الفاتيكان، الناصرة، الرياض، باريس - "الحياة"، ا ف ب، رويترز - اتهم الفاتيكان أمس إسرائيل بأنها تثير انقسامات دينية بين المسلمين والمسيحيين، في الوقت الذي وضع حجر الأساس لمسجد شهاب الدين في مدينة الناصرة، مما أدى إلى جدل نظراً إلى وجوده في محاذاة كنيسة البشارة، أحد أهم الأماكن المسيحية المقدسة. وكان الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد السعودي ابلغ الرئيس ياسر عرفات، خلال اتصال هاتفي اول من امس، تبرعه لبناء مسجد في الناصرة، في موقع غير الذي اختير لبناء مسجد شهاب الدين. ونّوه السفير الفلسطيني لدى السعودية، مصطفى الشيخ ديب في تصريح الى "الحياة" بمبادرة ولي العهد السعودي مشدداً على ان الأمير عبدالله "يولي الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية كل عناية واهتمام، وظهر هذا جلياً في التبرع الذي يأتي تفادياً للاحتقان والاشكالات التي يمكن ان تحدث بين المسلمين والمسيحيين، حرصاً من الأمير عبدالله على الشعب الفلسطيني في هذه الفترة الحرجة التي يمر بها في تاريخ نضاله الطويل". وتابع السفير ان "لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وللأمير عبدالله مواقف ثابتة في مناصرة القضية الفلسطينية". ولفت الى اتصالات تجرى بين السلطة الفلسطينية والقائمين على بناء المسجد في الناصرة ليتم الاتفاق على تحديد موقع مناسب للمسجد والاستفادة من تبرع الأمير عبدالله لبنائه. وجرى احتفال وضع حجر الاساس الذي رعته الحركة الإسلامية في الناصرة، في غياب ممثلين عن الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية، لكن ذلك لم يمنع المراقبين من ملاحظة أن أزمة بناء المسجد افرزت تحالفات "تبدو غريبة"، إذ التقت الحكومة الإسرائيلية، التي سمحت ببناء المسجد، والحركة الإسلامية في مواجهة الكنائس المسيحية والسلطة الفلسطينية. ويبدو ان هذه الأزمة مرشحة للتصعيد بين الكنائس المسيحية، التي أقفلت أبوابها يومي أمس وأول من أمس، وإسرائيل. وحضر وضع حجر الأساس لمسجد ناصر الدين نحو ثلاثة آلاف شخص. وقام بوضع الحجر، الذي غطي بعلم الحركة الإسلامية الأخضر، رئيس الحركة في الناصرة السيد سلمان أبو حمد، في الوقت الذي راح الحشد فيه يهتف: "بالروح بالدم نفديك يا شهاب الدين" الذي سيشيد المسجد تكريماً له، وهو ابن شقيق صلاح الدين الايوبي الذي طرد الصليبيين من القدس في القرن الثاني عشر. ويعتقد المراقبون ان الخطوة قد تزيد العلاقة بين الفاتيكان والدولة العبرية حدة، خصوصاً في ظل التحضير للزيارة التي من المقرر أن يقوم بها البابا يوحنا بولس الثاني للمنطقة في مطلع السنة المقبلة. واتهم الفاتيكان الحكومة الإسرائيلية صراحة أمس بإثارة انقسامات دينية بالسماح ببناء المسجد. ووجه جواكين نافارو فالس كبير الناطقين باسم رأس الكنيسة الكاثوليكية الاتهامات في بيان جاء فيه: "يبدو ان قرار الحكومة الإسرائيلية التصريح ببناء المسجد يفتح السبيل أمام خلافات وتوترات مستقبلية بين المسلمين والمسيحيين". وأضاف الناطق: "اعتقد بأن السلطات السياسية تتحمل مسؤولية كبيرة في هذه الحالة، لأنه بدل الانحياز إلى الوحدة ارست أسس الانقسام" بين المسلمين والمسيحيين. وأشاد بقرار اللجنة الإسلامية العليا في القدس معارضة بناء المسجد. وفي باريس، علقت الناطقة باسم الخارجية الفرنسية آن غازو - سوكريه، على اغلاق الكنائس المسيحية في مدينة الناصرة احتجاجاً على وضع حجر الأساس لمسجد ناصر الدين، "ان على السلطات الروحية الإسلامية والمسيحية وعلى السلطات الإسرائيلية البحث عن حل مقبول لدى مختلف الأطراف". وأشارت إلى "أن فرنسا منتبهة دائماً لأوضاع مسيحيي الأماكن المقدسة، وتأمل في أن تبدي الأطراف إرادة حوار للحفاظ على التعايش التاريخي في المدينة".
