مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية يعزز حماية مسجد الجبيل ذي ال 3 قرون من تقدم الزمن    أكثر من 790 مليون ريال استفاد منها مستحقو الزكاة عبر خدمة "زكاتي" للأفراد    محمد آل هيازع: بيعة ولي العهد امتداد لمسيرة التحول ورؤية المستقبل    بريدة: فعالية حقاق خضيراء تسعد الأطفال    "سعود الطبية" تعتمد أحدث تقنيات التصنيع الرقمي لتركيبات الأسنان    نجاح أول علاج بيولوجي لمريض يعاني من مرض جريفز    قطار الحرمين السريع يسجل رقمًا قياسيًا بنقل 48 ألف راكب في يوم واحد خلال شهر رمضان المبارك    "عيد إثراء" 25 فعالية تجمع بين الإبداع والثقافة والبهجة    تقنية "هبوط السلطعون" تساعد الطيارين في مواجهة الرياح الجانبية    فلك لعلوم الفضاء السعودية " تستعد لإطلاق أول مهمة بحثية سعودية إلى الفضاء بنهاية الشهر الجاري    رالي جميل 2025 يجذب إقبالًا دوليًا لافتًا ويتوسع بمسار جديد يعبر الحدود    محادثات الرياض» تحقق اختراقاً على طريق السلام الأوكراني أميركا تعلن الاتفاق مع روسيا على هدنة جزئية… وتشكر ولي العهد السعودي    القيادة تهنئ رئيس جمهورية بنغلاديش الشعبية بذكرى استقلال بلاده    البرلمان العربي يدين قصف كيان الاحتلال لبلدة كويا في سوريا    الأرصاد: أمطار رعدية وسيول على عدة مناطق في المملكة    منظمات أممية تصف أوضاع القطاع ب «مأساة إنسانية».. احتلال غزة.. خطة إسرائيل البديلة لفشل المفاوضات    إنجازات طموحة وبيئة محفزة للابتكار.. 412 مليار ريال مساهمة الصناعة في الناتج المحلي    المرأة السعودية.. تمكين وريادة    باتت وجهة عالمية لاستضافة أبرز البطولات والفعاليات.. الرياضة في المملكة.. قفزات وإنجازات بدعم القيادة الرشيدة    رئيس الإمارات وملك الأردن يبحثان العلاقات الثنائية بين البلدين    ملف الترشيح نال أعلى تقييم في تاريخ الفيفا.. مونديال 2034.. السعودية تحتضن العالم بإرث عريق ومنشآت عصرية    زعيم الشرق الأوسط    ضبط طبيب وافد لمخالفته أنظمة مزاولة المهن الصحية    564 سلة غذائية لمحتاجين في "دير عمار"    نجاة طفل سقط من سيارة تحت عجلات مركبة أخرى    ولي العهد.. بيعة ورؤية ونماء    بيعة الطموحات الكبرى    دعم ريادة الأعمال التقنية والمنشآت الناشئة.. 1.7 مليار تمويل بنك التنمية الاجتماعية    العمارة السعودية.. تنوع ثقافي وجغرافي    أحد أهم مظاهر التحول التنموي والحضاري الكبير.. الحراك الثقافي في السعودية.. تحولات جذرية وانطلاقة عالمية    الكوميديا السعودية تكتسح شاشات رمضان    الفيصل يشكر العاملين في خدمة ضيوف الرحمن    لتسهيل نقل الحالات الطارئة للمستشفيات المرجعية.. تدشين مهبطين لطائرات الإسعاف الجوي بالمسجد الحرام    محافظ جدة يطلع على أنشطة "الهيئة"    المملكة تدين وتستنكر بشدة قصف قوات الاحتلال الإسرائيلية بلدة كويا