يستطيع الموساد الاسرائيلي ان يضيف نصراً جديداً الى سجله الارهابي باعتقاله زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله اوجلان بالتعاون مع ال CIA وتسليمه الى الميت التركي في اطار التعاون المخابراتي بين تركيا واسرائيل، لكن باعتقال اوجلان، هل انتهى حزب العمال الكردستاني وكفاحه المسلح المستمر منذ خمسة عشر عاماً؟ وكيف سيتصرف رفاق اوجلان بعد اعتقاله؟ هذا بالاضافة الى العديد من الأسئلة واشارات الاستفهام التي أثارها وسيثيرها وقوع اوجلان في الأسر. إن أوجلان ورفاقه يتحملون جزءاً من المسؤولية فيما آل اليه مصيره، وذلك لأنهم اخطأوا التقدير في الوثوق بالدول الغربية ولا سيما اليونان التي ظنوا بأنها الصديق الصدوق للأكراد وحزب العمال الكردستاني، وأنها مستعدة لفعل أي شيء من أجلهم ولو على حساب مصالحها، ونسوا بأنها عضو في الحلف الاطلسي والاتحاد الأوروبي، ولها التزاماتها تجاه باقي الاعضاء في الحلف والاتحاد. ولها مصالحها التي سترعاها قبل وعلى حساب الأكراد وأوجلان وحزبه، فالسياسة مصالح فقط ولا سيما لدى الغربيين، وليست اخلاقاً كما يظن البعض. ثم ان أوجلان اخطأ مرة اخرى بتوجهه الى كينيا حيث الوجود المكثف للموساد والپC.I.A ولا سيما بعد تفجير السفارة الاميركية في نيروبي، وهذه الاجهزة الاستخباراتية مرتبطة باتفاقات تعاون وتبادل المعلومات في مكافحة "الارهاب وتسليم المجرمين" على حد زعمهم، مع تركيا. لكن اعداء اوجلان أيضاً مخطئون اذا كانوا يعتقدون بأنهم سيقضون على حزبه وعلى القضية الكردية العادلة في كردستان تركيا باعتقال اوجلان واعدامه لأن مصير حزب وشعب وقضية عادلة لا يمكن ان ترتبط وتتوقف على مصير شخص مهما كان، وان تاريخ الشعب الكردي حافل باستشهاد قادته التاريخيين الذين اعدموا أو اغتيلوا من قبل اعدائهم، ويكفي ان نتذكر الشيخ سعيد بيران وقاضي محمد وعبدالرحمن قاسملو وغيرهم الكثير من القادة والشهداء. والآن وبعد اعتقال اوجلان، خير ما يفعله رفاقه من بعده هو مواصلة النضال والاخلاص لزعيمهم، وأن يتوخوا الحذر ويتصرفوا بهدوء وروية بعيداً عن ردات الفعل والعواطف، والتفكير بعقلانية، ويعيدوا النظر بمواقفهم ويقيّموا المرحلة الماضية من نضالهم بموضوعية وان يستخلصوا العبر والدروس من التجارب والاخطاء السابقة ويتجاوزوا سلبيات الماضي، وان يكون أسر زعيمهم مناسبة لذلك. اما عن محاكمة أوجلان فإن تركيا تتشدد بأن لديها قضاء عادلاً ونزيهاً، ومستقلاً وبأنها ستؤمن محاكمة عادلة لأوجلان. لكن الواقع ومواقف الحكومة التركية توحي بعكس ذلك تماماً، حيث أنها ستحاكم أوجلان أمام محكمة أمن الدولة، وهذه المحكمة تعتبر من المحاكم الاستثنائية غير العادية سواء بأحكامها التي تصدرها انطلاقاً من دوافع ومواقف سياسية أو من حيث تشكيلتها التي تضم في هيئتها من غير القضاة. أو أصول المحاكمات المتبعة أمامها اذ أنها تحرم من يحاكم أمامها من كثير من الضمانات القانونية والحقوقية مثل حرية الدفاع وعلانية المحاكمة وغير ذلك من الضمانات التي يجب توفيرها للمتهم أثناء محاكمته. كما ان الحكومة التركية لن تسمح لممثلي منظمات حقوق الانسان أو محامين أجانب بحضور المحاكمة والدفاع عن أوجلان. كذلك لن يسمح لرجال الصحافة والاعلام أو مراقبين دوليين بالحضور. مما يعني ان محاكمة أوجلان ستكون صورية وشكلية غير عادلة ولا يمكن الوثوق بها أبداً. المحامي عارف جابو - حلب