بين عصر الحريم وعصر انطلاق المرأة، هناك جيل شق طريقه بصعوبة بالغة متخطياً كل العقبات في محاولة لإثبات وجوده، وليخرج من عباءة الانغلاق الى فضاء الحرية. من هذا الجيل عايدة عبدالعزيز، هوَتْ الفن منذ طفولتها، وقدمته على مسارح مدارسها الاعدادية والثانوية وعندما حصلت على الثانوية العامة، اراد اهلها ان تصبح معلمة، فأدخلوها كلية التربية وعلم النفس رغم انفها. وجاء اختيار الاستاذ لطالبة تؤدي دور شجرة الدر فتقدمت. لكن استاذها في الكلية رفضها. وسألت فعرفت ان السبب عدم نطقها السليم للغة العربية، وكان هذا سبباً في تركها هذه الكلية، فحملت اوراقها وتحرك بها القطار من المنوفية الى القاهرة. وفي العاصمة التحقت بكلية الفنون الجميلة، وتخرجت فيها وهي متشبعة بالتشكيل الفني لكل جوانب الحياة. ولكن عاد السؤال مرة اخرى كيف تمثل وتتعلم النطق السليم؟ فنصحتْ بالالتحاق بمعهد الفنون المسرحية، وهناك بدأ تقديمها ومارست الفن خطوة خطوة. وتخرجت في عام 1960. وكانت بداية مشوارها في التلفزيون في سهرة بعنوان "اغنية الموت" مع حمدي غيث. ثم سافرت الى لندن مع زوجها المخرج احمد عبدالحليم، وظلت هناك خمس سنوات حيث درست الفن الحركي والتمثيلي. وعادت لتواصل مشوارها التلفزيوني، فمثلت في مسلسل "زينب والعرش" الذي صنع لها التحاماً جماهيرياً، ثم انهالت عليها عقود التمثيل بأدوار الأم. واصلت عايدة مشوارها ايضاً في الدراما الاذاعية، ومسرحيات البرنامج الثقافي. ثم سافرت الى الكويت مع زوجها حيث مكثت 22 عاماً، وخلال السفر والعودة لعبت دورها كأم ايضاً مع محمد صبحي في رحلة المليون. وفي السينما قدمت "النمر والانثى" و"خرج ولم يعد" و"إبليس" و"شوق" مع نادية الجندي من اخراج اشرف فهمي، وافلاماً اخرى كثيرة. مع صاحبة هذا المشوار كان ل"الحياة" هذا الحوار: من هم اساتذك الذين تعلمت الفن على ايديهم؟ - جورج ابيض واحمد علام ونبيل الالفي وعبدالرحيم الزرقاني، هؤلاء تعلمت على ايديهم الفن في المعهد. ومن هم ابناء جيلك؟ - فاتن حمامة وسعاد حسني ونادية لطفي ومحسنة توفيق وعبدالله غيث ورجاء حسين وعبدالرحمن ابو زهرة والمخرج احمد توفيق وغيرهم. بماذا افادتك الغربة في بريطانيا؟ - في لندن تفتحت عيناي على الفن والاداء والحركة، هناك تأثرت بالمسرح ومن خلال وجودي في بريطانيا درست المسرح وصوتياته والحركة والاداء. وما تعلمته هناك، ألا بدرّس في مصر؟ - يدرّس، ولكن ليس بالعمق والتدريب نفسيهما، فكل ما يدرس مازال في اغلبيته من اساليب جورج ابيض الكلاسيكية القديمة. واين انتِ من خشبة المسرح في مصر؟ بداياتي كانت على المسرح القومي في "عودة الغائب" عام 1973 وكانت هذه المسرحية بالنسبة لي تحدياً: اكون او لا اكون. وكانت بداية مع النجم محمود ياسين واذكر قبلها كانت مسرحية "دائرة الطباشير" مع محمود ياسين ايضاً، ثم قدمت "لعبة السلطان" وغيرها. ادوارك متنوّعة على خشبة المسرح: الملكة في "عودة الغائب"، وفي "لعبة السطان" وفي "الست هدى" السيدة الارستقراطية. وفي التلفزيون ادوار الام، فأين تجدين نفسك؟ - اجد نفسي في كل دور اؤديه. اما حبسي في ادوار معينة، فهذا يعود الى المخرجين الذين كلما رأوني نجحت في دور ما أسندوا اليّ دوراً شبيها. تجربتك مع الفنان محمد صبحي ماذا تقولين عنها؟ - صبحي متسلط جداً، وهذا التسلط جعله ناجحاً ويتحكم في المؤلف والممثل والنص وفي "رحلة المليون" التي اذيعت في رمضان قبل سنوات، اعلن ان "نعمت" الدور الذي كنت اقوم به، قد قتلني في النص، وحين سألت عن السبب قال: لكي تسافري الى الكويت وفي "يوميات ونيس" احضرني لسيتغل اسمي على مدى 12 حلقة بعدها ظل اسمي مرتبطاً بالحلقات مدة اربع سنوات وفي ونيس ايضاً وليتخلص مني سفّرني الى اميركا. ألم تخوضي تجربة الانتاج؟ - خضتها وفشلت فقد استولى نصّاب على مبلغ 100 ألف جنيه مني وزوجي لإنتاج فيلم "ملف ازرق" ومازال الموضوع منظوراً امام القضاء. وماذا عن حياتك الخاصة؟ - كنت طالبة في معهد الفنون في الصف الاول، وأرسلني الاستاذ نبيل الالفي الى شاب اسمر طويل لأحضر له رواية مسرحية، بعدها اصبحت أنا وهذا الشاب صديقين وتزوجنا. وكان قد مر على صداقتنا اربعة اشهر، وثمرة زواجنا ابني شريف مصري اميركي الجنسية تعلم في اميركا ويعيش فيها، وابنتي التي تعيش في الخارج ايضاً ومتزوجة من الماني. العمل الفني الذي يجب ان يُطرح في السينما والمسرح اليوم؟ - العمل الفني الراقي والقضايا الانسانية التي تجذب المشاهد حتى نعوّده على الالتزام والقيم بدلاً من "حزمني يا" فلا بد ان نعود بالجمهور الى اصالة الفن الراقي. ماذا تقولين عن ظاهرة فيلم "كامننا" الذي لم تتعدّ تكاليفه مليون جنيه لكنه حقق الملايين في حين ان "المصير" كلّف تسعة ملايين ولم يحقق مليوناً في مصر؟ - جمهور "اسماعيلية راح جاي" غير الجمهور المثقف الواعي الراقي. كيف نأتي بجمهور "كامننا" لمشاهدة "المصير". المثقفون قلة، انا لا اطلب من يوسف شاهين ان يهبط لهذا المستوى ولكن اقول له: كيف نرتفع بالجمهور وذوقه الى مستوى المصير. هناك خلل، ولا بد من قياس رأي الناس وعمل استفتاءات فنية. هل الممولون يحدون من انطلاقاتك الفنية؟ - شاهدني رئيس البيت الفني للمسرح في عرض "الست هدى" وقال: لماذا لم يستفد المسرح القومي من عايدة عبدالعزيز. اكبر غلطة انهم لم يوظفوا الطاقات الموجودة، والسبب ان المسؤولين عن المسرح القومي كانوا فنانين، فكانوا يوظفون انفسهم، بينما كنا نقوم بدور الموظفين نلهث وراء عمل فني. وكانت المديرة في يوم من الايام تقول لي يمكنك ان تبقي في الكويت، ونرسل لطلبك اذا اردناك. هذه هي حكاية المسؤولين معي. من اخذ بيدك طوال مشوراك الفني؟ - لم يأخذ بيدي احد سوى جمهوري الذي شجعني دائما. هل تؤمنين بالحظ؟ - نعم .. قيراط حظ ولا فدّان شطارة. حكمتك في الدنيا؟ - اتق شر من احسنت اليه.