لم تستطع تسعة قرون من الغياب والفقدان ان تنسي المطران ايزيدور بطيخة ايقونة "سيدة دمشق" التي اختفت في القرن الحادي عشر وعادت للظهور اخيراً في فاليتا عاصمة مالطا بعد رحلة غامضة حلت فيها في اماكن عدة من أوروبا واصابها الكثير من التشويه. فشل محاولات سابقة في اعادة هذه الايقونة الى مكانها الأصلي في كنيسة "سيدة دمشق" وسط دمشق القديمة، لم يمنع المطران بطيخة النائب البطريركي العام للروم الكاثوليك من استعادتها فنياً وكنسياً. وقال المطران بطيخة رئيس لجنة التحضير لاحتفالات عام 2000، ان استعادة الايقونة من خلال الرسم الاصلي لها يندرج ضمن التخضيرات للاحتفال بالالفية الثالثة للميلاد حيث ستزور "سيدة دمشق" كل الكنائس السورية لمدة اسبوع "لترى الواقع الجديد لعالمنا من كون الطوائف مشرذمة، واختلافات مادية بين الناس، وانتشار الفقر في مجتمعنا"، لافتاً الى ان الايقونة التي ترمز الى السيدة العذراء مريم بنت عمران تتمتع بخصوصية خاصة لدى مسيحيي دمشق، وهي كما يقول شفيعة اهل الشام الذين ينسبونها الى لوقا الانجيلي في القرن الاول للميلاد بحسب ما هو متوارث ومتعارف عليه. لكن المطران يرى ان نسبة هذه الايقونة الى لوقا الانجيلي غير ثابتة علمياً وكذلك القول انها رسمت في القرن الاول الميلادي لان التصوير الكنسي بدأ في المسيحية في القرنين الثالث والرابع للميلاد. ويقدر المطران بطيخة بحسب الاستقراءات التاريخية والكنسية ان الايقونة تعود الى القرن السابع الميلادي او الى اوائل القرن الثامن حيث كانت موجودة في احدى الكنائس الدمشقية ولا يعرف تحديداً من هو الفنان الذي رسمها. تاريخياً تقول المصادر انه في القرن الحادي عشر وأثناء غزو الفرنجة الى المنطقة اختفت هذه الايقونة من دمشق ثم ظهرت في قبرص ثم في جزيرة رودوس اليونانية ثم استقرت في فاليتا عاصمة مالطا حيث لا تزال هناك باسم "سيدة دمشق" وقد صنعوا لها تاريخاً. والمطران بطيخة فنان تشكيلي متميز درس الفنون الجميلة في روما وأقام عدة معارض فيها، وانتشرت لوحاته في المجتمعات الاوربية. واضافة الى تعليمه الديني واللاهوتي والفلسفي مارس هواية الرسم حيث مكنته عائداته المادية من بيع اللوحات من الانفاق على دير ضم اللبنانيين الدارسين في روما اثناء الاقتتال اللبناني. لكنه بعد ان اصبح كاهنا انتقل الى الفن الكنسي وبعد ان اصبح مطراناً توقف عن الرسم بسبب اعبائه الكنسية. ويحتفظ المطران في مكتبه بدمشق بعدة ايقونات قام برسمها منها ايقونة "السيد المسيح" وايقونة "مريم" وهي تنحى منحى الفن الكنسي البيزنطي. وعن تحضيراته للاحتفال بالألفية الثالثة يقول بطيخة ان التحضيرات روحية من خلال العظات والمهرجانات والمحاضرات والحج الى معلولا ودير مار الياس "لنجدد الانسان داخلياً"، لكنه اشار الى ان الاحتفال الاهم سيكون "قيام حج مشترك مسيحي - إسلامي الى الجامع الاموي لننقل الى العالم وجه سورية الحضاري في العيش المشترك والمحبة".