تحدثت شركة "تاليسمان انيرجي" الكندية للمرة الأولى عن احتمال بيع حصتها في مشروع النفط السوداني، بينما ذكر محللون كنديون أن شركات نفطية كبيرة بينها "ألف اكيتان" و"توتال فينا" الفرنسيتان وشركة "إيني" الايطالية ربما تفكر في شراء الحصة التي تقدر استثماراتها الأصلية بنحو 540 مليون دولار أميركي لكن قيمتها السوقية ربما تناهز البليون دولار. وقال الناطق باسم "تليسمان انيرجي" ديفيد مان من مقر الشركة في كالغاري أول من أمس: "حصتنا في مشروع النفط السوداني ليست للبيع في الوقت الراهن لكنها ربما تكون كذلك بالسعر والوقت المناسبين". وتملك الشركة الكندية حصة نسبتها 25 في المئة في العمليات الانتاجية والتصديرية التي بدأت فعلياً في أيلول سبتمبر الماضي. وتشاركها في المشروع الذي يطلق عليه اسم "مشروع نفط النيل الكبير" شركة النفط الصينية بحصة غالبية تبلغ نسبتها 40 في المئة وشركة النفط الماليزية "بتروناس كاريغالي" 30 في المئة والحكومة السودانية. وكانت "تاليسمان انيرجي" تعرضت لانتقادات حادة من قبل الحكومة الأميركية ولجنة حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة. كما لوّحت الحكومة الكندية الى احتمال فرض عقوبات على الشركة وأرسلت بعثة خاصة الى السودان في وقت سابق من الشهر الجاري للتحقيق في مزاعم ذكرت أن الحكومة السودانية تستخدم عوائد النفط التي تقدر بنحو 250 مليون دولار لغرض التسلح. وأكد مسؤولو الشركة ل"الحياة" في اتصال هاتفي بطلان هذه المزاعم وأن الحكومة السودانية تستخدم مداخيلها من تصدير النفط الخام لدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية مثل محاربة الفقر وبناء الطرق والمستشفيات، مشيرين في هذا المجال الى أن انفاق العوائد يخضع لمراقبة صندوق النقد الدولي. إلا أن الحملة الإعلامية المحمومة التي تتعرض لها الشركة منذ شراء حصتها من شركة "أراكيس انيرجي" في سنة 1998 في صفقة سهمية قيمتها نحو 200 مليون دولار، اتخذت منحى جديداً في الاسبوع الماضي، اذ قررت ثلاث محافظ استثمارية اميركية تباعاً التخلي عن ممتلكاتها من أسهم الشركة ما يهدد بإضعاف قيمتها السوقية بشكل خطير. وأكد الناطق ان "تاليسمان انيرجي" تتمتع بتأييد مجلس ادارتها وحملة أسهمها لكنه أعرب عن اعتقاده ان الشركة "لن تواجه صعوبة في ايجاد مشتر لهذه الأصول أي حصتها في مشروع النفط السوداني". وذكر المحللون الكنديون ان حصة "تاليسمان انيرجي" ربما تكون موضع اهتمام ليس فقط من قبل الشركات الفرنسية والايطالية بل أيضاً مجموعة "رويال - شل" التي تحدثت تكهنات عن تجديد رغبتها في العودة الى السودان. ويشار الى أن احدى الشركات التابعة ل"شل" وهي "شل انترناشيونال بتروليوم" شاركت في عمليات التنقيب عن النفط في السودان في منتصف الثمانينات. لكن المحللين أعربوا عن اعتقادهم أن خروج "تاليسمان" من السودان سيشكل خسارة كبيرة لصناعة النفط الكندية بسبب ما يتمتع به المشروع السوداني من اقتصاديات مغرية، ولا سيما في ما يتعلق بالكلفة الاجمالية لتطوير المشروع وبشكل خاص كلفة الانتاج والرسوم الحكومية وانعكاساتها على دخل الشركات المساهمة. وعلى رغم ان اجمالي الاستثمارات الأصلية التي وظفتها "تاليسمان" في عمليات الانتاج ومنشآت النقل والتصدير لا تزيد كثيراً على نصف بليون دولار، إلا أن المحللين يعتقدون أن القيمة السوقية لحصة الشركة ربما تتجاوز البليون دولار بقليل باعتبار أن حصتها من الاحتياط المؤكد تبلغ في الوقت الحالي نحو 101 مليون برميل لكنها ترتفع الى نحو 232 مليون برميل بعد أخذ الاحتياط المحتمل والامكانات المستقبلية بعين الاعتبار. وتعترف "تاليسمان" بأن آبار النفط السودانية في منطقة الامتياز التي يبلغ انتاجها حالياً نحو 155 ألف برميل يومياً وترتفع الى 170 ألف برميل مطلع السنة المقبلة تعتبر ذات عائدية عالية مقارنة بعملياتها في مناطق انتاجية عدة بينها كندا وبحر الشمال واندونيسيا، اذ ذكرت أن عوائدها من النفط السوداني تصل بعد اقتطاع نفقات التشغيل والرسوم الحكومية الى نحو 13.2 دولار للبرميل مقابل 13 دولاراً في بحر الشمال و10.3 دولار في كندا و7.3 دولار في اندونيسيا.