سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
طالب بالتعامل مع الأقوياء من المسيحيين ودعا الى دمج قضاءين في دائرة إنتخابية رافضاً إلغاء الطائفية قبل إعادة التوازن . بويز : لبنان من دون رأس ولنطبّق الطائف أولاً
"لست مرشح كل الطقوس والظروف والحالات، أما اذا كان هناك من إدراك لضرورة تصحيح كل الأمور في البلد، وإذا كانت الوسائل متوافرة فهذا فخر وشرف". يشبه موقف وزير الخارجية فارس بويز هذا موقف عميد الكتلة الوطنية ريمون اده في الشق المتعلق بتأمين "الوسائل المتوافرة"، حين يتحدث الاخير عن الانسحابات، مع فارق الموقع والشخص. لكن بويز يوضح انه ليس مرشحاً لإدارة ازمة او تصريف اعمال فالمرشحون الى اللقب كثر، ولكن ليس من اجل المضمون. وكثيرون منهم لا يعرف ما هو المضمون. "اننا امام مشكلة اقتصادية حتى لو نجح البعض في تأجيلها تتطلب اجراءات عدة لتفكيكها فاذا كانت الامكانات غير متوافرة لست متحمساً ... اذا اعتقدنا ان هذه الازمة غير خطيرة فأي رئيس لا يمكنه القيام بأي شيء". ورأى في النظرة التي تريد رئيساً ضعيفاً "ان الرئيس الضعيف سيسقط ويسقط حلفاءه معه. ومن هو ضعيف معك ضعيف مع غيرك. واذا كان هذا هو النهج المتبع فأنا لست معنياً بالأمر. اما اذا اعطيت الامكانات فيصبح الامر جذاباً. واذا كانت القوى السياسية تسلم بضرورة تذخير الرئىس بالامكانات فأهلاً وسهلاً وهذا شرف كبير. لكني لست مستقتلاً". يعتمد بويز، وإن لم يقل ذلك، على ما يقال على ان الجانب السوري يثق بسياسته الخارجية من خلال التنسيق المتواصل الذي حصل على هذا الصعيد في السنوات الماضية ويراهن على موقعه كصهر لرئىس الجمهورية وعلى رصيد عائلي ورثه عن والده الكتلوي الراحل نهاد بويز في كسروان، معتبراً انه مصدر شرعية تمثيل مسيحي له. وهنا اجوبته عن اسئلة "الحياة": كان لفشل تجربة الاصلاح الاداري اسباب عدة ما هي في رأيك؟ هل ان تغيير الاشخاص في السلطة يسمح بنجاح هذا الاصلاح أم ان المطلوب اصلاح سياسي يؤدي الى النجاح في الادارة؟ - اعتقد ان اي إصلاح اداري أساسي لان أي سياسة مهما كانت سليمة، عندما تكون الذراع المنفذة لها مضروبة، تصبح خاطئة، إلا ان النظرة الى الاصلاح الاداري لا يمكن إلا ان تكون شاملة. اعتقد اولاً ان الاصلاح الاداري في حاجة الى قرار سياسي، وما دمنا لا ندرك هذا، ونعتقد اننا نستطيع ان نستمر في المحاصصات ولعبة النفوذ السياسي، فاي إصلاح سيكون فاشلاً، لانه يحتاج الى ان يقرر الجميع ان الخطر والاهتراء الاداري يهددان كيان الدولة. وثانياً، على الاصلاح الاداري ان يستند الى خطة عشرية أو خمسية، منها انشاء مبانٍ للادارة. وثالثاً، تجهيز هذه الادارة. ورابعاً، اتخاذ قرار تشحيل الفائض. ومن غير الممكن والمعقول ان نصحح رواتب، ونضيف فائضاً نقرّ بعدم جدواه. وهذا يفترض ايضاً تدريب الجهاز البشري الاداري إما في الخارج وإما عبر خبراء اجانب. وخامساً، عندئذ نحقق سلسلة الرتب