ذكر الكاردينال الروسي إيزيدور في كتابات العديد من المصادر اللاتينية والبيزنطية والعديد من روايات شهود العيان الذين عاصروا الفتح العثماني للقسطنطينية في 1453م. وعلى سبيل المثال أشار الطبيب البندقي نيقولو باربارو في مذكراته إلى وصول الكاردينال إيزيدور إلى القسطنطينية في شهر شباط (فبراير) 1452م، مبعوثاً من بابا روما من أجل إتمام الاتحاد الكنسي بين روما والقسطنطينية. أمّا الأب ليونارد الخيوسى – الذي هرب من القسطنطينية بعيد سقوطها في قبضة العثمانيين – فيشير إلى أنه عندما تم إرسال إيزيدور ممثلاً للبابا الكاثوليكي لدى السكان البيزنطيين، قام باستدعائه من أجل خدمته. ولبّى ليونارد نداءه عاقداً العزم على القيام بواجبه مدافعاً عن الإيمان الكاثوليكي، ومحاولاً فهم أعراف وتقاليد الكنيسة البيزنطية الأرثوذكسية. لكنه لم يتحدث عن وقوع إيزيدور في الأسر العثمانى، ونجاحه في الهرب. كما أشار المؤرخ البيزنطي المعاصر خالكو كونديلاس أيضاً إلى وجود الكاردينال الروسي في القسطنطينية أثناء الهجوم العثماني عليها من أجل عملية توحيد الكنيستين. غير أنه أشار في شكل خاص إلى اشتراكه في العمليات العسكرية التي تمت للدفاع عن المدينة. وحسب كلماته «... اتّخذ موقعه وسط البيزنطيين، وحارب معهم بنفسه». ونجح خالكو كونديلاس في تتبع خطى رجل الدين الروسي وسط أحداث الهجوم العثماني، فذكر أنه تمّ أسره، وجلبه لمنطقة غلطة قبل أن يتم بيعه هناك. غير أنه تمكّن من الهرب على متن إحدى السفن. أما المؤرخ البيزنطي ميخائيل دوكاس فقد واصل تتبّعه للكاردينال إيزيدور ودوره داخل القسطنطينية بعدما رصد وصوله برفقة 50 إيطالياً. وذكر أنه جلب معه أيضا بعض المرتزقة اللاتين من خيوس إلى العاصمة البيزنطية التي وصلوها في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) من العام 1696 لنشأة العالم (1453م). كما أشار أيضاً إلى قيام الامبراطور البيزنطي الأخير باستقبال إيزيدور وصحبه بترحاب كبير. قبل أن يتحدث عن المناقشات التي جرت بينه وبين رجال كنيسة القسطنطينية حول مسألة الاتحاد الكنسي، وهو الأمر التي رفضه غالبية القساوسة والرهبان. أما شاهد العيان الفرنسي (غالبا) ريشيريو الذي عاصر الفتح العثماني للقسطنطينية، فقد أشار إلى وصول إيزيدور إلى المدينة قبل قيام العثمانيين بحصارها بوقت طويل كمبعوث من قبل البابا نيقولاس الخامس. وعنما شاهد نجاح العثمانيين في اقتحام المدينة خطّط للهرب. وقام بارتداء أسمال بالية ليخفي شخصيته، قبل أن يسقط أسيراً في قبضة العثمانيين الذين لم يتعرفوا إلى شخصيته، فقاموا بإطلاق سراحه مقابل بعض المال. نجح الكاردينال الروسي إيزيدور في الإفلات من قبضة الأتراك العثمانيين، عندما هرب على متن سفينة إلى جزيرة كريت، وهناك قام بكتابة روايته عمّا شاهده بنفسه في القسطنطينية في رسالة شهيرة إلى الكاردينال بيساريون. بدأ إيزيدور بتذكير بيساريون بأنه أرسل إليه العديد من الرسائل في الفترة السابقة عن سقوط القسطنطينية من دون أن يتلقى رداً واحداً. وذكر أن تفسير ذلك لديه يكمن في أن تلك الرسائل لم تصل نتيجة إهمال سعاة البريد بسبب الحرب أو أنها كانت تصل غير أن بيساريون كان غاضباً ومستاءً مما جرى في القسطنطينية. والتمس إيزيدور العذر له. بل أنه زاد بأن الرب نفسه كان غاضباً بشدة ومعادياً للعاصمة البيزنطية التى كانت تحمل في السابق اسم مدينة قسطنطين Constantinopolis لتحمل الآن اسم مدينة الأتراك Turcopolis. ثم يدخل إيزيدور في فاصل من الأسى والحزن عندما يستعيد ما شاهده بعينيه من سقوط المدينة في قبضة العثمانيين. فيذكر أنه يشرد ذهنه كمن غاب رشده وصوابه، ويقسم بأن يده تكاد تشلّ وهو يدون المأساة التى تعرضت لها القسطنطينية. وأنه ما زال يذرف الدمع الساخن عليها ليلاً ونهاراً. أشار الكاردينال إيزيدور إلى