"لوشاتو" و"كورتيغيانو" و"روسيني" و"كربري ديز آرت" و"ماكسيز لونغ فنغ" و"ال غريكو" و"تيا ماريا" و"فلاينغ فيش" وغيرها... آلاف من الاسماء الأجنبية لمتاجر ومطاعم في مصر ينهمك أصحابها في البحث عن حل للخروج من أزمة وضعهم فيها وزير التموين الدكتور أحمد جويلي. فقبل أيام استجاب جويلي لصرخات الاستغاثة التي دأب عدد من المفكرين والمثقفين على اطلاقها على مدى العقدين الاخيرين، تحديداً منذ بدأ عصر الانفتاح الاقتصادي. إذ طالب "باحترام لغة الوطن والتزامها حتى لا تضيع لغة القرآن". ويدرس حالياً تنظيم الإجراءات التي ستتبع لتجريم المنشآت التجارية والصناعية التي تستخدم اللغات الأجنبية في لافتات محلاتها وعلاماتها التجارية. وكاد تهليل المثقفين لهذا القرار يضيع وسط سخط اصحاب المحلات التي عرفت باسمائها الاجنبية لسنوات، بل إن جانباً كبيراً من شهرتها وصيتها يعود الى اسمائها غير العربية. فالنسبة الغالبة من رواد المطاعم الراقية من الشباب ورجال المال والأعمال وضيوفهم وأولئك لا تنجذب الى مطعم "الجحش" يقدم أجود أنواع الفول والفلافل أو "أبو أحمد" مشهور بالكباب والكفتة لأن لزوم "الوجاهة" يحتم أن يدعو الشاب صديقته الى "فرانكوز" أو "ستارلايت"، وأن يدعو رجل الأعمال ضيوفه الى العشاء في "بيانو بيانو" أو "جوستين"، لا في "مسمط الحرم الحسيني" أو "الحاج محمد الرفاعي"، حتى لو كانت نوعية الطعام هنا أفضل. ويقول صاحب أحد محل أن الاسم الاجنبي لمحله خطوة أولى لجذب الزبائن، لأن الطبقة الاجتماعية التي يود أن تتردد على محله هي الشباب المقتدر من الجنسين، وهؤلاء يجتذبهم كل ما هو أجنبي. وهو لا يخجل من القول إن السبب في هذا هو "عقدة الخواجة" عند معظم العرب والمصريين. مع ذلك، انتشرت في القاهرة قبل أعوام مطاعم جديدة فاخرة تحمل اسماء شرقية بحتة، منها "العمدة" و"شيخ البلد" و"الدوار" و"الطيبات" وغيرها. إلا أن هذه الاسماء كانت بمثابة الموضة، ظهرت فجأة وارتبطت بمظاهر أخرى مثل تدخين الشيشة وتناول المشروبات الشرقية من كركديه وتمر هندي وغيرها، ثم تراجعت لمصلحة الاسماء الاجنبية. كان وزير التموين دقيقاً في حديثه، إذ اقتصر على الاشارة الى المنشآت التجارية والصناعية التي لا تستخدم اللغة العربية، ولم يتطرق الى الاسماء الهزلية وإن كانت عربية. وبالتالي فهو لن يتخذ اجراءات ضد "بابا جاب موز" و"كمبوشة" و"بكيزة وزغلول"، وهي محلات تحمل اسماء مركّبة أو مستوحاة من مسلسلات تلفزيونية وافلام. وكانت حمى الاسماء الغريبة انتقلت الى اصحاب المحلات البسطية، ففي قرية الحمام القريبة من قرى الساحل الشمالي، وهي كانت معدمة قبل سنوات، سمى أحدهم ويدعي خميس محله الذي يبيع زجاجات الشامبو والكريم المهربة عبر الحدود الليبية "خميسكو"، وسمى آخر محله "طيور الظلام" وهو يبيع الطيور الحية من دجاج وبط وأوز. ويتساءل البعض: ما الفائدة من استخدام اللغة العربية لاسماء المحلات، في الوقت الذي يعكس فيه المحل كل ما هو أجنبي، وذلك من ديكور الى قوائم الطعام أو البضائع التي يبيعها؟ وماذا عن شوارع تحمل اسماء اجنبية: نهرو، شامبليون، ميدان سيمون بوليفار، بل الأدهى ان شارعاً هو "الجيزة" اصبح شارع "شارل ديغول"؟ والغريب أن قرار وزير التموين نص على عدم الإعلان والدعاية في وسائل الإعلام عن أي سلعة بغير اللغة العربية، لكنه لم يتطرق الى الفتيات الشقراوات ونسبة كبيرة منهن من الاجنبيات، اللواتي يعلنّ عن بضائع غربية النكهة في ديكور غربي بحت. يذكر أن البرلمان المصري أعد تقريراً في ايار مايو الماضي طالب فيه الحكومة بتطبيق قانون صدر في عام 1959، وينص على حظر استخدام الاسماء الأجنبية في المحلات التجارية، إلا أنه لم ينفذ بعد.