في سوريا    محمد بن سلمان.. قائد الرؤية وصانع التأثير    نائب أمير مكة يترأس اجتماع لجنة الحج المركزية    15.57% ارتفاعا في السفر الداخلي بالمملكة خلال عيد الفطر    ولي العهد أعاد الأكسجين    ذكرى واستذكار الأساليب القيادية الملهمة    محمد بن سلمان وسنوات التجديد    شارع الأعشى كما نراه    محمد بن سلمان.. سنوات من التحول والتمكين    حماية الطفل تبدأ باحترام رأيه    القاضي الخرجي رمز من رموز العدالة    شغف لا ينتهي    نائب أمير مكة يترأس اجتماع لجنة الحج المركزية    مسيرة الوطن وعز الأمّة    عهد التمكين والتطور    سيكولوجية الصوم    الوعي الذاتي وتأثير الأفكار    أستراليا تتغلّب على الصين بثنائية وتنفرد في الوصافة    صور مشرقة ل"كشافة تعليم الطائف" في خدمة المعتمرين بميقات السيل    رمضان يجمعنا.. مبادرة إنسانية تُنير قلوب الأيتام وتوحد أطياف المجتمع ..    اصطدام طائرتين عسكريتين فرنسيتين خلال عرض جوي    أمير القصيم يرعى حفل تدشين 52 مشروعًا صحيًا بالمنطقة بتكلفة بلغت 456 مليون ريال    القيادة تهنئ رئيس الهيلينية بذكرى استقلال بلاده    تعادل بين كوريا والأردن في تصفيات كأس العالم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فتح القسطنطينية: 29 أيار (مايو) 1453
نشر في الحياة يوم 28 - 05 - 2016

ذكر الكاردينال الروسي إيزيدور في كتابات العديد من المصادر اللاتينية والبيزنطية والعديد من روايات شهود العيان الذين عاصروا الفتح العثماني للقسطنطينية في 1453م. وعلى سبيل المثال أشار الطبيب البندقي نيقولو باربارو في مذكراته إلى وصول الكاردينال إيزيدور إلى القسطنطينية في شهر شباط (فبراير) 1452م، مبعوثاً من بابا روما من أجل إتمام الاتحاد الكنسي بين روما والقسطنطينية.
أمّا الأب ليونارد الخيوسى – الذي هرب من القسطنطينية بعيد سقوطها في قبضة العثمانيين – فيشير إلى أنه عندما تم إرسال إيزيدور ممثلاً للبابا الكاثوليكي لدى السكان البيزنطيين، قام باستدعائه من أجل خدمته. ولبّى ليونارد نداءه عاقداً العزم على القيام بواجبه مدافعاً عن الإيمان الكاثوليكي، ومحاولاً فهم أعراف وتقاليد الكنيسة البيزنطية الأرثوذكسية. لكنه لم يتحدث عن وقوع إيزيدور في الأسر العثمانى، ونجاحه في الهرب.
كما أشار المؤرخ البيزنطي المعاصر خالكو كونديلاس أيضاً إلى وجود الكاردينال الروسي في القسطنطينية أثناء الهجوم العثماني عليها من أجل عملية توحيد الكنيستين. غير أنه أشار في شكل خاص إلى اشتراكه في العمليات العسكرية التي تمت للدفاع عن المدينة. وحسب كلماته «... اتّخذ موقعه وسط البيزنطيين، وحارب معهم بنفسه». ونجح خالكو كونديلاس في تتبع خطى رجل الدين الروسي وسط أحداث الهجوم العثماني، فذكر أنه تمّ أسره، وجلبه لمنطقة غلطة قبل أن يتم بيعه هناك. غير أنه تمكّن من الهرب على متن إحدى السفن.