اشتراكه في أعمال المقاومة البيزنطية المدافعة عن مدينة القسطنطينية أمام هجمات الأتراك العثمانيين. و ذكر أن أحد الجنود الأتراك أصابه بسهم في الجانب الأيسر من رأسه بينما كان يقف أمام أحد الأديرة. حدث هذا قبل أن يعود في رسالته إلى التذكير بأنه خرج من مدينة روما في شهر أيار من العام 1452م قاصداً تقديم المساعدة للقسطنطينية. غير أنه لم يصلها إلا بعد ستة أشهر، حيث وجدها محاصرة من قبل العثمانيين. كما أشار بإعجاب إلى نجاح الأسطول والدفاعات البيزنطية في التصدي للهجمات العثمانية لشهور طويلة. و لم ينسَ أيضاً أن يشيد بالعثمانيين الذين وصفهم بأنهم يمتلكون شجاعة وإصراراً لا يصدّق على ضرورة إسقاط القسطنطينية. كما نوه أيضاً بحلم العثمانيين في السيطرة على أكبر قدر من الأراضي والأقاليم في العالم، و نيتهم في القضاء على المسيحيين. ونظراً إلى أن الكاردينال الروسي شارك بنفسه في الدفاع عن القسطنطينية فقد لاحظ القوة العسكرية للأتراك العثمانيين. فذكر أن أسطولهم اشتمل على 220 سفينة متنوعة فضلاً عن مئات الألاف من الجنود المقاتلين. بالإضافة إلى المدافع وآلات الحصار الهائلة الحجم، التي لم تستطع أسوار القسطنطينية أن تصمد أمامها. كما أشار إلى إغلاق المدافعين البيزنطيين ميناء القسطنطينية بواسطة سلسلة حديدية ضخمة، بالإضافة إلى وضع السفن البندقية القديمة خلفها. ولم تفته أيضاً – كعادة معظم المصادر المعاصرة – الإشارة إلى نجاح الأتراك العثمانيين في إدخال سفنهم إلى خليج القرن الذهبي مستخدمين الطريق البري. وقيامهم أيضاً بتشييد جسر من غلطه إلى سور القسطنطينية. كما لاحظ ايزيدور استخدام العثمانيين مئات السلالم بعد تثبيتها على أسوار القسطنطينية. فضلاً عن إقامة قلاع خشبية هائلة تتحرك بعجلات تحمى الجنود العثمانيين داخلها، وتقذف الحمم على المدافعين البيزنطيين. ويستمر في روايته ليؤكد أن تواصل إطلاق القذائف العثمانية على القسطنطينية قد أسقط العديد من أسوارها. وهكذا قام العثمانيون في التاسع والعشرين من أيار 1453م باقتحام المدينة. بعد ذلك انتقل إيزيدور في لغة معبرة ومشحونة بالأسى إلى وصف كيفية قيام العثمانيين بأسر السكان المحليين للقسطنطينية من الطبقة الارستقراطية والطبقات الدنيا. والسيدات والأطفال الذين خطفوا من حضن أمهاتهن، فضلاً عن العذارى من الشابات العلمانيات والراهبات، وكيفية قيام الأتراك بسلب ونهب الكنائس في المدينة. فأشار في شكل خاص إلى اقتحامهم كنيسة أيا صوفيا العريقة، وقيامهم برمي الأيقونات المسيحية المقدسة على الأرض وتحطيمها. وكذا السخرية من المسيحية والذخائر المقدسة وصور المسيح. كما أشار أيضاً إلى أن عمليات القتل والسلب والنهب استمرت في المدينة طوال ثلاثة أيام. بعدها أمر السلطان بقتل القائد البيزنطي المدافع عن القسطنطينية لوكاس نوتاراس وولديه. فضلاً عن إعدام العديد من النبلاء البيزنطيين. وكان طبيعياً أن ينهي الأب ايزيدور شهادته عن الفتح العثماني للقسطنطينية الموثقة في رسالته للكاردينال بيساريون بأن يذكّر بأن الأتراك العثمانيين ينوون بعد ذلك مهاجمة أوروبا. كما ذكّر بأن العثمانيين يستمعون يومياً إلى سيرة الاسكندر الأكبر وينوون ترسم خطاه و فتح العالم كله. لذا فإنه أرسل رسالة بهذا الأمر إلى البابا الكاثوليكى وإلى ملك أراغون و حكام المدن الايطالية منذ فترة، داعياً الجميع إلى توخى الحذر والاستعداد لمهاجمة الأتراك العثمانيين وإنزال الهزيمة القاسية بهم. في النهاية، يمكن ملاحظة إشارة الكاردينال إيزيدور إلى أن سقوط القسطنطينية كان تحقيقاً لنبوءة قديمة. وذلك في استمرار لمسألة اعتماد العديد من الكتاب وشهود العيان البيزنطيين واللاتين على العديد من النبوءات في تفسير سقوط القسطنطينية ....... بدلاً من الإشارة إلى أن ذلك قد تحقق فقط بفضل قوة العثمانيين وبراعتهم.