والرواتب، تصحيحاً لخلل حصل خلال سنوات الحرب. وسادساً، تفعيل اجهزة الرقابة وتحقيق الشفافية عبر ذلك في التلزيمات والعقود. بعد ذلك تتم مكننة الادارة وإدخالها في علوم التوثيق الحديث اذ ان اساليبها عثمانية. وأخيراً، يجب اعادة النظر في هيكلية الادارة. فهناك وزارات يجب ان تلغى. ان تفريغ الوزارات من مضامينها لمصلحة مجالس او هيئات ليس الحل الامثل. ندفع الآن رواتب لطاقم الوزارات والمجالس فيما احدهما غائب. واذا كانت هذه الهيئات استحدثت اثناء ظروف الحرب فعلينا ان نعود الى الوزارات الشرعية. وعلينا ايضاً اعادة النظر في قوانين الادارة وصولاً الى قانون "من أين لك هذا؟" وإلى قانون الاثراء غير المشروع. هذا القانون من المستحيل تطبيقه من دون رفع السرية المصرفية عن الموظفين والمقرّبين منهم، لانها تمكن هؤلاء من تطويق اي قرار. ادعو في بداية العهد الجديد الى ندوة حكومية أو خلوة تنتج عنها قرارات قاطعة مجسدة وحدة السلطة. فتتم إحالة قوانين على المجلس النيابي وبتفاهم كلي معه. هل تعتقد ان تركيبة ما بعد الطائف ناضجة وقادرة على اجراء تعديلات دستورية كالتي أعلن الرئيس الياس الهراوي نية اقتراحها، تتعلق بمهل توقيع المراسيم وبت القوانين في المجلس النيابي؟ - أرفض ان نستنتج الحاجة الى إصلاحات دستورية، من خلال ممارسة الطائف الخاطئة. فالمبدأ اولاً هو تنفيذ الطائف بروحه ونصّه، لنكتشف بعدها إن كانت الاصلاحات ضرورية أم لا. لكن ان نبدأ بالكلام عن إصلاحات، بتعديلات على الطائف، فيما نحن لم نمتحنه بعد في صدق، فنكون نعد انفسنا للدخول في خطأ اضافي. هل المقصود هنا، احتمال اعادة النظر في موضوع صلاحيات الرئاسات؟ - حتماً. ان ما نتج عن الخلافات الرئاسية يعبّر في وضوح عن ان القرار الهرمي والمسؤولية الهرمية مفقودة الآن في لبنان. هناك تشابك في الصلاحيات. أتحفظ في القول اذا كان هذا التشابك في الممارسة أو في النصوص. ولكن ما هو ظاهر ان لبنان يسير من دون رأس، ومن دون قيادة وان التشابك هو مضيعة للوقت عند رؤساء الجمهورية والمجلس النيابي والحكومة، وانه يلغي حداً كبيراً من المسؤولية. فنحن لا نعلم من يتخذ القرار ومن المسؤول. لا وجود لأوطان من دون قيادة حقيقية بهرمية معينة. قانون الانتخاب، على رغم نص اتفاق الطائف على انجازه، لا يزال يتم التطرق اليه موسمياً. متى تتوقع إنجازه؟ واي دائرة تراها الافضل، الواحدة أم المحافظة أم الدائرة الصغرى على اساس القضاء؟ - العلة الاساسية في قانون الانتخاب كما صدر في انتخابات العام 1992 والعام 1996، والذي سبب بالنسبة اليّ موقفاً من الحكومة حينذاك ومن الدولة عموماً، تكمن في انه مختل، من ناحية اختيار المحافظة تارة، والقضاء تارة اخرى. فأي اساس لاي قانون عادل ومقبول هو ان يكون عامّاً يعتمد صيغة موحدة. وأياً كان الخيار لاحقاً لن يشعر احد لا بغبن ولا باختلال. لا يوجد قانون عجائبي يداوي كل الحالات. قانون الدائرة