حضرت الملكة رانيا زوجة الملك عبدالله بن الحسين افتتاح عرض "الاندلس: المجد الضائع" مساء أول من أمس في لندن بدعوة من السيدة نازك زوجة رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري. وغص مسرح بيكوك باللبنانيين والعرب وعدد كبير من السفراء والاعلاميين العرب والاجانب الذين استمتعوا بعرض فرقة كركلا اللبنانية الذي يقدم منذ سنتين، وكان افتتاحه في معبد جوبيتر في قلعة بعلبك الرومانية مع عودة مهرجانات بعلبك الدولية بعد غياب فرضته الحرب في لبنان. يروي العرض الراقص الغزو العربي لاسبانيا ونشوب الخلافات بين الأمراء المتنازعين على الثروة والسلطة ثم خسارتهم جميعاً في وجه البلد الأوروبي الساعي الى استعادة أراضيه. وتمزج الفرقة كعادتها الرقص المتوسطي التقليدي بالتقنيات الغربية المعاصرة فتخرج بنمط جديد يبتعد باطراد عن الطابع الأول الذي ارتبط اساساً بالدبكة والرقص الشرقي. عبدالحليم كركلا، المدير الفني للفرقة، درس في الستينات مع مارتا غراهام التي تركت أثراً كبيراً في الرقص المعاصر وركزت على الحركة الحرة الواسعة وليونة الجسد كله. وامتد تأثيرها الى خارج الميدان الفني التقليدي اذ يعتمد طريقتها "سيرك الشمس" الكندي الذي يجمع الرقص والغناء وألعاب السيرك ويلقى نجاحاً ساحقاً في عروضه البريطانية. توسع فرقة كركلا دائرة تحركها على المسرح وتغير تشكيل المجموعات الراقصة واتجاهها، فتجعله دائرياً نحو الداخل أو الخارج وتولد لولبة يضيع معها نظر المشاهد المنبهر اصلاً باللوحة الملونة الدائمة التحرك أمامه. تخفيف الجرعة الشرقية جعل البعض يعتقد بأن عبدالحليم كركلا ابتعد عن الأصالة، وشعر كثيرون بالخيبة عند عرض "حلم ليلة صيف شرقي" في أوائل التسعينات في لندن اذ فوجئوا بالتحول الغربي الذي لم يشهدوه خطوة خطوة لابتعادهم عن لبنان. وربما كان ذلك ما دفع كركلا الى التعويض في ختام العرض بتقديم لوحات لم تكن دبكة أو رقصاً شرقياً تماماً وان أوحت بذلك. بدلاً من الصفوف التقليدية للراقصين وخبطة القدم العنيفة، يفضل كركلا لراقصيه الارتفاع عن الأرض والحط عليها بلطف كما لو كانوا طيوراً أو فراشات. وهو يوزعهم على الخشبة كلها فيبدو حتى الفراغ الضئىل المتبقي مليئاً بالحضور واللون. نظم القصائد سعيد عقل والنثر طلال حيدر، وصمم المشاهد المسرحية الفنان التشكيلي وجيه نحله، واشترك مارسيل خليفة ووليد غلمية وشربل روحانا في التلحين. صممت الرقص اليسار كركلا والملابس عبدالحليم كركلا، ودرب توراو سوزوكي ورينو بدراتزيني على الباليه. اخرج العرض ايفان كركلا ورعاه مصرف البحر الأبيض المتوسط الذي دعا الى حفلة استقبال في الختام للقاء الملكة رانية والسيدة نازك الحريري واعضاء الفرقة. وشكر عبدالحليم كركلا للسيدة الحريري دعمها ورعايتها ودعوتها الملكة لحضور لقاء الفرقة بالجمهور البريطاني واللبناني والعربي المقيم في بريطانيا. يذكر ان "الاندلس: المجد الضائع" هو العمل ما قبل الأخير لفرقة كركلا التي قدمت "ضجة بلا طائل" عن وليم شكسبير هذا الصيف في قلعة بعلبك. والعرض اللندني ينتهي غداً السبت بحفلتين نهاراً ومساءً. وفي وقت لاحق، أقامت السيدة الحريري حفلة عشاء خاصة على شرف الملكة رانيا وأعضاء الفرقة في مطعم "فلوريانا" الذي يملكه رجل الأعمال اللبناني سامي حوا.