وجهة تركيا رسمياً أمس الثلثاء الى زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان تهمة "الخيانة العظمى" لقيادته حركة انفصالية تسببت في مقتل حوالى 30 ألف شخص في عمليات عسكرية ضد الدولة. ورفضت طلب الاتحاد الأوروبي السماح لمراقبين أجانب بحضور محاكمته على أساس ان ذلك يعتبر "تشجيعاً على التدخل في استقلالية القضاء". وأبدى مراقبون مخاوفهم من ان يؤدي هذا الرفض الى انزال أقصى عقوبة بالزعيم الكردي وهي عقوبة الإعدام. ورد الأكراد متعهدين بتصعيد عملياتهم العسكرية داخل تركيا وطمأنوا الأوروبيين الى أنهم لن ينقلوا حربهم الى أوروبا. غير أنهم حذروا السواح من التوجه الى تركيا. وجاء ذلك في مؤتمر صحافي في بروكسيل امس، دعت اليه جبهة التحرير الوطني الكردستاني وهي الجناح السياسي لحزب العمال. وتواصلت في أنحاء العالم التظاهرات احتجاجاً على اعتقال اوجلان، فيما اجتمع مسؤولو الأمن الأوروبيون في بون امس للتنسيق في مواجهة الفوضى التي تنجم عن هذه التحركات. وبعد التظاهرات العنيفة التي شهدت اشتباكات مع قوى الأمن واحراق مقرات عامة في سننداج الايرانية، والتي أدت الى اغلاق تركيا حدودها مع ايران أول من أمس، دعت حركة عربية في اسرائيل الى التظاهر اليوم أمام السفارة التركية في تل أبيب ودانت خطف اوجلان الذي اعتبرته "عملية قرصنة دولية بمشاركة الموساد والاستخبارات الاميركية والحكومة الفاشية في تركيا". وفي الوقت نفسه، توافد على روما مئات الأكراد للمشاركة في تظاهرة أمام المحكمة العليا التي "ماطلت" في منح اوجلان حق اللجوء السياسي في ايطاليا. واتخذت السلطات الايطالية اجراءات أمنية كبيرة تحسباً لاضطرابات. الموقف الكردي وفي بروكسيل، أكدت "جبهة التحرير الوطني الكردستاني" ان الأكراد "لن ينقلوا حربهم الى أوروبا لكنهم سيواصلون الكفاح المسلح داخل تركيا ويعملون في الوقت نفسه على ايجاد حل سياسي للقضية الكردية" بمساعدة الاتحاد الأوروبي والمجموعة الدولية. وقالت الناطقة باسم الجبهة في أوروبا ميزغين شين في مؤتمر صحافي عقدته في بروكسيل امس، ان حزب العمال الكردستاني سيعلن في غضون يومين اسماء أعضاء "مجلس رئاسة" الحزب و"ستضم القيادة الجماعية سبعة اعضاء فيما سيظل عبدالله اوجلان زعيماً". وانتقدت شين بشدة ما اسمته "نفاق البلدان الأوروبية لأنها ساهمت عمداً أو سهواً في تسليم اوجلان الى تركيا وذلك من خلال رفضها منحه حق اللجوء أو محاكمته في أوروبا". ووصفت الموقف الأوروبي بالعار، وتساءلت في تعقيبها على بيان الاتحاد الأوروبي: "ما هي الآليات التي وضعتها البلدان الأوروبية لفرض احترام حقوق الزعيم الكردي المعتقل في تركيا؟". وقالت ان البيان الذي اصدره وزراء خارجية الاتحاد أول من أمس في لوكسمبورغ "غيب الحقوق السياسية للاكراد" واكتفى بدعوة السلطات التركية الى اجراء "محاكمة عادلة". وشددت الناطقة باسم الجبهة على ان اعتقال اوجلان لن "يوقف الكفاح الكردي" وان المقاتلين سيواصلون "كفاحهم" ضد القوات التركية في الميدان داخل تركيا. ونفت ان يكون عبدالله اوجلان دعا أنصاره الى إلقاء سلاحهم، واتهمت السلطات التركية بإخضاع الزعيم الكردي "للتعذيب البدني والمعنوي" وشن حملة تضليل في صفوف الرأي العام الداخلي والدولي. وأوضحت ان المقاتلين الأكراد "لن ينقلوا حربهم ضد تركيا الى الساحة الأوروبية". وطالبت الاتحاد الأوروبي في المقابل بپ"ممارسة الضغط على تركيا" من أجل السماح للمراقبين الدوليين والمحامين الاجانب بزيارة الزعيم المعتقل وارسال فريق طبي لفحصه بشكل عاجل. تحذير للسياح وفي موسكو، أكد مسؤول في حزب العمال الكردي ان الأراضي التركية "ستشهد عمليات حربية" اذا لم تحل المشكلة الكردية سلمياً، وطلب من السواح الروس الامتناع عن السفر الى هناك. وأكد المسؤول الكردي ان "أحداً لن يضمن سلامة" السواح في تركيا. وذكر ان أنقره تستخدم عائدات السياحة لشراء أسلحة لقتل الأكراد. وذكر ان انصار حزب العمال لا ينوون مهاجمة السائحين، لكنه أضاف ان "الرصاصة تطيش احياناً". وفي أنقرة، أعلن قاضي محكمة أمن الدولة "إلقاء القبض رسمياً على الزعيم الكردي عبدالله أوجلان وتوجيه تهمة الخيانة العظمى اليه. وفي الوقت نفسه واصلت صحيفة "حرييت" القريبة من المؤسسة العسكرية، نشر مقاطع من "اعترافات" أوجلان جاء فيها ان أثينا "دربت أعضاء من حزب العمال الكردستاني في اليونان وايطاليا وأعطتهم ألغاماً بلاستيكية مضادة للأفراد"، وقدمت تشيكوسلوفاكيا أسلحة وجنوب افريقيا صواريخ، فيما وفرت أرمينيا معسكرات لتدريب مقاتلي الكردستاني. واكتفت الصحيفة بالاشارة إلى أن سورية قدمت "كل أنواع المساعدة". وفي تطور آخر، وافقت محكمة أمن الدولة في أنقرة على الطلب الذي تقدم به 16 محامياً للدفاع عن أوجلان، ومن بينهم رئيس فرع اسطنبول لجمعية حقوق الإنسان ايدين كيسكين. وقال أحد المحامين، عثمان بي داميد، إن "كل ما نطلبه هو مقابلة أوجلان وتذكيره بحقوقه". وكان بي داميد أعلن أن تقديم طلب الدفاع عن الزعيم الكردي المعتقل جاء بناء على تكليفه من قبل شقيق الأخير محمد وشقيقته حقا. وردت وزارة الخارجية التركية أمس على الاتحاد الأوروبي ومواقفه من قضية أوجلان بالقول إن "فكرة الاتحاد ارسال مراقبين لمتابعة المحاكمة تعني تشجيع جهود التدخل في القضاء المستقل". واعتبرت ذلك أمراً غير مقبول و"من غير الممكن القبول بأي محاولات لمساءلة استقلال المحاكم التركية". وطلب بيان وزارة الخارجية التركية من الاتحاد الأوروبي توضيحاً من دولة اليونان العضو في الاتحاد حول دورها وتورطها في قضية أوجلان. وأضاف ان "مصداقية الاتحاد الأوروبي يساء إليها إذا لم يتم سؤال العضو الذي خرق القانون الدولي عن دوره".