خفضت صناعة النفط الكندية مخصصات عمليات التنقيب والانتاج للسنة الجارية، للعام الثاني على التوالي، بسبب تأثير ازمة اسعار النفط الخام في سيولتها النقدية وارتفاع مستويات مديونيتها، اضافة الى ما وصفه مديرون تنفيذيون لشركات كندية عدة باستمرار الغموض حول اتجاهات الاسعار في المستقبل المنظور. وقدرت مصادر نفطية كندية انفاق الشركات المحلية على مشاريع النفط والغاز السنة الجارية بنحو 9.5 بليون دولار، ما يشكل انخفاضاً اجمالياً بنسبة 17 في المئة عن العام الماضي و41 في المئة عن عام 1997 عندما بلغ اجمالي موازنات التنقيب والانتاج نحو 16 بليون دولار. وأعلنت ثلاث من الشركات الكندية الرئيسية في بيانات منفصلة مطلع الاسبوع الجاري وأول من امس نتائج سلبية متوقعة لأداء العام الماضي، وكشفت في الوقت نفسه عن مستويات عالية من المديونية اضطرتها الى تقليص مخصصات التنقيب والانتاج بنسب راوحت بين 24 و30 في المئة. وأوضحت البيانات ان القسم الاعظم من الخسائر الفعلية التي تكبدتها هذه الشركات الناشطة في التنقيب عن النفط الخام والغاز الطبيعي والعمليات الانتاجية، ناجم عن حدوث انخفاض كبير في قيمة الاصول النفطية بسبب تدني اسعار النفط الخام الى ما دون كلفة الانتاج. وعزت شركة "كريستار انيرجي" المملوكة جزئياً من قبل "ضاو كيميكال" الاميركية وتقدر مبيعاتها السنوية بنحو 400 مليون دولار اميركي، ما نسبته 78 في المئة من خسائرها البالغة نحو 130 مليون دولار، الى انخفاض القيمة الدفترية لأصول نفطية تملكتها في غرب كندا حين كانت اسعار خام "ويست تكساس الوسيط" تناهز 25 دولاراً البرميل في كانون الثاني يناير 1997. وذكرت "رينجر اويل" التي تكبدت هي الاخرى خسائر بنحو 106 ملايين دولار من اجمالي مبيعات يناهز 300 مليون دولار، انها ستجد نفسها مجبرة على شطب نحو 230 مليون دولار من قيمة اصول مماثلة ما لم تتجاوز اسعار المؤشر الرئيسي لمنطقة اميركا الشمالية حاجز 13 دولاراً البرميل قبل الفصل الثالث من السنة الجارية. ولحقت بشركة رئيسية ثالثة، "رينيصانص انيرجي" التي تعتبر انشط الشركات الكندية في عمليات التنقيب عن النفط والغاز في المقاطعات الغربية الغنية بالنفط، البرتا وساسكاتشيوان ومانيتوبا، خسائر هامشية العام الماضي، الا انها اعتبرت نتيجة اعمالها صدمة قاسية اذ بلغت مبيعاتها نحو نصف بليون دولار على رغم انخفاضها بنسبة 14 في المئة مقارنة بعام 1997. واعتبر محللون كنديون الخفض الجديد في مخصصات التنقيب والانتاج مؤشراً على التحديات التي تواجهها صناعة النفط الكندية منذ بدأت اسعار النفط انخفاضها الراهن في النصف الثاني من 1997، وأكدوا ان انخفاض اسعار ويست تكساس الوسيط عن مستوى 13 دولاراً البرميل نسف الجدوى الاقتصادية لنحو 90 في المئة من مشاريع النفط المنجزة في المقاطعات الغربية في العامين الاخيرين. ولم تتوافر معطيات حول الحجم الاجمالي لمخزون مشاريع الفترة المذكورة. الا ان مؤسسة "فيرست انيرجي كابيتال" الكندية اوضحت مدى تأثر الشركات الكندية بتدهور الاسعار، اذ اشارت الى انخفاض نشاطات التنقيب في المقاطعات الغربية العام الماضي بنسبة 32 في المئة مقارنة بعام 1997، وتوقعت انخفاضاً جديداً السنة الجارية بنسبة 18 في المئة. وقالت المؤسسة في دراسة نشرتها اخيراً ان النفط الخام لن يشكل سوى 24 في المئة فقط من اجمالي عدد الآبار المتوقع حفرها السنة الجارية. فمن اصل نحو 8373 بئراً لن يزيد نصيب النفط الخام عن 1999 بئراً على رغم ان هذا العدد يمثل في حد ذاته انخفاضاً بنسبة 32 في المئة عن العام الماضي ويعتبر الأقل منذ بداية التسعينات. وأدت التوقعات المتشائمة الى نشر حال من الفزع لدى شركات الخدمات الكندية التي انخفض عدد حفاراتها العاملة في موسم الشتاء الجاري، الذي يعتبر موسم الذروة، الى 351 حفاراة في مقابل 509 حفارات في الفترة نفسها من العام الماضي. وخسرت القسم الأعظم من نحو 22 الف وظيفة فقدتها صناعة النفط الكندية منذ اعلنت في منتصف 1997 مشاريع نفطية جديدة تقدر استثماراتها بنحو 13 بليون دولار. وسيحرم انخفاض نشاطات الحفريات وارتفاع كلفة الانتاج صناعة النفط الكندية الفرصة لتحقيق زيادات كبيرة في انتاج النفط الخام، وخصوصاً الزيت الثقيل والنفط الاصطناعي المستخرج من حقول الرمال النفطية في المقاطعات الغربية، ما يعتبره المراقبون تطوراً خطيراً من واقع ان حقول المقاطعات المذكورة كانت المصدر الرئيسي لزيادة انتاج النفط الخام الكندي بنحو نصف مليون برميل يومياً في الفترة بين 1984 و1998 حين بلغ انتاج النفط نحو 1.95 مليون برميل يومياً. الا ان بعض المراقبين في السوق الكندية اعرب عن اعتقاده بأن صناعة النفط الكندية تأمل في ان تؤدي الخفوضات الكبيرة التي تتبناها الشركات النفطية على الصعيد العالمي في ما يتعلق بموازنات التنقيب والانتاج، الى تخفيف الآثار السلبية لمخزونات النفط وتساهم في تحسن الاسعار تدريجاً في الأشهر القليلة المقبلة.