أما المؤرخ البيزنطي ميخائيل دوكاس فقد واصل تتبّعه للكاردينال إيزيدور ودوره داخل القسطنطينية بعدما رصد وصوله برفقة 50 إيطالياً. وذكر أنه جلب معه أيضا بعض المرتزقة اللاتين من خيوس إلى العاصمة البيزنطية التي وصلوها في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) من العام 1696 لنشأة العالم (1453م). كما أشار أيضاً إلى قيام الامبراطور البيزنطي الأخير باستقبال إيزيدور وصحبه بترحاب كبير. قبل أن يتحدث عن المناقشات التي جرت بينه وبين رجال كنيسة القسطنطينية حول مسألة الاتحاد الكنسي، وهو الأمر التي رفضه غالبية القساوسة والرهبان. أما شاهد العيان الفرنسي (غالبا) ريشيريو الذي عاصر الفتح العثماني للقسطنطينية، فقد أشار إلى وصول إيزيدور إلى المدينة قبل قيام العثمانيين بحصارها بوقت طويل كمبعوث من قبل البابا نيقولاس الخامس. وعنما شاهد نجاح العثمانيين في اقتحام المدينة خطّط للهرب. وقام بارتداء أسمال بالية ليخفي شخصيته، قبل أن يسقط أسيراً في قبضة العثمانيين الذين لم يتعرفوا إلى شخصيته، فقاموا بإطلاق سراحه مقابل بعض المال.
نجح الكاردينال الروسي إيزيدور في الإفلات من قبضة الأتراك العثمانيين، عندما هرب على متن سفينة إلى جزيرة كريت، وهناك قام بكتابة روايته عمّا شاهده بنفسه في القسطنطينية في رسالة شهيرة إلى الكاردينال بيساريون.
بدأ إيزيدور بتذكير بيساريون بأنه أرسل إليه العديد من الرسائل في الفترة السابقة عن سقوط القسطنطينية من دون أن يتلقى رداً واحداً. وذكر أن تفسير ذلك لديه يكمن في أن تلك الرسائل لم تصل نتيجة إهمال سعاة البريد بسبب الحرب أو أنها كانت تصل غير أن بيساريون كان غاضباً ومستاءً مما جرى في القسطنطينية. والتمس إيزيدور العذر له. بل أنه زاد بأن الرب نفسه كان غاضباً بشدة ومعادياً للعاصمة البيزنطية التى كانت تحمل في السابق اسم مدينة قسطنطين Constantinopolis لتحمل الآن اسم مدينة الأتراك Turcopolis.
ثم يدخل إيزيدور في فاصل من الأسى والحزن عندما يستعيد ما شاهده بعينيه من سقوط المدينة في قبضة العثمانيين. فيذكر أنه يشرد ذهنه كمن غاب رشده وصوابه، ويقسم بأن يده تكاد تشلّ وهو يدون المأساة التى تعرضت لها القسطنطينية. وأنه ما زال يذرف الدمع الساخن عليها ليلاً ونهاراً.
أشار الكاردينال إيزيدور إلى اشتراكه في أعمال المقاومة البيزنطية المدافعة عن مدينة القسطنطينية أمام هجمات الأتراك العثمانيين. و ذكر أن أحد الجنود الأتراك أصابه بسهم في الجانب الأيسر من رأسه بينما كان يقف أمام أحد الأديرة.
حدث هذا قبل أن يعود في رسالته إلى التذكير بأنه خرج من مدينة روما في شهر أيار من العام 1452م قاصداً تقديم المساعدة للقسطنطينية. غير أنه لم يصلها إلا بعد ستة أشهر، حيث وجدها محاصرة من قبل العثمانيين.
كما أشار بإعجاب إلى نجاح الأسطول والدفاعات البيزنطية في التصدي للهجمات العثمانية لشهور طويلة. و لم ينسَ أيضاً أن يشيد بالعثمانيين الذين وصفهم بأنهم يمتلكون شجاعة وإصراراً لا يصدّق على ضرورة إسقاط القسطنطينية. كما نوه أيضاً بحلم العثمانيين في السيطرة على أكبر قدر من الأراضي والأقاليم في العالم، و نيتهم في القضاء على المسيحيين.