الواحدة له، ربما نظرياً وأكاديمياً، صفة توحيد اللبنانيين، لكن له عللاً كثيرة، اذ سيطلب من المقترع انتخاب شخص لا يعرفه. ولا يتابع خياره السياسي. لست من دعاته. مبدأ القضاء كما هو الآن ينتج ربما تمثيلاً مباشراً ولكن يحصره بالعلاقات الشخصية والخدمات والقضايا الصغرى. نستطيع الاتجاه نحو حلّ وسط مبني على ضمّ قضاءين، فنكون عالجنا مشكلة القضاء، من دون الوصول الى خيار المحافظة او الدائرة الواحدة. وهذان الحلان يبدوان مستحيلين ووهميين، لجهة صحة التمثيل. ليس من المستحيل تقسيم المحافظات ثلاث دوائر تضم كل منها قضاءين في شكل تكون هذه الدوائر متساوية. عندها نؤمن مقداراً معيناً من الدمج الطائفي. لا يزال قانون اللامركزية الادارية موضع خلاف. هل السبب هو تأخر قانون الانتخاب الذي يتأثر بتوزيع الوحدات الادارية أم ان السلطة المركزية خائفة من التخلي عن جزء من صلاحياتها للسلطات المحلية؟ - الاثنان معاً. اعتقد ان من المستحيل ان نتجه نحو تحصين اداري في معزل عن الرؤية المتعلقة بقانون الانتخاب. ليس هناك مبرر لتخوف السلطة المركزية من ذلك. لكن هناك استئثاراً هدفه هيمنة سياسية. السلطة تعتقد انها من خلال عدم اعطاء الصلاحيات الادارية على مستوى اللامركزية الادارية تتمكن من أن تمسك النواب والمناطق والفاعليات عبر الخدمات الصغرى، وهذا غير سليم. فعلى السلطة ان تعطي البلديات السلطات الموسعة، التي لا تمس بالقرار السياسي المركزي، وان تراقبها. وهذا صعب قبل وضع رؤية نهائية لقانون الانتخاب، اذ لا يعقل ان تكون الدائرة المقبلة شيئاً وان تتم اللامركزية الادارية على قاعدة اخرى. هل يعوض تصحيح التمثيل المسيحي الذي يكثر الحديث عنه اجراء تعديلات دستورية؟ وكيف ذلك؟ - تصحيح التمثيل المسيحي يتضمن شقين: الاشخاص ثم أسلوب التعاطي مع هؤلاء. ماذا حصل فعلاً خلال السنوات الماضية عند المسيحيين؟ كان هناك تمثيل عبر شخصيات مميزة احياناً وعبر شخصيات ضعيفة احياناً اخرى. الدولة اختارت الأضعف، لان بعض الايعازات في بعض الدوائر الصغرى، تلبية لمطالبهم تجعلهم أرخص بكثير من مواجهة شخصيات أعمق تمثيلاً وذات رصيد أكبر، قد تطالب بتصحيح امور على المستوى الوطني. وكان هناك من يشكو احياناً من مشكلة التمثيل المسيحي في حين كان هو احياناً ممن أضعفه، عبر جرّ بعض الاقوياء الى تطويق واضعاف مستمرين. علينا ان نبدأ بتنفيذ الطائف، وبالتعاطي الجدّي والصريح مع مَنْ يمثل المسيحيين عبر النتائج التي صدرت في المناطق وعندئذ سنرى هل ثمة حاجة الى استبدالهم بآخرين. علينا التخلي عن الغرائز الشخصية والمزاجيات والتخوّف من الكلفة السياسية للتعاطي مع من يمثلون. هل يفترض هذا التصحيح مبادرة ما حيال المعارضة المسيحية في الخارج بانواعها؟ - قبل ان نلجأ الى اسماء أو الى اشخاص من الخارج، أو من غير الخارج، هل حاولنا ان نتعاطى مع الشخصيات الموجودة في الداخل في صدق وواقعية؟ اعتقد لا. فلنبدأ بتعاطٍ جدّي معها أكانت من المعارضة ام من الموالاة. الانتخابات النيابية والبلدية أسقطت أوهاماً كثيرة عن حجم معارضة الخارج. فلنبدأ بالتعاطي مع هذه النتائج جدياً لنرى فعلاً هل يمكن تصحيح الامور عبر هذه الطريقة أم لا. أما ان نتجاهل نتائج الانتخابات، فهذا غير طبيعي. الحديث الاسرائيلي عن تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 425 مشروطاً بمفاوضات على ترتيبات امنية ينحسر احياناً ويعود، هل يرجع ذلك الى ان اسرائيل طوت الفكرة لانها لم تلق تجاوباً لبنانياً وسورياً وتشجيعاً اميركياً وفرنسياً ام انها تنتظر الظرف المناسب؟ - لا اعتقد ان الموقف الاسرائيلي حيال العلاقة مع لبنان والجنوب تغيّر منذ محادثات 17 ايار مايو الشهيرة الاتفاق الذي تم التوصل اليه العام 1983 ثم أسقط، اذ ان اسرائيل مع علمها ان استمرار احتلالها للجنوب مكلف لا تزال تؤمن بقبض ثمن سياسي وأمني في لبنان في مقابل الانسحاب. هذه هي الثوابت الاسرائيلية. فاوضنا اسرائيل في واشنطن في اطار عملية السلام من اجل سلام شامل، وكان موقفها دائماً رفض القرار 425 بما يعنيه من ضرورة انسحاب غير مشروط. وكانت تحاول دائماً جرّ الوفد اللبناني الى مفاوضات في شأن الانسحاب مبنية على اتفاق 17 ايار حتى لو كانت في بعض المراحل قبلت بخفض شروطها او تعديلها. لكنها لم تخرج يوماً من المنطق القائل بضرورة فرض شروط. ويمكن تفسير اصرارها عليها بأن حزبَي العمل وليكود في اسرائيل تعاقبا على السلطة وعلى احتلال الجنوب خلال كل هذه السنوات. ولا أحد منهما يريد ان يقرّ بأن هذه السياسة كانت فاشلة ويتخوّفون من عواقب داخلية لأي اقرار بخطأ الاحتلال. الحكومة الاسرائيلية تستعمل القرار الرقم 425 لأسباب تكتيكية. عندما طُرح العرض الاسرائيلي، وكنا رددنا عليه فوراً، وكان يخفي اولاً محاولة تمويه على المفاوضات الفلسطينية المتعثّرة حينذاك عبر الإيحاء بأن اسرائيل تظهر ايجابية. فالطرح الاسرائيلي كان يخبئ فخاً ثانياً، على الصعيد السياسي، هو تعديل القرار 425، اذ اتى يتضمن شروطاً تتناقض معه. فروحيّة القرار تكمن في الظروف التي أقرّه خلالها مجلس الأمن وعلينا ان نعود اليها كما يعود القاضي الى محاضر مجلس النواب التي رافقت ولادة القوانين. وهذه الروحية هي ان يطالب مجلس الأمن اسرائيل بالانسحاب الفوري غير المشروط من دون السماح لها بتحقيق اي مكسب، او اي تفاوض. وكان مجلس الأمن يعتبر ان اي تفاوض يجب ان يحصل طبقاً لآلية سلام شاملة مبنية على القرار الرقم 242، على مستوى سلام شامل عربي - اسرائيلي. لذلك جاء النص دقيقاً وواضحاً وصريحاً مطالباً اسرائيل، بالعودة الى "ستاتيكو"، الى ما قبل هذا التخريب الذي فعلته من خلال الاحتلال في انتظار آلية سلام. عندما تضيف اسرائيل شروطاً، تكون نسفت روحية القرار لجرّ لبنان الى ما هو خارج عن نطاق القرار 242 والسلام. والفخ الثالث في هذا الطرح كان قانونياً، اذ لو نجح بنيامين