديريات التوجيه السياسي التي كانت "فقدت صورة الخصم".