بدا امس ان الرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوشيفيتش تمكن من تسجيل نقاط على خصومه الاطلسيين، وذلك على صعيدين: الاول، معنوي تجسّّد في "شعور بالنصر" عمّ الشارع الصربي بعد اسقاط طائرة اميركية من طراز "اف 117 - اي ستيلث" الشبح وعدم تقديم الاطلسي اي تفسير للحادث راجع ص 6 و7. وعلى صعيد ثان، اجبر ميلوشيفيتش الحلف على الدخول في المرحلة الثانية من عملياته وهي اكثر خطورة بالنسبة الى الطيارين الغربيين، الذين استأنفوا ضرباتهم امس مستهدفين التجمعات العسكرية للقوات اليوغوسلافية في كوسوفو. وفي تحد جديد للحلف صعّد الرئيس اليوغوسلافي سياسة إفراغ الاقليم من سكانه عبر تهجيرهم، اذ أرغم آلاف من ألبان كوسوفو على النزوح الى الدول المجاورة واوروبا حاملين معهم تساؤلات حول مصير القادة الألبان الذين أُفيد ان اعداداً منهم تعرضوا للاعتقال. وسرت بين النازحين الى مقدونيا والبانيا المجاورتين اشاعة مفادها ان بين المعتقلين الزعيم الألباني المعتدل ابراهيم روغوفا، علماً ان مصادر الاطلسي قالت انه "يختبئ في مكان سري". وبدأت تظهر مخاوف في الدول الاوروبية من ان يضطر الحلف الى الدخول في "المرحلة الثالثة" والأصعب من عملياته، وهي مرحلة التدخّل البري الذي سارعت الحكومتان الفرنسية والالمانية الى استبعاده، فيما طمأن المسؤولون الاميركيون المتخوفين الى ان هذا الاحتمال "غير وارد" حالياً. وتزايدت المخاوف من اقدام ميلوشيفيتش على توسيع نطاق الحرب، لدى الدول المجاورة ليوغوسلافيا التي سارع بعضها مثل ألبانيا الى المطالبة بانتشار أطلسي بري على حدودها مع الاقليم، فيما سارع البعض الآخر الى الاعراب عن رغبة جديدة في الانضمام الى الاطلسي املاً في ان يتحمل الحلف وزر الدفاع عنها عند الضرورة. ووجدت المخاوف لدى هذه الدول مبرراتها في احتمال تكرر الاعتداء المسلح الذي استهدف امس السفارة الاميركية في موسكو، وقام به مسلحون مجهولون اطلقوا نيران رشاشاتهم على المقر وكادوا يصيبونه بقذيفة "ار. بي. جي" لولا تدخّل الحرس الروسي. ووسط هذه الاجواء المشحونة بالتوتر، برز امس مؤشران ايجابيان تجسدا في وساطة روسية غير رسمية قادها رئيس الوزراء السابق ايغور غايدار، الذي قابل المبعوث الاميركي ريتشارد هولبروك في بودابست قبل ان يتوجه الى روماوواشنطن. كما تحركت وساطة اوكرانية رسمية اذ نقل وزير الخارجية الاوكراني بدريس تاراثيوك رسالة الى الرئيس اليوغوسلافي من نظيره الاوكراني ليونيد كوتشما. وقال وزير الخارجية الاوكراني ان ميلوشيفيتش وافق على لقاء كوتشما "خلال بضعة ايام". وفي واشنطن اكد الرئيس بيل كلينتون عزمه على المضي في العمليات الجوية رغم سقوط طائرة "الشبح" بالقرب من بلغراد. في حين اعلن وزير الدفاع وليم كوهين ومعه رئيس هيئة الاركان المشتركة الجنرال هنري شيلتون ومستشار الرئيس لشؤون الامن القومي صموئيل بيرغر، ان حلف الاطلسي لا يعتزم الآن اشراك القوات البرية في القتال. وقالوا ان الحرب البرية تتطلب وجود مئات الآلاف من الجنود. وقال كوهين في مقابلة مع شبكة "ان بي سي" التلفزيونية امس ان اسقاط طائرة "الشبح" لن يؤثر على مجرى العمليات التي "ستستمر وستتكثف" وستستهدف اهدافاً مختلفة واسعة تتعدى ضرب مراكز القيادة ومخازن الاسلحة والدفاعات الجوية لتشمل القوات الصربية نفسها. واكد شيلتون ان القيادات السياسية الاميركية والاطلسية كانت واضحة في القول بأن لا خطط لديها لاشراك القوات البرية في كوسوفو الا في حال التوصل الى حل سياسي. وتحدث عن صعوبات ادخال القوات البرية. وقال ان البوسنة تطلبت مع وجود حل سياسي، انتشار 60 ألف جندي للمحافظة على السلام. لكن "اشراك القوات البرية في النزاع الحالي يتطلب مئات الآلاف من الجنود ولفترة طويلة من الزمن، في اوضاع خطيرة للغاية. وتابع كوهين ان الرئيس اليوغوسلافي قد يواجه الاتهام بارتكاب جرائم الحرب. وكرر ان واشنطن لا تدعم قيام دولة مستقلة في كوسوفو. وقال ان ميلوشيفيتش "قد يخسر كوسوفو اذا استمر في هذه الحرب". ولاحظ الوزير الاميركي ان لا أدلة لديه الآن على ان الروس يعتزمون اعادة تسليح الصرب. واكدت وزيرة الخارجية مادلين اولبرايت على "التضامن الكبير" بين الدول الاعضاء في حلف شمال الاطلسي. وقالت انها تحدثت السبت الماضي مع وزراء خارجية دول الحلف ال 18 ووجدت لديهم تأييداً كاملاً للعملية واجماعاً على لوم الرئيس اليوغوسلافي. واوضحت ان الجميع يريد حلاً ديبلوماسياً. وكررت القول ان التحالف الاطلسي لا يكن اي عداء للشعب الصربي. وتساءلت الى متى سيتحمل هذا الشعب والجيش هذا الامر!