نتانياهو في جرّنا الى المفاوضات لنسف قانوناً القرار 425 بقوله ان مجرّد قبولنا بمفاوضات اقرار بأنه ليس تطبيقياً ولا تنفيذياً بل يحتاج الى مفاوضات وإلى رأي اسرائيل وموافقتها، بينما نعتبر انه على مجلس الأمن ان ينفّذه في معزل عن رضى اسرائيل او عدمه. عندما ندخل في المفاوضات يكون نتانياهو نجح في ان يحدد سقفها. فاذا لم نوافق عليها نصبح سلبيين حيال تنفيذ القرار 425. سعى الاسرائيلي الى إيهام الرأي العام الدولي بأنه مستعد للإنسحاب، مستعملاً من عبارة "لا إله إلا الله" كلمة لا إله ومتجاهلاً إلا الله، عندما قال ان الحكومة الاسرائيلية تقبل بتنفيذ القرار 425 اذا وافقت الحكومة اللبنانية على المفاوضات للتوصل الى ترتيبات امنية وضمانات، وردت في اتفاق 17 ايار من نقاط تمركز وطواقم تخدمها وطرق تموين وأسلحة ووضع حد للإعلام المعادي لإسرائيل مروراً بإنهاء المقاومة وكل حزب مناهض لها ولو عمل مدنياً الخ... انتهاء بفرض ميليشيا "جيش لبنان الجنوبي" على الدولة. فموقف لبنان كان حكيماً. اذا قررت اسرائيل الانسحاب من دون شروط ترتيبات امنية ومفاوضات، هل يبقى قبول العرض الاسرائيلي مرتبطاً بانسحابها من الجولان؟ - نرحب بأي انسحاب اسرائيلي من دون قيد او شرط فوري وكامل كما نص القرار 425. وعندما يحصل هذا الامر نقول لإسرائيل الله معك و"روحة بلا رجعة". فرضت الظروف الاقليمية تأجيل البحث في بند اعادة انتشار الجيش السوري الذي نص عليه اتفاق الطائف، ويعتقد البعض ان الظروف الداخلية ونمو قدرة الجيش اللبناني باتت تتيح إعادة انتشار جزئية تلائم بين الظروف الاقليمية والظروف الداخلية. - اعادة انتشار الجيش السوري مرتبطة باعتبارين الاول اقليمي ما دامت اسرائيل تحتل لبنان. وفي لعبة التوازنات والمعادلات هذا الوجود سيبقى محتماً. ثانياً في الجانب العسكري نعلم ان وجود الجيش السوري، في البقاع الغربي خصوصاً، هو في شكل او في آخر خط دفاع عن دمشق لأنها على مرمى صاروخي من الحدود الاسرائيلية. ونضيف الى ذلك اعتبارات لبنانية عن قدرة الجيش والقوى الأمنية في لبنان على القيام بواجباتها وتأمين الاستقرار الداخلي وعدم زعزعته من جانب اسرائيل بالوسائل الاستخباراتية التي نشهدها من وقت الى آخر. خضعت العلاقات اللبنانية - السورية لحال من عدم الثقة بين افرقاء لبنانيين وسورية، كيف يمكن ارساؤها على قاعدة الثقة، خصوصاً بين بعض المسيحيين وسورية، علماً ان موضوع السيادة اللبنانية مطروح على الدوام من جانب هؤلاء الافرقاء؟ - العلاقات المسيحية - السورية كانت خلال السنوات الماضية موضع خطأ. البعض بنى موقفه على معاداة سورية، وبنى على صداقة اسرائيل اوهاماً كبيرة. وربما هناك ايضاً مسؤولية سورية بفعل التعاطي مع بعض التكتيكيين من دون المراهنة على من يؤمن باستراتيجية قدر البلدين والشعبين في مواجهة التحديات الاقليمية والدولية. الآن، اعتقد ان الحال المسيحية في لبنان شفيت من هذا المرض، وأن لدى المسيحيين في لبنان اقتناع تام ورغبة صادقة في مصادقة سورية وإدراك تام ان من غير الممكن مواجهة التحديات الاسرائيلية خارج اطار التحالف مع سورية والتضامن بين البلدين، وأن اي تعاطٍ مع الملف الاقليمي في شكل منعزل ومنفرد، يعرّض مصالح لبنان ويجعل اسرائيل تستفرد به، فارضة شروطاً لا يتحملها. لكن هذه الحال يفترض ان تُقطف وتُستثمر في ممارسات داخلية سليمة. يفترض ان يشعر المسيحي انه في ظل التحالف مع سورية، كرامته الشخصية والوطنية وسيادته محفوظة، وأن تمثيله الصحيح هو عبر شخصيات صادقة ومحترمة لا عبر من يزحف اكثر ومن يعد بأكثر مما يستطيع. فتصحيح اسلوب التعاطي الداخلي كفيل بتثبيت الحال الايجابية التي نشأت في السنوات الاخيرة واستكمالها. وهذا يفترض ان تؤلف حكومات تمثل كل الافرقاء تمثيلاً حقيقياً، وأن يكون قانون الانتخابات النيابية عادلاً. ويفترض ايضاً تعاطياً جدياً في القضايا المصيرية وأن يُترك الشأن التفصيلي والداخلي والشؤون الشخصية جانباً. فلبنان القوي والمتماسك بوحدته الوطنية والسيد بقراره والذي يعي مصالحه هو الحليف القوي لسورية. ولبنان المنهمك في خلافاته الداخلية والضائع في سيادته حليف ضعيف يغرق ويُغرِق معه سورية. من هنا اعتقد ان دعم لبنان لإعادة سيادته الكاملة وإعادة وحدته وبناء مؤسساته مع تخطي الاشخاص والظروف والمصالح الآنية، ودعمه في أداء دوره عالمياً واقليمياً يجعله حليفاً قوياً، يستطيع ان يعطي دعماً لنفسه ويوفّر على الآخرين كلفة. معالجة العجز في الخزينة اولوية الأولويات، هل يكفي خفض الانفاق لذلك ام انه يسبب انكماشاً اذا لم يترافق مع اعادة نظر في الاولويات الاقتصادية والاجتماعية؟ - نعاني مشكلة اساسية هي حجم الدين العام وفوائده وعجز الموازنة. والحلول المناسبة للوضع الذي وصلنا اليه، ليست سهلة بل بالغة الدقة ولا حلول عجائبية وفورية. ولا يمكن ان نستمر في نظرة نعلّمها في المدارس للطلاب هي اقتصاد الخدمات. ولا يمكن اي دولة في العالم ان تحصر مراهنتها الاقتصادية في ميدان واحد من دون ان تذهب ضحية التقلبات الدولية. حتى الساعة كانت هناك قطاعات مدللة لأنها مغرية والأرباح فيها اسرع، على حساب قطاعات انتاجية الربح فيها اصعب فلم تول الاهتمام. وإعادة احياء قطاعاتنا الانتاجية اساسي. في الزراعة، عبر سياسة استصلاح الاراضي والري، فلا يجوز ان تهدر الاموال في حفر آبار ارتوازية مكلفة ومضرّة بالبيئة في حين لا توجد اي سياسة ري. ولا توجد صناعات زراعية في شكل كاف. ويجب اعادة التفاوض على اتفاقات التبادل الزراعي بين لبنان والدول الاخرى لان الميزان فيها مختل لمصلحة الغير بنسبة 98 في المئة. ولا يجوز ان يبقى المزارع يتيماً. وينسحب هذا الوضع على الصناعة، فأين القروض الصناعية الحقيقية، وأين التوجيه الصناعي المحترف؟ غير صحيح ان من غير الممكن ايجاد حل لكلفة اليد العاملة اللبنانية، فاذا استمر لبنان ينتج صناعات رخيصة فسنستمر في توظيف يد عاملة اجنبية على حساب اليد العاملة اللبنانية. من قال اننا لا نستطيع التوجه نحو صناعات متطورة وتكنولوجية تسمح للصناعي بأن يدفع رواتب مرتفعة؟ اين السياسة الجمركية التي تؤمّن مواداً اولية غير خاضعة للرسوم الباهظة؟ المطلوب تقويم للوضع بعيداً من الاستمرار في المراهنة على موارد "صفقاتية" خدماتية. قد يكون قطاع الخدمات في لبنان يؤدي دوراً بنسبة 30 او 40 او 50 في المئة، ولكن ان يصب وحده 90 في المئة، فهذا خطر. فبعد الازمة الاقتصادية الآسيوية يحكى عن ازمة في اميركا اللاتينية وعن ازمة عالمية وعلينا ان نوجد اقتصاداً متعدد المصادر. ثم ان خفض عجز الموازنة يمر بتحديد اولويات المشاريع بالحد من التي لا مدخول فيها والتي لا حاجة الى ضخامتها، فضلاً عن ان فاتورة الحال الادارية في لبنان نسبة الى انتاجيتها ضخمة جداً، كأننا في دولة "خيرية" توظف اناساً لا يعملون. لا نستطيع ان نتهرب من فاتورة الدَين العام التي ترتّب بليوني دولار قيمة فوائد سنوياً. وقد تصبح الموازنة فقط لتسديد الديون والفوائد. من هنا يجب اعادة تقويم النظام الضرائبي جذرياً ودرس كل ضريبة على حدة ومدى تأثيرها في طبقات المجتمع ومردودها على خزينة الدولة وفاعلية تطبيقها. لماذا تأخرنا عن دخول اي شراكة مع اوروبا؟ لأننا لا نملك ادارة مالية تمكننا من الانتقال كسائر دول العالم من الضرائب البدائية الجمركية الى الضرائب المتطورة، اي ضريبة القيمة المضافة او ضريبة الدخل وهما تناسبان اكثر الحياة الاجتماعية. التركيز على قطاعات خدماتية بسبب هجرة اليد العاملة للصناعة والزراعة خطير لأننا نسلّم رقبة الوطن لتطورات اقليمية او دولية، تستطيع ان توقعنا في ازمة. وجزء من الازمة يعود الى انخفاض عدد اللبنانيين العاملين في العالم العربي، من 200 الف الى النصف، وإلى انخفاض دخل هؤلاء بفعل ازمة الخليج، وبالتالي انخفاض توظيفاتهم في لبنان بنسبة تتفاوت بين 70 و75 في المئة. كذلك الحال في افريقيا. متى يمكن في رأيك البدء بتطبيق البند المتعلق بالتحضير لإلغاء الطائفية السياسية بحسب الدستور؟ - الغاء الطائفية يجب ان يأتي بعد استقرار طائفي، لا يمكن ان يحصل ما لم تعد الامور الى توازن دقيق يطمئن الجميع. فالانطلاق من خلل طائفي في اتجاه الغاء الطائفية سيسبّب كارثة على المستويات السياسية والنفسية والاقتصادية. الوصول الى حال الطمأنينة والتوازن والاستقرار يجعل الانطلاق من هذه النقطة في اتجاه الغاء الطائفية مستحب ومطلوب. علينا ان نصحح الخلل الطائفي الذي يشعر البعض من جرائه بالغبن والاحباط والقلق على المستقبل والغياب عن الدولة والمؤسسات العامة وعن الدور، لننتقل الى المرحلة الثانية وهي الغاء الطائفية السياسية، التي تمثل الهدف الاستراتيجي. اما سلوك طريق الغاء الطائفية عشوائياً، من دون الأخذ في الاعتبار الحال النفسية وقلق البعض، امر شبه انتحاري، سيفجّر مشكلات عدة وأحقاداً في البلد