ونظراً إلى أن الكاردينال الروسي شارك بنفسه في الدفاع عن القسطنطينية فقد لاحظ القوة العسكرية للأتراك العثمانيين. فذكر أن أسطولهم اشتمل على 220 سفينة متنوعة فضلاً عن مئات الألاف من الجنود المقاتلين. بالإضافة إلى المدافع وآلات الحصار الهائلة الحجم، التي لم تستطع أسوار القسطنطينية أن تصمد أمامها. كما أشار إلى إغلاق المدافعين البيزنطيين ميناء القسطنطينية بواسطة سلسلة حديدية ضخمة، بالإضافة إلى وضع السفن البندقية القديمة خلفها. ولم تفته أيضاً – كعادة معظم المصادر المعاصرة – الإشارة إلى نجاح الأتراك العثمانيين في إدخال سفنهم إلى خليج القرن الذهبي مستخدمين الطريق البري. وقيامهم أيضاً بتشييد جسر من غلطه إلى سور القسطنطينية. كما لاحظ ايزيدور استخدام العثمانيين مئات السلالم بعد تثبيتها على أسوار القسطنطينية. فضلاً عن إقامة قلاع خشبية هائلة تتحرك بعجلات تحمى الجنود العثمانيين داخلها، وتقذف الحمم على المدافعين البيزنطيين. ويستمر في روايته ليؤكد أن تواصل إطلاق القذائف العثمانية على القسطنطينية قد أسقط العديد من أسوارها. وهكذا قام العثمانيون في التاسع والعشرين من أيار 1453م باقتحام المدينة.
بعد ذلك انتقل إيزيدور في لغة معبرة ومشحونة بالأسى إلى وصف كيفية قيام العثمانيين بأسر السكان المحليين للقسطنطينية من الطبقة الارستقراطية والطبقات الدنيا. والسيدات والأطفال الذين خطفوا من حضن أمهاتهن، فضلاً عن العذارى من الشابات العلمانيات والراهبات، وكيفية قيام الأتراك بسلب ونهب الكنائس في المدينة. فأشار في شكل خاص إلى اقتحامهم كنيسة أيا صوفيا العريقة، وقيامهم برمي الأيقونات المسيحية المقدسة على الأرض وتحطيمها. وكذا السخرية من المسيحية والذخائر المقدسة وصور المسيح. كما أشار أيضاً إلى أن عمليات القتل والسلب والنهب استمرت في المدينة طوال ثلاثة أيام. بعدها أمر السلطان بقتل القائد البيزنطي المدافع عن القسطنطينية لوكاس نوتاراس وولديه. فضلاً عن إعدام العديد من النبلاء البيزنطيين.
وكان طبيعياً أن ينهي الأب ايزيدور شهادته عن الفتح العثماني للقسطنطينية الموثقة في رسالته للكاردينال بيساريون بأن يذكّر بأن الأتراك العثمانيين ينوون بعد ذلك مهاجمة أوروبا. كما ذكّر بأن العثمانيين يستمعون يومياً إلى سيرة الاسكندر الأكبر وينوون ترسم خطاه و فتح العالم كله. لذا فإنه أرسل رسالة بهذا الأمر إلى البابا الكاثوليكى وإلى ملك أراغون و حكام المدن الايطالية منذ فترة، داعياً الجميع إلى توخى الحذر والاستعداد لمهاجمة الأتراك العثمانيين وإنزال الهزيمة القاسية بهم.
في النهاية، يمكن ملاحظة إشارة الكاردينال إيزيدور إلى أن سقوط القسطنطينية كان تحقيقاً لنبوءة قديمة. وذلك في استمرار لمسألة اعتماد العديد من الكتاب وشهود العيان البيزنطيين واللاتين على العديد من النبوءات في تفسير سقوط القسطنطينية ....... بدلاً من الإشارة إلى أن ذلك قد تحقق فقط بفضل قوة العثمانيين وبراعتهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.